لبنان إلى أين سياسيا واقتصاديا على مشارف العام؟ الجزء الخامس والعشرون

  • شارك هذا الخبر
Monday, January 30, 2023


*حمود*:
نستكمل نشر هذه المداخلات القيمة للنخب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحقوقية والإعلامية والفكرية اللبنانية في مطلع العام 2023، والتي حاولنا من خلالها سبر الآفاق السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتوقعة للبنان في مطلع هذا العام الحالي، في ظل استمرار حالة الانحدار السياسي والاقتصادي والمالي والنقدي والقضائي المهول والذي ترافق البارحة مع خبر قد يحمل للبنانيين بصيص أمل بسيط لأنه قد يحمل لنا بعض التفاؤل والرجاء في المستقبل مع توقيع شركة قطر للطاقة لاتفاق الشراكة في عمليات الاستكشاف وإنتاج النفط في البلوكين رقم ٩ و ٤ وذلك مع شركتي "توتال انيرجيز" الفرنسية و"ايني" الإيطالية في القصر الحكومي في بيروت. وتصبح نسب المشاركة في كل اتفاقية من الاتفاقيتين بفعل التنازلات عن نسب المشاركة في الاتفاقيتين العائدتين للرقعتين 4 و9 الموافق عليها أصولاً من قبل مجلس الوزراء (الموافقة الاستثنائية) كالآتي:
توتال انيرجيز 35 % ،إيني 35 % وقطر للطاقة 30%. وتتزامن هذه الشراكة الجديدة مع الإجراءات العملية التي بدأها المُشغّل لتنفيذ أنشطة الاستكشاف والحفر في الرقعة رقم 9 خلال هذا العام وهي أمور مُؤكدة تبعث على بعض التفاؤل ببدء حصول مسار كبح التدهور الاقتصادي ووضع للانحدار ولو بعد حين . هذا الاتفاق بعث إذًا بعض الأمل بأن اتفاقية ترسيم الحدود التي وُقّعت مُؤخراً مع العدو الصهيوني برعاية الولايات المتحدة بدأت فعلياً تعطي بعض ثمارها الإيجابية، علماً بأن الشعب اللبناني لا يزال لديه الكثير من القلق والهواجس والمخاوف أن يجري السطو على هذه الثروة النفطية والغازية من طرف سلطة حاكمة فاسدة، فاشلة لم تُوفّر شيئاً إلا وهدرته ونهبته، خاصةً أموال المودعين الذين وقع معظمهم ضحية أكبر عملية نصب واحتيال عرفها التاريخ الحديث، في أبشع جريمة مالية ارتكبتها المصارف وعصابات السلطة وبتغطية وتسهيلات سخية من حاكم المركزي.

في ظل هذه الأجواء المُلبّدة بالغيوم لبنانياً وإقليمياً على وقع التطورات الحاصلة داخلياً خاصة على مستوى الزلزال الكبير الذي ضرب الجسم القضائي اللبناني منذ أيام، وأيضاً في ظلّ أجواء ساخنة جداً، تُنذر بتصعيد كبير في فلسطين المُحتلة مع حصول بعض الهجمات العسكرية الغامضة التي طالت إيران أيضاً، ما يُؤشّر إلى إمكانية حصول تصعيد خطير وشامل في كل منطقتنا. ننشر اليوم المُداخلة القيّمة للعميد المتقاعد محمد حيدر، وهو من العسكريين القدامى، وكان من الناشطين جداً في الحراكات السابقة. وقد استمرّ بنشاطه ونضاله بطريقة أخرى مختلفة بعد أن ابتعد حراك ١٧ تشرين ٢٠١٩ عن أهدافه الأساسية التي تبنّاها العميد حيدر بالكامل في البداية. ولمن لا يعرف العميد فهو من مواليد عام 1956 في كفردان محافظة البقاع، حائز على شهادة بكالوريا القسم الثاني علوم اختبارية، وسنة أولى حقوق، وسنة أولى كيمياء، تطوع في المدرسة الحربية عام 1980 وتخرج برتبة ملازم عام 1983، تدرج من رتبة ملازم حتى عميد، وتسلّم عدة وظائف آمر فصيلة، وآمر سرية وقائد كتيبة ومساعد قائد فوج المدفعية، وقائد سرية شرطة منطقة الجنوب، ورئيس قسمي الشؤون الاجتماعية في وزارة الدفاع، وضابط عمليات في قيادة الجيش، حائز على عدة أوسمة، منها وسام الأرز ووسام الحرب، وفجر الجنوب، وحائز على إجازة في العلوم العسكرية، ثم تقاعد في العام 2012. شارك في معظم الاعتصامات التي نظمت للمتقاعدين أمام القصر الجمهوري، ومجلس النواب، والسرايا الحكومي، ومحاصرة البنك المركزي، ومبنى الواردات. كان مسؤولاً عن معظم بيانات العسكريين المتقاعدين من العام 2017 حتى العام 2019 . ولكنه كما ذكرنا، عاد وانكفأ عن المشاركة فيما يسمى ثورة 17 تشرين بعد ما حصل فيها من انحرافات عن أهدافها.

*حيدر:*
مع بداية العام 2023 ستتفاقم الأزمات وتزداد العقوبات الدولية وخاصة الأميركية، فالدولار يتصاعد بشكلٍ غير طبيعي، ومن دون مُبرّر، ويترافق مع صمت داخلي، وكأن ما يحصل هو شيء طبيعي، ازدياد حالات إطلاق النار لأسباب تافهة ولا تستدعي القتل، السرقات تزداد، والفلتان يتوسّع، والخطوط الحمر تتكاثر، من هنا أقول واستنتج بأننا ذاهبون إلى الانهيار الشامل والفوضى العارمة والتقوقع في البيوت والأحياء والزواريب. لن يستخرج النفط ولا الغاز ولو أنه جرى الاتفاق على التنقيب، لأن التنقيب والاستخراج والتسويق يلزمه سنوات، ولا نعرف ما هي حصة الخزينة في ظل الفساد المستشري والمحاصصة واللامبالاة بمصلحة الوطن والمواطن، إضافة إلى تضارب المصالح بين لبنان والعدو الإسرائيلي، والضغط الدولي لمصلحة إسرائيل. ولن يكون هناك كهرباء وخِدمات ما دامت الجباية مفقودة، والرقابة غائبة، بسبب الاستفادة من سوق الفيول ومحميات أصحاب المولدات، القطاع المصرفي يعمل لإعادة مخزونه من جيوب المواطنين بغطاء سياسي وقضائي من دون الأخذ بالحسبان مصلحة الوطن وثقة المواطن، ومخالفًا للقوانين والاتفاقيات، حاكم البنك المركزي يتلاعب بالدولار ويطبع الليرة من دون حسيب أو رقيب بغطاء سياسي وقضائي، قضاء منقسم على نفسه ومشلول. الولاء للوطن مفقود. مليونان ونصف مليون نازح سوري يمنعون من العودة لتوطينهم بقرار أممي وتواطؤ داخلي لأسباب سياسية وديموغرافية وشخصية، فكيف لدولة أن تتحمل أعباء هذا الكم الهائل من النازحين والذي سيتجاوز نصف عدد السكان، فضلًا عن السرقات والجرائم، بحيث أصبح عدد النازحين المساجين يشكلون أكثر من 40% في السجون . غياب أي خطة إنقاذية لأسباب سياسية خارجية وداخلية ومنافع شخصية. لبنان ذو وجهين: وجه شرقي، والآخر غربي، لذلك هو في صراع دائم، فهو يهتز ويستقر وفقًا لموازين القوى الإقليمية والدولية ومصالح كل منها. لهذا لبنان سيكون هامشياً على خريطة العالم، بسبب المتغيرات والصراعات الحاصلة بتخطيط خارجي وتنفيذ داخلي ، لبنان لن يكون همزة الوصل بين الشرق والغرب، وليس محطة إستراتيجية، العصر الحجري قادم لمن سيبقى وسيرى، وهذه ليست نظرة تشاؤمية بقدر ما هي تحاليل وقراءات واستنتاجات من الداخل والخارج. فكل ما يحصل في الداخل وكل ما يخطط في الخارج لا ينذر بالخير في الأيام القادمة، استقرار لبنان مرتبط باستقرار سورية، وبزوال إسرائيل. فمسؤولينا دمّروا كل شيء، ومستعدون، وهم جاهزون لحرق كل ما يبقى من هذا الوطن لأجل مصالحهم ومناصبهم . خلاص هذا الوطن يكون بتغيير الطبقة الحاكمة التي أنتجتها الحرب الأهلية بطبقة نظيفة تعمل لبناء وطن، فلبنان ليس فقيرًا، ولديه موارد لا بأس بها، خاصة أموال المغتربين والتجارة الحرة، والأموال غير المنظورة، وغيرها الكثير من الإيرادات التي تعيد عافية الدولة خلال سنتين، المهم حكام نزيهون وشعب أكثر وعيًا. ختاماً، شعب عظيم منقسم على نفسه طائفياً ومذهبياً ومناطقياً، يؤلّه الزعيم حتى لو رماه في الجحيم.

*د طلال حمود-ملتقى حوار وعطاء بلا حدود-جمعية ودائعنا حقّنا*.