أميركا على الجبهة: إسقاط النّظام.. أو تدمير “النّوويّ” بالكامل؟- بقلم جوزفين ديب
شارك هذا الخبر
Tuesday, June 17, 2025
في تعليقه الأخير على الحرب بين إسرائيل وإيران، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب: “قد نتدخّل في الحرب للقضاء على البرنامج النووي الإيراني”. بهذا الكلام وضع ترامب سقف واشنطن، البرنامج النووي بكلّ تفاصيله أو سقوط النظام، وفي الحالتين النتيجة نفسها، وهي سقوط علّة وجود النظام الإيراني الذي قام على منطق القوّة مع إسرائيل.
في المقابل، يردّد المحلّلون المقرّبون من طهران أنّ الأخيرة لا تريد استهداف القواعد الأميركية في المنطقة في محاولة لإبقاء واشنطن بعيدة نسبيّاً عن الهجوم. ولكنّ الواقعية السياسية والميدانية تؤكّد أنّ واشنطن سبق أن دخلت هذه الحرب بالوكالة عبر إسرائيل، ولن تكون بعيدة عن دخولها بشكل مباشر.
منذ أسبوع، كان موعد المؤتمر الذي نظّمته فرنسا والمملكة العربية السعودية لمناقشة إقرار دولة فلسطين في الأمم المتذحدة لا يزال قائماً في السابع عشر من حزيران، أي اليوم. أُلغي المؤتمر بسبب وقائع التطوّرات في المنطقة. وكان لإسرائيل ما تريد. قبل الخامس عشر من حزيران أيضاً، كانت أوروبا تتّجه إلى عدم تجديد العقوبات على إيران في مجلس الأمن، فدخلت واشنطن وتل أبيب على الخطّ ووضعا معاً هذا الموعد مهلة أخيرة لقبول طهران بشروط واشنطن في المفاوضات، أي وقف التخصيب بشكل كامل.
وحين أصرّت طهران على موقفها المتمسّك بالتخصيب استناداً إلى ما تعتبره حقّها وفق قانون الوكالة الدولية للطاقة الذرّية، بدأت المواجهة مستبقةً كلّ الاستحقاقات الدولية، ومحدثةً تغييراً جذريّاً في موقف الدول الأوروبية التي كانت بدأت تعمل بعكس الأجندة الإسرائيلية.
أمس، أعلنت فرنسا وبريطانيا أنّهما تساعدان عسكريّاً إسرائيل في التصدّي للصواريخ الإيرانية وإسقاطها. قالت مصادر دبلوماسية أوروبية لـ”أساس” إنّ المشاركة العسكرية هذه لن تقتصر على التصدّي للصواريخ، بل ستتعدّى ذلك إلى الردّ عليها في مواقع إطلاقها. وبهذا تكون تل أبيب قد نجحت في قطع المساعي الأوروبية وتحويلها إلى مساندة كاملة لها في هذه الحرب.
واشنطن-تل أبيب: مسار مشترك
قالت مصادر دبلوماسية غربية لـ”أساس” إنّ التنسيق بين واشنطن وتل أبيب كان على أعلى مستوى في التعامل مع الملفّ الإيراني. وهو ليس وليد اللحظة أو حتّى وليد بدء المفاوضات. بل تتحدّث المصادر عن عمل مشترك عمره أشهر في غرف عمليّات مشتركة لمواجهة أحداث المنطقة منذ السابع من أكتوبر. وتتحدّث المصادر عن خطط وُضعت على الطاولة لبحث خطّة مواجهة وإسقاط “المحور الإيراني في المنطقة” منذ أكثر من سنة. وكان “أساس” قد نقل جوّاً أميركيّاً بدأ يضع في حساباته إسقاط النظام الإيراني أو تعريته بشكل كامل، تحضيراً لتنفيذ خطّة السلام في المنطقة، وذلك في مقالة نُشرت بتاريخ 23/4/2024 تحت عنوان: ليلة قصف إسرائيل: هل تقرّر أميركا إسقاط نظام إيران؟
اقترب اليوم موعد الاستحقاق. وصلت إلى المنطقة مدمّرتان أميركيّتان “يو إس إس توماس هودنر” و”يو إس إس كارل فينسون”. وغادرت حاملة الطائرات “يو إس إس جورج واشنطن” ميناءها في اليابان منذ فترة وجيزة، ويمكن استدعاؤها أيضاً إلى المنطقة. ولا يزال الحديث قائماً عن إمكان توجيه حاملة “يو إس إس نيميتز” من منطقة المحيطين الهندي والهادئ نحو الشرق الأوسط. لا توحي كلّ هذه التحرّكات إلّا باقتراب تدخّل واشنطن بشكل مباشر في الحرب، ليس فقط كما سبق أن تدخّلت في صدّ الصواريخ، بل بالمشاركة في الهجوم على طهران، وهو تطوّر سيكون حاسماً في نتائج الحرب. وهذا ما قاله ترامب في تصريح علنيّ من أنّ إيران لن تفوز في هذه الحرب.
في الوقت الذي تتوجّه الأنظار إلى التوقيت الذي ستختاره الإدارة الأميركية لدخول هذه الحرب، أقدمت واشنطن على نقل طائرات تزويد بالوقود إلى أوروبا لمنح ترامب خيارات أوسع.
إقفال سفارة سويسرا ووساطة قطريّة فرنسيّة
في خطوة يدرك أبعادها من يعرف جيّداً دور السفارة السويسرية، التي هي القناة التقليدية في الحوار بين واشنطن وطهران، أقفلت السفارة أبوابها في طهران، وهذا ما يشير إلى تطوّر بالغ الأهميّة.
تزامناً مع كلّ هذه التطوّرات، رفضت إسرائيل وساطة قطرية – فرنسية لوقف الحرب مع إيران. وقد أتت هذه الوساطة بعد اتّصالات مع الإدارة الأميركية وروسيا ودول فاعلة في المنطقة. إلى ذلك عقد مسؤولون إيرانيون اجتماعات في تركيا مع مسؤولين إقليميّين وغربيّين بهدف تعزيز مساعي وقف الحرب.
هل تنجح هذه المساعي؟ تتشكّك مصادر سياسية في نجاحها، إلّا إذا كان نجاحها يعني نجاح واشنطن في القضاء على البرنامج النووي الإيراني، وهو أمر يساوي سقوط النظام في كلّ أبعاده. ربّما المشهد المقبل على المنطقة اختصره بنيامين نتنياهو في التسمية التي أطلقها على هذه الحرب: الأسد الصاعد. وفي المفهوم التوراتيّ للكلمة النبيّ داوود ملقّب بالأسد، والأسد يفترس فريسته، وأفيخاي أدرعي وضع الأسد على الطائرة ووجّهها إلى إيران، وذلك عبر منشور له على مواقع التواصل الاجتماعي.