في خمسينيات القرن الماضي سطع نجم جمال عبد الناصر، وسعى إلى زعامة الدول العربية من بوابة القضية الفلسطينية. ورغم عدائيته تجاه اسرائيل والغرب، أغدقت الولايات المتحدة سنوياً على مصر مئات الملايين من الدولارات وموّلت بناء السدّ العالي. لا شك ان الولايات المتحدة استغلت ظاهرة عبد الناصر وما شكّله من خطر ثوري على الأنظمة الملكية العربية لتعزيز علاقاتها بهذه الدول ومكاسبها منها. في العام ١٩٦٧، نتيجة لتزايد التوتر في المنطقة، وعلى أثر تأهب الجيش المصري وانتشاره في سيناء، كما وإغلاق مصر لمضيق تيران، في البحر الأحمر، شنّت اسرائيل صبيحة الخامس من حزيران 1967 هجوماً مفاجئاً على مصر، حيث استمرّت حربها ستة أيام، وكانت نتائجها كارثية على المصريين، علاوة على احتلال اسرائيل لسيناء وقطاع غزة والضفة الغربية والجولان. تقهقر عبد الناصر بهزيمته إلى أن توّفي في العام ١٩٧٠ وخَلَفَه انور السادات الذي انتهى إلى توقيع اتفاقية سلام مصرية اسرائيلية في كامب دايفيد. السيناريو ذاته تكرر مع الجمهورية الاسلامية في ايران، التي رفعت شعار دعم القضية الفلسطينية وشكّلت مخاطر وجودية على الأنظمة العربية. استغلت الولايات المتحدة ذلك، فعززت صلاتها بالعرب، وحققت آلاف مليارات الدولارات من صفقات بيع الأسلحة لهم وصولاً إلى دفعهم للسلام مع اسرائيل. في ١٣ حزيران ٢٠٢٥، وعلى أثر طوفان الأقصى وتحرك أذرعها العسكرية اضافة إلى تمادي مشروعها النووي، انقضّت اسرائيل على ايران، بمساندة عسكرية أميركية مباشرة، لتُلحق بها خسائر كارثية. من الواضح أن ايران هي العقبة الكبرى بوجه السلام في المنطقة خاصة بعد ان جاهر النظام السوري الراهن باستعداده غير المشروط لتوقيع السلام. فهل بتنا أمام فصل تاريخي جديد قوامه نهاية ايران وتحقيق السلام في المنطقة أم أن مقولة كيسنجر "الحرب في الشرق الأوسط بدأت مع الله ولن تنتهي إلا بوفاته" ستبقى هي السائدة؟