الفرنسيّون يقترعون بكثافة في انتخابات تشريعيّة تاريخيّة... مشاركة قياسيّة هي "الأعلى منذ تصويت 1981"

  • شارك هذا الخبر
Sunday, June 30, 2024

يتوجه الفرنسيون بكثافة الى مراكز الاقتراع، الأحد، في الدورة الأولى من انتخابات تشريعية يواجه الناخبون فيها خيارا تاريخيا، إذ قد تفتح الطريق أمام اليمين المتطرف للوصول إلى السلطة بعد أسبوع.

وبلغت المشاركة ظهرا نسبة قياسية ناهزت 25,9 في المئة مقابل 18,43 في المئة في الساعة نفسها من انتخابات 2022 التشريعية، وفق وزارة الداخلية.

ولاحظ ماتيو غالار، مدير الدراسات في معهد إيبسوس لاستطلاعات الرأي عبر منصة اكس "أنها النسبة الأعلى منذ انتخابات 1981 التشريعية".

وفي مكاتب الاقتراع، لم يخف عدد كبير من الناخبين قلقهم حيال هذه الانتخابات المبكرة التي دعا اليها الرئيس ايمانويل ماكرون في التاسع من حزيران.

وقالت روكسان لوبران (40 عاما) في بوردو (جنوب غرب) "اود أن استعيد الهدوء لأن كل شيء اتخذ منحى مقلقا منذ الانتخابات الأوروبية".

وفي أحياء شمال مدينة مرسيليا على البحر المتوسط والتي تضم عددا كبيرا من السكان من أصول مهاجرة، قرر نبيل اغيني (40 عاما) أن يدلي بصوته رغم عدم مشاركته في الانتخابات الأوروبية، وقال "ما دام الخيار متاحا، الافضل الذهاب للتصويت".

وبادر العديد من السياسيين الى الإدلاء بأصواتهم صباحا.

وقام الرئيس ماكرون بذلك في توكيه (شمال غرب)، فيما صوتت زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبن في هينان-بومون في الشمال.

وتستمر عمليات التصويت حتى الساعة 18,00 (16,00 ت غ) وصولا إلى الساعة 20,00 في المدن الكبرى، على أن تظهر عندها النتائج الأولية لهذا الاستحقاق الذي قد يحدث انقلابا حقيقيا في المشهد السياسي الفرنسي.

ويدلي رئيس الوزراء غابريال اتال بتصريح في المقر العام للحزب الرئاسي "النهضة" بعد الساعة 20,00 (18,00 ت غ)، بحسب أوساطه.

ويحظى حزب التجمع الوطني برئاسة جوردان بارديلا (28 عاما) بـ34 إلى 37% من نوايا الأصوات في استطلاعات الرأي، ما قد يفضي إلى سيناريو غير مسبوق مع حصوله على غالبية نسبية أو مطلقة بعد الدورة الثانية في السابع من تموز.

وتشير استطلاعات الرأي التي يترتب النظر إليها بحذر نظرا لضبابية الوضع، إلى أن التجمع الوطني يتقدم على تحالف الجبهة الشعبية الجديدة اليساري الذي يجمع ما بين 27,5 و29% من نوايا الأصوات، والغالبية الرئاسية الحالية من وسط اليمين التي تحصل على 20 إلى 21%.

- جمعية وطنية متعثرة -
في حال وصل بارديلا إلى رئاسة الحكومة، فستكون هذه المرة الأولى التي تحكم فيها #فرنسا حكومة منبثقة من اليمين المتطرف، منذ الحرب العالمية الثانية.

وخلاف ذلك، ثمة خطر حقيقي يكمن في أن تكون لفرنسا جمعية وطنية متعثرة بدون احتمال تشكيل تحالفات بين معسكرات شديدة الاستقطاب، وهو ما يهدد بإدخال فرنسا في المجهول.

وأحدث الرئيس إيمانويل ماكرون زلزالا سياسيا حقيقيا في التاسع من حزيران حين أعلن فور تبين فشل تكتله في انتخابات البرلمان الأوروبي، حلّ الجمعية الوطنية، في رهان محفوف بالمخاطر كان له وقع الصدمة في فرنسا والخارج.

ورغم تبايناته الداخلية، نجح اليسار خلال الأيام التالية في بناء ائتلاف.

لكن الخلافات بين حزب "فرنسا الأبيّة" اليساري الراديكالي وشركائه الاشتراكيين والبيئيين والشيوعيين ولا سيما حول شخص زعيمه جان لوك ميلانشون، المرشح السابق للرئاسة، سرعان ما ظهر مجددا وغالبا ما ألقى بظلّه على حملة التكتل.

في هذه الأثناء، واصل التجمع الوطني زخمه في حملة ركّزها على القدرة الشرائية وموضوع الهجرة، من غير أن تتأثّر لا بالغموض حول طرحه إلغاء إصلاح نظام التقاعد الذي أقره ماكرون، ولا بالسجال الذي أثارته طروحاته حول إقصاء المزدوجي الجنسية من "الوظائف الإستراتيجية" ولا بالتصريحات الجدلية الصادرة عن مرشحين من صفوفه.

قد يكون من الصعب استخلاص العبر من الدورة الأولى لارتباطها بعوامل كثيرة غير محسومة.

وفي طليعة هذه العوامل الارتفاع الكبير المرتقب في عدد الدوائر التي سيتأهل فيها ثلاثة مرشحين للدورة الثانية، وعدد المرشحين الذين سينسحبون خلال فترة ما بين الدورتين، في حين تراجع على مرّ السنوات الاندفاع إلى تشكيل "جبهة جمهورية" تقف بوجه اليمين المتطرف.

- "وضوح تام" -
ويواجه معسكر الغالبية الرئاسية الحالية أكبر قدر من الضغوط، بعدما انتخب ماكرون رئيسا في 2017 و2022 متحصّنا بضرورة تشكيل حاجز أمام اليمين المتطرف.

ووعد الخميس بـ"بوضوح تام" في تعليمات التصويت للدورة الثانية في حال المنازلة بين الجبهة الوطنية واليسار، لكنه كان حتى الآن يبدي ميلا بالأحرى إلى نهج "لا للجبهة الشعبية ولا لفرنسا الأبية" الذي يقابَل بتنديد من اليسار وانتقادات حتى داخل تكتله.

ومن المقرر أن يجمع ظهر الإثنين رئيس الوزراء غابريال أتال وأعضاء حكومته في قصر الإليزيه لبحث مسألة انسحاب مرشحين والإستراتيجية الواجب اعتمادها بوجه التجمع الوطني.

وتجري هذه الانتخابات بعد سنتين لم يكن خلالهما للتكتل الرئاسي سوى غالبية نسبية في الجمعية الوطنية، ما أرغم الماكرونيين على البحث عن حلفاء كلّما أرادوا طرح نصّ، أو حتى استخدام بند في الدستور سمح لهم بتمرير الميزانيات وإصلاح النظام التقاعدي بدون عمليات تصويت.

ومع فوز التجمع الوطني في الانتخابات الأوروبية بحصوله على 31,4% من الأصوات مقابل 14,6% للمعسكر الماكروني، تسارعت الأحداث دافعة الرئيس إلى اتخاذ خيارات تضعه أمام سيناريو "تعايش" مع بارديلا.

وعرفت فرنسا في تاريخها الحديث ثلاث فترات من التعايش بين رئيس وحكومة من توجهات مختلفة، في عهد فرنسوا ميتران (1986-1988 و1993-1995) وفي عهد جاك شيراك (1997-2002).


أ.ف.ب