تركزت الأنظار والآمال في الأيام الأخيرة على رئيس مجلس النواب نبيه بري بعد مواقفه الأخيرة التي تضمنت ما وُصف بالتنازل عن شرط الحوار كشرط مسبق لفتح أبواب المجلس النيابي لانتخاب رئيس للجمهورية، بالإضافة إلى التخلي عن دعم ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية لصالح رئيس توافقي. وبينما رأى البعض في هذه المواقف محاولة لتحميل المعارضة مسؤولية استمرار الفراغ الرئاسي، يبرز التساؤل حول كيفية قراءة حزب "القوات اللبنانية" لهذا التحول، ومدى التعويل عليه.
في حديث خاص لموقع الكلمة أونلاين، شدد مسؤول جهاز الإعلام والتواصل في حزب القوات اللبنانية، شارل جبور، على أن "التنازل الذي يتحدثون عنه من قِبَل الرئيس بري هو تنازل لفظي فقط، وليس عمليًا".
وأوضح أن "ما أثير حول تراجع الرئيس بري عن شرط الحوار قبل الدعوة إلى جلسة انتخابية كان محل ترحيب من جانبنا، إلا أننا سرعان ما فوجئنا بطرح شروط جديدة من قبله".
وأضاف: "أبرز هذه الشروط هو اشتراط موافقة أكثر من ستةٍ وثمانين نائبًا للدعوة إلى جلسة انتخاب الرئيس، وهو ما يتناقض مع نص الدستور الذي ينص على أن الدعوة إلى جلسة انتخاب الرئيس تكون مفتوحة وتستمر بدورات متتالية، بحيث يُنتخب رئيس الجمهورية في الدورة الأولى بغالبية الثلثين من أعضاء مجلس النواب، أو بالأغلبية المطلقة في الدورات اللاحقة. وعليه، يكفي ألا يقاطع نواب هذا الفريق الجلسات المتتالية ليتم انتخاب الرئيس".
وتابع قائلًا: "ثانيًا، عدم الدعوة إلى جلسة انتخابية قبل وقف إطلاق النار يعني عمليًا ربط الملف الرئاسي بالحرب القائمة". وأوضح جبور في هذا السياق أن "هذا القرار ليس بيد الأطراف الداخلية، ولا يمكن ربط الاستحقاق الرئاسي به، إذ لا أحد يملك السيطرة على توقيت وقف إطلاق النار، في حين أن الدعوة إلى جلسة انتخابية هي قرار حصري بيد الرئيس بري".
وأضاف جبور قائلًا إن "رغم دعوة الرئيس بري الظاهرية لانتخاب رئيس توافقي، إلا أنه في الواقع لم يتخلَ عن دعمه لمرشحه سليمان فرنجية"، معتبرًا أنه "المرشح التوافقي".
وكان الرئيس بري قد أجاب في حديث صحفي عن تساؤلات حول تخليه عن دعم ترشيح فرنجية بالنفي، قائلًا: "من قال إن مرشحنا لا يحظى بالتوافق؟ كل شيء ممكن".
بناءً على ذلك، شدد جبور على أن "التحول في موقف بري لا يعدو كونه شكليًا، مشيرًا إلى أنه "مجرد محاولة مكشوفة لجس نبض فريق المعارضة، بينما موقف المعارضة ثابت وواضح منذ البداية ولم يتغير".
وأوضح جبور: "كنا نتوقع من الرئيس بري، في ظل المآسي التي يمر بها البلد، أن يدعو إلى جلسة انتخابية لرئيس الجمهورية، وكنا نأمل أن يسلك هذا المسار". وأضاف: "التزام الرئيس بري بالدستور كان من المفترض أن يتجلى بتراجعه عن شرط الحوار الذي شكل انقلابًا على الدستور، ولكن ما ظهر لاحقًا هو عكس ذلك"، مشيرًا إلى أن "بري، رغم تراجعه عن بعض الشروط، وضع شروطًا جديدة، مما يبقي الوضع في دائرة مفرغة".
وتعليقًا على دعوة بري للمعارضة لطرح أسماء جديدة تحظى بتوافق الجميع، تساءل جبور: "ما الجدوى من طرح أسماء جديدة ما دام الفريق الآخر متمسكاً بمرشحه"؟. وأكد أن "التوصل إلى إجماع على خيار ثالث يتطلب استعدادًا فعليًا من الطرف الآخر للمضي في هذا الاتجاه. واستمرار فرض الشروط يعني أننا لم نحقق أي تقدم".
واعتبر جبور أن "ما يجري هو مناورة مؤسفة تعمق أزمة الفراغ والفوضى في لبنان"، مضيفًا: "هذه الشروط تعكس رغبة الفريق الآخر في عرقلة انتخاب رئيس للجمهورية حتى الآن".
وفي ما يتعلق باللقاء الذي جمع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع مع عضو كتلة اللقاء الديمقراطي النائب وائل أبو فاعور، موفدًا من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، أوضح جبور أن "أي مقترحات جديدة من التقدمي أُجهضت نتيجة الشروط المستجدة التي وضعها بري".