لودريان في بيروت: حصر السلاح لإعادة الإعمار… - بقلم محيي الدين الشحيمي

  • شارك هذا الخبر
Wednesday, June 11, 2025

تأتي زيارة مبعوث الرئاسة الفرنسية جان إيف لودريان ولبنان في مرحلة وزمن مختلفيْن، عن مرحلة وزمن زيارته الأخيرة. وهي محمّلة بأفكار كثيرة وملفّات متشابكة، من أبرزها التمديد لـ”اليونيفيل” ومؤتمر إعادة الإعمار وتطبيق القرارات الدولية. فما هي الرؤية الفرنسية؟

مصادر فرنسية أشارت لـ”أساس” إلى أنّ جوهر زيارة لودريان إلى بيروت تركز على مسألتين:

1- المهلة الزمنيّة المقبولة للقيام بكلّ ما هو متوجّب ويتبلور ذلك العمل في تسريع الوتيرة الزمنية لفترة حصر السلاح، مع ضرورة تقصيرها، لأنّ المهلة المقبولة لإنجازه تتخثّر، وتؤثّر بالتالي على العديد من الاستحقاقات، وفي طليعتها المسّ بسلاسة التمديد لـ”اليونيفيل” ومؤتمر إعادة الإعمار.

2- وضع الأمور في نصابها البنائيّ وإبعاد السلطة عن المتاهات غير المفيدة لكي لا تعود الحرب للمرّة الثانية. لا تقتنع الإدارة الفرنسية بفكرة بقاء سلاح “الحزب” في لبنان. تعلّلها بكونها مخالفة لـ”الطائف”. لا تنفع لبنان أبداً في مسيرة التعافي، وتبقي “الحزب” ورقة إيرانية استثمارية.

تؤثّر أيضاً على تنظيم العلاقات مع سوريا الجديدة. تعرقل مساعي ترسيم وضبط الحدود. يريد الإليزيه تصفير ألعاب “الحزب”، الخفيّة منها والمكشوفة، والمتمثّلة في “كتيبة الأهالي” في الجنوب و”فرقة الردّادة” في الداخل و”مجموعة العشائر” المتاخمة لسوريا.

باريس داعمة لبيروت

تضيف المصادر: تدعم باريس موقف لبنان المطالب بالتجديد لقوّات “اليونيفيل”. لكنّها منزعجة كثيراً من التعرّض لها في الجنوب. تتصدّى مع ذلك لوجهة النظر الإسرائيلية المعلّبة أميركيّاً، لناحية إنهاء عمل “اليونيفيل” في الجنوب. اذ تعتبرها إسرائيل غير موفّقة في مهمّتها، لأنّها لم تنجز العمل الكافي في منع تطوير قدرة “الحزب” العسكرية. يضاف إلى ذلك مواجهة “الحزب” لـ”اليونيفيل” تحت مظلّة الأهالي. تصرّ على إنهاء عمل “اليونيفيل”، والاستعاضة عنها بقوّة جديدة مع توسيع مهامّ لجنة المراقبة بين لبنان وإسرائيل.

لا تحبّذ باريس إنهاء عمل “اليونيفيل”، إذ تراه مقدّمة لفوضى ومتاهة كبيرتين تعرقل عودة منطق الدولة والشرعيّة الوطنية بالتعاون مع المشروعيّة الدولية. تعمل على صيغة ترضي الجميع. وضعت مسوّدة خطاب التمديد لهذا العام، بصفتها حاملة القلم. ويتطابق بشكل تامّ مع صيغة العام المنصرم. وتركّز على إقناع أميركا بالعدول عن هدفها الحقيقي المتمثّل في الإلغاء أو التعديل، والقبول بالتمديد.

بحسب المصادر الفرنسية، تلعب القوّات الدولية دوراً مهمّاً في حفظ السلام وتثبيته. لكن يجب مساعدتها في الاستجابة للاحتياجات المتنوّعة، وعلى نحو يتماثل مع كلّ مرحلة. فلا يوجد حاجة إلى تغيير هذا المفهوم، وتبديل طبيعة المهمّة من حيث صلاحيّاتها حاليّاً. إذ لا تكمن المشكلة بحسب الإدارة الفرنسية في قوّات “اليونيفيل”، إنّما في عدم تنفيذ القرارات الدولية من خلال استباحة الكيان الإسرائيلي وتعنّته، وتحايل “الحزب” أو التفافه على هذه القرارات.

التّمديد لـ”اليونيفيل” يساعد في إعادة الإعمار

تكثّف الإدارة الفرنسية جهودها لعدم إجراء أيّ تبديل في مهامّ “اليونيفيل”، فهي شريكة أساسيّة وضامنة دوليّة لمرحلة إعادة الإعمار، وتصرّ على بقاء دورها رقابيّاً وعدم توسيع صلاحيّتها لكي تستعمل القوّة عند الضرورة، وهو ما يعني بقاءها تحت الفصل السادس، ولو المهجّن، لا السابع المجرّد.

اقتنعت الإدارة الفرنسية بمسألة ربط الإعمار بانسحاب إسرائيل وتسليم السلاح، لأنّها تعلم أنّه لا يمكن البدء بهذا الملفّ إلّا بعد حصريّة السلاح وتنفيذ القرارات الدولية بحذافيرها والاستقرار الجنوبي، لا سيما وأنّ أعضاء “الخماسية” متفقون على أنّ تنفيذ القرارات يمهّد لخلق مناخ سلميّ في الجنوب، ويشجّع الدول المانحة على الاستثمار وإعادة الإعمار من دون تخوّف من عودة الحرب والدمار من جديد.

تراقب أوساط الرئاسة الفرنسية خطوات العهد اللبناني بكلّ تفاصيلها، وتوصّلت إلى قناعة بأنّه على الرغم من الكثير من الإيجابية السائدة نشأت عدميّة في التقدّم لإنجاز المطلوب. فالإصلاحات مطلوبة ومهمّة، لكنّ الأهمّ منها هو إلزاميّة تحقيق الفوارق اللوجستية لإعادة مناخ الهدنة إلى الجنوب.

لا تريد الإدارة الفرنسية انكساراً في المرونة والعودة إلى لحظة الصفر، مع ازدياد هشاشة التحمّل اللبنانية. تعتبر مسلّمات الرؤية “اللودريانيّة” أنّ المدخل الوحيد لإحداث فروقات هو جدّيّة السلطة في ملفّ حصر السلاح المساعد في التمديد لـ”اليونيفيل”. هذان الأمران يمهّدان لورشة ومؤتمر إعادة الإعمار. هذا ما يحمله لودريان. هل تنجح الإدارة الفرنسية بهذه المراحل في لبنان؟ هل تُقنع الإدارة الأميركية بضرورة التمديد لـ”اليونيفيل”؟ وهل يكون مؤتمر إعادة الإعمار في موعده؟




أساس ميديا