بالفيديو- شاماتي من قداس سيدة ايليج: آن للضمير ان يصرخ..."كفى"

  • شارك هذا الخبر
Monday, September 16, 2024

ألقى رئيس رابطة سيدة ايليج فادي شاماتي، كلمة في قداس شهداء المقاومة اللبنانية،

جاء فيها:

"منذُ ما يقاربُ خمسةَ عقود، قاومَ اللبنانيُون الأحرارُ وما زالوا، كلَ أشكالِ الاحتلالاتِ والهيمنةِ ومحاولاتِ تفكيكِ أوصالِ الدولةِ ورهنِها لجهاتٍ خارجيةٍ
قاوموا وسقطَ مِن بينِهم آلافُ الشهداءِ والمصابينَ، والباقونَ قرروا المضي في المقاومةِ بصورِها المتعددة، ورغمَ كلَ المصاعبِ لم تمُت فيهم شعلةُ الحريةِ ولن تموت، فهي التي إن عُدِمناها عُدِمنا الحياة
وما الغايةُ من كل تلك الأثمانِ الموجعة ؟ إنه لبنانُ الوطنُ المرتجى، حراً سيداً مستقلاً، وطنُ العيشِ المشتركِ بسلامٍ ومساواة، وطنُ الكرامةِ لحياةِ بنيه والرائدُ في محيطِه العربي.
ولكن أين الوطنُ المُرتجى من الواقعِ اليوم؟
تفككٌ للدولةِ بتعطيلٍ مقصودٍ لانتخابِ رئيسٍ للجمهورية. انحلالُ المؤسساتِ، تغييبٌ متعمّدٌ للدورِ المسيحيّ، نزوحٌ لا يعرفُ إلا ثقافةَ الغزوِ. سرقةُ ودائعِ الناسِ وتفليسُهم. إحتلالٌ كاملُ المواصفاتِ ترهيباً وقتلاً ونهباً، لا ينقُصُه الا الإعلانُ عنه جهارةً.
غبطةَ أبينا
أخطرُ ما في واقعنا اليوم، هي التحولات الكبرى في المنطقةِ بعد حربِ غزّة ومفاعيلِها، التي يسقط ضحيتَها آلافَ المدنيين الفلسطنيين، والتي سترسُمُ في النهاية معالمَ المستقبلِ على طاولةِ التسويات التي يغيبُ عنها لبنان، وتختزلهُ فئةٌ لا ترى الوطنَ إلا ساحةً لمشاريع امبراطوريةٍ لا تخدمُ إلا مصالحَها على حسابِ تدميرِ الأوطان.
وكيف يواجه السياسيون( السياديّون) الرافضون لهذا الواقع؟ وهل هم على قدرِ الأخطارِ وتضحياتِ الشهداءِ والمقاومين ومعاناةِ اللبنانيين؟
للأسف، إن مواقفَهم وأداءَهم ليست في مستوى الأخطار ِالوجوديةِ. وفي أهم الأسباب: غيابُ الرؤيةِ والمشروع الواحد. صعوبةُ التلاقي والتعاون الصادقِ. مكابرةٌ هدّامةٌ وأحيانا مناحَرة، قواعدٌ شعبيةٌ متواجهةٌ وليست متضامنةً، لا مبالاة مع معاناةِ الناسِ وتعزيزِ صمودِهم الاجتماعي. والأنكى، أنهم مدركون ان هناك من يسعى الى تغييرِ وجهَ لبنانَ، وغالبيتهم مُتلَهّونَ بمناكفة مختارٍ او إزاحة رئيسَ بلديةٍ، أو تعداد حصصٍ نيابيةٍ في مجلسٍ يختزِله شخصٌ واحدٌ.
أيها السادةُ السياديّون
سئم الناسُ توصيفَكم المتكررَ لواقعِهم، فهم أدرَى منكم به، اللبنانيونَ غير محبطين. إنهم شعبٌ ينبضُ بالحياة، ولكنَّهم مخذولون. خَذلَتهم الوعودُ البرّاقة. وهبوا كلَ شيء من أجل لبنان من دونِ حسابٍ وتغاضوا عن مُحاسَبَتِكم وهنا خطؤهم الكبير. نزلوا الى الشوارع سَنَة 2005 وسَنَة 2019، اعطوكم الساحاتِ والإمكاناتِ والأصواتِ وسقط منهم الشهداءُ، فبماذا بادلتُموهم؟، غير الوعودِ والتحالفاتِ الهجينةِ، والانتقالِ بهم من السيّىء الى الأسوأ؟
إنه شعبٌ لا يعرفُ اليأسَ ولكنه يعيشُ القَرفَ من أداءِ أهلِ السياسةِ، وفسادِهم، أو ضآلةِ عقولِهِم.
مسؤوليتُكم أمامَهم، وأمام التاريخِ، أن تكونوا في مستوى الأخطارِ التي تهددُ الوطن، مُتحرّرينَ من المكاسبِ الآنيةِ، وأن تبادروا إلى تأسيسِ مشروع وطنيّ جامع، هدفُه تحريرُ لبنانَ،لا يَستثني أحداً، عابرًا للطوائفِ، وقادرًا بالعملِ والمثابرةِ والتضامنِ على أن يُنقذَ لبنانَ من المعادلةِ القاتلةِ ويعيدَ ثقَةَ الناسِ بِكُم.
غبطةُ أبينا
ليس لنا سواكَ نشكو له همومَنا.
نحن، هذه الحُفنةُ من المقاومين ورفاقِ الشهداءِ في رابطةِ سيدةِ إيليج، ليس لناَ زادٌ إلا حُريةُ الضميرِ وقوة المحبةِ، وفي ظل معاناة اللبنانيين المستمرة، آن للضميرِ أن يصرخَ، وللمحبةِ أن تتكلمَ وتقولَ: كفى!
أولاً: لأهلِ السِياسةِ والمسؤولين نقولُ، كفى، كونوا على قَدرِ آلامِ الناسِ وهواجِسِها. قصورُكُم ليست هي الوطن، بل إن الوطنَ هو البيوتُ الفارِغةُ من الرغيفِ والأبناءِ والبناتِ والأحلام.
إن مَن تفرحون باستقطابُهم اليومَ، يُهاجرُ نِصفُهُم غداً، وستعُون متأخرين أنكم اصبحتم نواطيرَ مفاتيح..
ثانياً: إلى حزبِ اللهِ وتوابِعِهِ: نقول
كفى تجبُّراً، نحن قومٌ لا نعرفُ الخوفَ ولا يَهُمُّنا تهديدُ أكثريةٍ أو أقليةٍ. كلنا أقليّات في لبنانَ وَلَهُ. ومحاولتُكم تخويفُنا مردودةٌ لأننا بالله نثق. والحريةُ لنا نهجُ حياة. نموتُ لأجلها.
إن فائضَ القُوةِ والسلاحِ الذي تستبيحونَ بهِ أسسَ الدولة وحقوقَ اللبنانيين بذريعةِ تحريرِ الأراضي المحتلة، ليس إلا فائضاً من الأوهامِ، لانكم لا تعرفون في العمقِ أسُسَ التركيبةِ اللبنانيةِ وثوابِتَها وتعقيداتِها وتعلّقَ اللبنانيين بالحرية.
لبنانَ الذي تريدونُه ترفضُه غالبيةُ اللبنانيّين. سوفَ يَسقُطُ وتسقُطون مَعَه، ولبنانُ لن يتبعَ نموذجَ إيران والعراق واليمن. إرادتُنا ان نُحِبَكم لا أن نواجهَكُم، ولكن إن أجبرتُمونا على ذلك، فاللبنانيون الاحرارُ لن يترددوا
ثالثاً: الى القضاءِ أو غالبيتِهِ، كفى بيعَ الضمائرِ على موائدِ الزعماءِ والمصالحِ الشخصيةِ، والدوسَ على حقوقِ الناسِ وأوجاعهم. لا تنسوا ما قيل: ويلٌ لقاضي الأرض من قاضي السماء.
إن معاناةَ، ودماءَ كلِّ ضَحيةٍ، لا سيّما من ضحايا تفجيرِ مرفأَ بيروتَ، سوف تلاحقُكُم لعنتُها الى يومِ الدينونةِ. إن احدَ اهم أسبابِ انهيارِ لبنان هو انهيارُ القيَمَ لديكم. فالعدلُ هو اساسُ المُلك.
رابعاً: إلى بعض الأخوةِ المسلمين نقول، كفى ضرباً لروحِ الشراكةِ التي ميّزت لبنانَ ولا تزال. لبنان ليس متجراً نتصارعُ فيه على موجوداتِه، بل هو قيمةٌ ورسالةٌ. إن الشراهةَ المزمنةَ على قضمِ حضور المسيحيين بذريعةِ النسبِ العددية، هي خطأٌ مميتٌ ترتكبونَه، لأنكم بذلك تدفعون كثيرين منهم، إلى البحثِ في خياراتٍ أخرى تناقضُ ميثاقَ العيشِ المشترك. الشراكةُ يحدِّدُها طرفان وليس طرفا واحدا. منذ مئةِ عامٍ قال البطريرك الحويك" طائفتي هي لبنان" فتحرروا من شهواتِ القضمِ، سِدّوا رياحَ الخارجِ، وليبقَ لبنانُ وحدَه طائفَتَنا.
خامساً: الى المسيحيينَ نقول.
كفى إمعاناً في التخلي عن فكرةِ لبنان، وطنَ ال 10452 كيلومتراً مربعاً. أليس لهذا سقطَ الشهداءُ وبشير، وتاقت اليه عيونُ الاجداد.؟ (ان فشل التطبيق لا يعني فشل الفكرة، الحل ليس بالهروب بل بتحسينِ مقوماتِ الوجودِ)
كفى احقاداً لا تموت، بل تدمّرُ نسيجَنا الاجتماعي وتضامُنَنا، حبًا لزعيمٍ او موقعٍ. تذكّروا قولَ المسيح " احبّوا بعضَكم بعضاً كما انا أحببتُكم".
كفى تمادياً في ثقافةِ الانتظارِ أو اللامبالاةِ، بادِروا، أقدِموا، آمِنوا، فمن له إيمانٌ بمقدارٍ حبةُ الخردلِ ينقلُ الجبال (أم نسيتم؟).
كفى تدميراً للقيمِ تحت غطاءِ الحرية، بعاداتٍ ومفاهيمَ غريبةً عن اخلاقِنا وقيمِنا وإيمانِنا، بها يُفَسدُ شبابُنا وتتفككُ عائلاتُنا وتُهشَّم تعاليمُ كنيستِنا. الحريةُ للإنسان بدون كرامةٍ وقيّمٍ، هي شهوةُ حيواناتٍ لا حرية بشر.
كفى بيعَ أراضٍ روتها دماءُ الشهداءِ لتبقى.
كفى هجرةً تخَطّت مفهومَ الحاجةِ إلى مبدأ التخلّي.
ويا أيّها المقاومون المجهولون، رجالاٌ ونساءٌ، أمهاتٌ وأباءٌ، شباب ٌوشابات. الذين قدّموا بصمتٍ وما زالوا، كلَ ما استوجَبَه بقاءَ لبنانَ أرضاً للحياةِ والسلام، ولم تعرفوا يوماً إلا الكيلَ بمكيالِ العطاءِ والتضحيةِ دون حساب
انتم كتابُ التاريخِ الحقيقي والموجِعٍ، يروي قصةَ عشقٍ لا تموتُ للوطن، لكم كل الحبِ والتقدير. وما نُصُبَ "المقاوم المجهول"، الذي سيباركُه غبطةُ أبينا البطريرك الحبيبُ في أرضِ العذراء والشهداء، إلا علامةً للأجيالِ الاتيةِ لتؤكدَ، أن لبنان َسيبقى له دوماً مقاومون، غايتُهم السلامَ والحقَ والحريَّة.
رفاقَنا الشهداء، يا دموعَ المآقي ونبضَ الحنينِ وعلامةَ الرجاء، نأتيكم لنجدّدَ العهدَ ونقولُ لكم، إنكُم في ذاكِرَتِنا أكرمُ الناسِ، وفي قلوبٍنا أعزُ الناس، باقون أنتم لنا خميرةً للحريةِ والحق، نعجِنُها كلَ يومٍ للصمود، للبقاء وللبنان.
ويا سيدةَ إيليج يا سُلطانةَ الشهداء، رافقينا في وادي الظُلُماتِ هذا، سدّدي خطانا، نقّي ضمائرَنا وأنيري عقولَنا، شعباً ومسؤولين، لكي يكونَ الخيرَ مرتجانا.
الرحمة للشهداء".