كمال ذبيان- الشغور العسكري يتقدّم على الرئاسي والمرشح الثالث لم يسلك طريقه

  • شارك هذا الخبر
Sunday, December 3, 2023

لم تحرك الزيارة الرابعة للموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف ـ لودريان، الجمود الذي يسيطر على الاستحقاق الرئاسي في لبنان، وقد يمتد الشغور في رئاسة الجمهورية الى اجل غير مسمى، وجاءت الحرب الاسرائيلية التدميرية على غزة، لتربط الازمة اللبنانية، بأزمة المنطقة، مع مساندة "حزب الله" للمقاومة الفلسطينية في القطاع وكل فلسطين لتطبيق شعار "وحدة الساحات"، التي تكرّست من لبنان الى العراق وسوريا وصولاً الى اليمن واحتضان من ايران.


فرئاسة الجمهورية، باتت في حالة "الستاتيكو"، وقد مر اكثر من عام، ولم يتمكن مجلس النواب من انتخاب رئيس للجمهورية، بعد عقد 12 جلسة منذ ايلول 2022 حتى 14 حزيران الماضي، فتوقفت الجلسات، منذ ذلك التاريخ، وتعطلت الدعوات من الداخل او الخارج، وكانت آخر المبادرات لرئيس مجلس النواب نبيه بري في ايلول الماضي، عندما اقترح عقد حوار لمدة 7 ايام للتوافق على مرشح لرئاسة الجمهورية، فاذا حصل يكون خيراً، او تحصل عملية الانتخاب بتنافس بين المرشحين، كما حصل في آخر جلسة، بين المرشح رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية المدعوم من الثنائي "امل" و "حزب الله"، والذي نال 51 صوتاً، والمرشح جهاد ازعور، الذي تقاطعت على اسمه قوى ما يسمى معارضة مع "التيار الوطني الحر"، ونال 59 صوتاً، ولم تعقد جلسات بعد ذلك، وتبدّلت المواقف، فتراجع اسم ازعور، ليطرح الموفد الفرنسي مرشحاً ثالثاً، بعد ان وجه في آب الماضي، اسئلة الى كتل نيابية، لتجيب عنها، لكن مبادرته لم تسلك طريقها الى الحوار لمرشح ثالث، واعتبر مناهضون لترشيح فرنجية، ان فرنسا تراجعت عن تأييدها له، وهو ما زال المرشح الثابت لدى "امل" و"حزب الله"، وهذا ما لمسه لودريان في زيارته الاخيرة لهما ومنهما، مع انفتاحهما على الحوار والتوافق، وفق ما رشح من معلومات حول لقاء الموفد الفرنسي، الذي قدم الشغور المقبل في قيادة الجيش على الشغور الرئاسي.




من هنا، فان رئاسة الجمهورية وضعت في الثلاجة، بالرغم من حث اللجنة الخماسية الاطراف اللبنانية على الاسراع في انجاز انتخاب رئيس للجمهورية، وهذا ما نقله باسمها لودريان، من دون ان يطرح اسماء، سوى النصح بالتوجه نحو مرشح ثلاث كتسوية، وفق مصادر متعددة، التقت الموفد الرئاسي الفرنسي، الذي حذر من استمرار الشغور الرئاسي على الامن والاستقرار، كما على مزيد من الانهيار المالي والاقتصادي، وابدى قلقه من عدم وجود قائد للجيش، الذي تقع عليه مهام كبيرة في البقاء على المؤسسة العسكرية متماسكة، وهي التي يمر افرادها وضباطها، بوضع مالي صعب، كما باقي الشعب اللبناني.

فالشغور العسكري، تقدم على الشغور الرئاسي، ونصح لودريان بالتمديد لقائد الجيش العماد جوزاف عون، وهذا ما اغضب طرفا لبنانيا يدعو الى احالته للتقاعد في 10 كانون الثاني المقبل، وتعيين بديل عنه، او تسليم قيادة الجيش للضابط الاعلى رتبة، كما حصل في مؤسسات عسكرية وامنية اخرى، وهذا ما لم يلق تأييداً من البطريرك بشارة بطرس الراعي، الذي التقى وزير الدفاع موريس سليم.

لذلك، فان مواصفات المرشح الرئاسي، ما بعد حرب غزة والنتائج العسكرية والسياسية التي ستظهر، ستكون مختلفة عما قبلها، حيث افرزت هذه الحرب مواقف لاطراف لبنانية، بعضها ليس مختلفاً عما كانت عليه قبل الحرب، لجهة تطبيق القرار 1701 الذي وافق عليه لبنان اثناء الحرب الاسرائيلية عليه صيف 2066، والذي يتضمن نشر الجيش واقامة منطقة منزوعة السلاح، وتطبيق القرارين 1559 و1680 الصادرين عن مجلس الامن الدولي، ويطالبان بنزع سلاح "حزب الله"، اضافة الى الدعوة للحياد، الذي هو "اتفاق سلام" مقنع مع العدو الاسرائيلي، ومثل هذا المرشح، لن يقبله "حزب الله"، ولو كان مرشحاً وسطياً، لان له مواصفاته للمرشح وهو "عدم الغدر بالمقاومة"، وله تجربته مع الرئيس السابق ميشال سليمان، الذي انقلب على المقاومة.



فمع الحرب على غزة، وانخراط "حزب الله" فيها، مسانداً فانه سيتمسك اكثر بمرشحه فرنجية الذي له تاريخه الوطني الى جانب المقاومة ووحدة لبنان، والتعاون مع سوريا، وفق ما يؤكد مسؤول حزبي في خط المقاومة، الذي يكشف، ان "حزب الله" مع حلفائه يستندون الى تجربتين في رئاسة الجمهورية، الاولى اميل لحود، الذي انتهج خط المقاومة، وكرّس معادلة "الجيش والشعب والمقاومة"، ورفض الصدام معها منذ العام 1993، وقرر الاستقالة على ان يطعن ويغدر بالمقاومة، واثبت ذلك في التحرير عام 2000، والعدوان الاسرائيلي على لبنان صيف 2006، وكان رئيساً للجمهورية، والثاني هو ما مارسه الرئيس السابق ميشال عون، بعد تفاهم مار مخايل مع "حزب الله" في 6 شباط 2006، واثناء الحرب صيف العام نفسه 2006، وفي رئاسة الجمهورية، وبعد خروجه منها.

فالمقاومة في غزة، ما زالت صامدة، وتسيطر على مساحة كبيرة من القطاع الذي خرقته قوات الاحتلال الاسرائيلي، في بعض المناطق شمالاً، لكنها لم تقتلع "حماس" ولا قوى المقاومة، ولم تحرر الاسرى بالقوة العسكرية التي حققت بصمودها انجازات، تساندها المقاومة في لبنان كما في العراق واليمن، مما يعني ان "محور المقاومة" حقق انتصاراً، ستكون ترجمته على مستوى الصراع مع العدو الصهيوني، كما على الوضع الرئاسي في لبنان وموقعه في الصراع، فلن يكون رئيس للجمهورية اتت به دبابة الاحتلال الاسرائيلي اثناء غزو لبنان صيف 1982.