الحقيقة المظلمة التي تكشفها "صفعة ماكرون" عن زواجه من بريجيت

  • شارك هذا الخبر
Friday, June 6, 2025

هل كانت مجرد مزحة، أم كما تقول الرواية الرسمية "لحظة حميمية" بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وزوجته بريجيت، هي ما أثار ضجة عالمية هذا الأسبوع بعد انتشار فيديو الأسبوع الماضي تظهر فيه بريجيت ماكرون (72 سنة) وهي تدفع وجه زوجها ذو الـ 47 سنة، إذ انتشر مصطلح "الصفعة" أو ما سُمي فورا بـ "سلاب غايت" كالنار في الهشيم، وربما لأن الفيديو لم يُظهر الزوجين في لحظة استرخاء قبيل زيارتهما الدبلوماسية إلى هانوي، كما زعم مصدر في محاولة لتبرير الموقف.

في البداية أكد مؤيدو نظرية المؤامرة أن فيديو المشادة ما هو إلا جزء من خطة تهدف إلى تشويه صورة الرئيس، وزعموا أنه صادر من الكرملين مباشرة، وفي عالم تنتشر فيه الفيديوهات المصنوعة بتقنية الذكاء الاصطناعي، يمكن أن يظهر فيه البابا مرتدياً معطفاً من "بالنسياغا" [دار أزياء فرنسية فاخرة]، أو ماكرون يرقص على أنغام أغنية فرنسية من الثمانينيات بعنوان "فواياج فواياج" Voyage Voyage أدتها المغنية الفرنسية ديزيرليس في فيديو صنعه بنفسه، كي يثبت وجهة نظره في شأن تقنية التزييف العميق للفيديوهات، بدت هذه النظرة طرحاً يستحق أن يؤخذ في الاعتبار.

بالطبع كان أول رد فعل لماكرون هو إدانة الفيديوهات المنتشرة له قائلاً إن اللقطات خضعت للتلاعب على يد من وصفهم بـ "المهووسين"، وبعد ذلك لفت إلى الأحداث الأخرى ومن بينها الصور التي التقطت له على متن القطار المتجه إلى كييف، والتي زعمت بعض الحسابات كذباً أنها تظهره وهو يتشارك الكوكايين مع آخرين، لكن ما رآه باقي الناس في هذه الحادثة هو شيء مختلف، وقد شعرنا أن الرئيس يبذل جهوداً كبيرة في محاولة التقليل من شأن الضجة التي أثيرت حول الموضوع.

سعى الزوجان ماكرون إلى الظهور بموقف موحد، لكن في النهاية كان لا بد من شعورهما بالتململ مع ازدياد اهتمام الإعلام بالموضوع، وبحلول نهاية الأسبوع اعترف ماكرون بأن فيديو المشادة أصبح "كأنه كارثة حلت بالكوكب" بحسب تعبيره (وفي هذا شيء من المبالغة)، لكن بغض النظر عن التصور الذي حاول الثنائي ماكرون أن يعطيه للحادثة، فقد عرض لمحة عن علاقتهما ووشى بظهور توتر كامن بينهما على السطح.

ربما كانت الحادثة غيضاً من فيض، إذ لا يخفى على أحد، مع أن الموضوع غالباً ما يمر مرور الكرام أو يتناسى، أن علاقة الزوجين ماكرون قائمة في الأساس على ما يمكن وصفه بأفضل الأحوال بالمعضلة الأخلاقية وفي أسوأها باستغلال فادح للسلطة، إذ كان اللقاء الأول للزوجين عندما كانت بريجيت ترونيو بعمر الـ 39، وإيمانويل بعمر الـ 15، وكانت بريجيت وقتها متزوجة من المصرفي آندريه أوزيير وأماً لثلاثة أبناء هم سيباستيان ولورانس وتيفين، واللافت أن ابنتها لورانس كانت في الصف نفسه مع الصبي الذي ستتزوجه والدتها لاحقاً في مدرسة "لا بروفيدانس" الثانوية الكاثوليكية بمدينة أميان.

كان إيمانويل في مراهقته يوصف بأنه "موهوب فكرياً وسابق لأقرانه في النضج"، وقد نشأت بينه وبين بريجيت، زوجته المستقبلية، علاقة وثيقة من خلال اهتمامهما المشترك بالأدب والمسرح، بحسب ما صرحت به لمجلة "باريس ماتش" في مقابلة عام 2017، فكتب الاثنان مسرحية معاً، وتذكرت لاحقاً أنها شعرت أثناء الوقت الذي أمضته معه كما لو أنها "تعمل مع موزارت". وقالت "الكتابة كانت مجرد ذريعة"، وتابعت "كان لدي إحساس أننا نعرف بعضنا منذ الأزل".

ومع أن الصلة التي جمعتهما ظلت عذرية، فقد نقل والدا إيمانويل ابنهما من المدرسة في السنة التالية عندما علما بأمر العلاقة من صديق للعائلة، وقالت والدته فرانسواز نوغيس ماكرون للصحافية آن فولدا، مؤلفة كتاب "إيمانويل ماكرون: شاب مثالي"، "لم نصدق ما سمعناه"، مضيفة "من الواضح أنه عند لقاء إيمانويل ببريجيت لم يكن باستطاعتنا أن نقول 'يا للروعة' ببساطة".

ولم تنجح مساعي التفرقة بين الثنائي جسدياً، فعند بلوغ الرئيس الفرنسي الـ 17 من عمره شرع بإعلان نيته الزواج من يريجيت في يوم من الأيام، وكتب لاحقاً في كتابه "ثورة" الصادر عام 2016، أنها فتنته بذكائها وسحرها، وقال لمجلة "إيل" عام 2020 "قاومت طويلاً لكن الحب أقوى من الأعراف".

لكن المسألة لم تكن ببساطة "مسألة أعراف" تجعل العلاقة موضع اعتراض، فحتى العام الذي التقيا فيه، سواء كان 1993 أو 1994، لم يؤكد بشكل قاطع، في ما يعتبره بعضهم محاولة للتعتيم على تعقيدات قانونية محتملة أو على تساؤلات قد تثار، نظراً إلى أن إيمانويل كان لا يزال قاصراً.

وفيما ظلت بريجيت تصر أنهما أُغرما ببعضهما بعضاً بعد تخطيه سن الـ 15 (وهو الحد الأدنى لسن إقامة علاقة جنسية بالتراضي في فرنسا) خاطرت بالسجن ثلاثة أعوام لأن القانون يمنع إقامة علاقات جنسية بين الأساتذة والطلاب دون سن الـ 18، وبالتالي، بغض النظر عن تبريرات الموضوع، كانت تعلم بأنها مخطئة، ولم يعقد الزوجان قرانهما إلا بعد أعوام طويلة، في أكتوبر (تشرين الأول) 2007، حين بلغ إيمانويل 29 سنة من العمر وبريجيت 54 سنة، لكن أسس علاقتهما أُرسيت قبل ذلك، إنها سردية تقوم على التلاعب ونبذ من المجتمع وعدم تكافؤ قام على تفوق طرف على الآخر في السلطة والتأثير، صاغ شكل حياتهما الشخصية والسياسية مذاك.

لكن المسألة لم تكن ببساطة "مسألة أعراف" تجعل العلاقة موضع اعتراض، فحتى العام الذي التقيا فيه، سواء كان 1993 أو 1994، لم يؤكد بشكل قاطع، في ما يعتبره بعضهم محاولة للتعتيم على تعقيدات قانونية محتملة أو على تساؤلات قد تثار، نظراً إلى أن إيمانويل كان لا يزال قاصراً.

وفيما ظلت بريجيت تصر أنهما أُغرما ببعضهما بعضاً بعد تخطيه سن الـ 15 (وهو الحد الأدنى لسن إقامة علاقة جنسية بالتراضي في فرنسا) خاطرت بالسجن ثلاثة أعوام لأن القانون يمنع إقامة علاقات جنسية بين الأساتذة والطلاب دون سن الـ 18، وبالتالي، بغض النظر عن تبريرات الموضوع، كانت تعلم بأنها مخطئة، ولم يعقد الزوجان قرانهما إلا بعد أعوام طويلة، في أكتوبر (تشرين الأول) 2007، حين بلغ إيمانويل 29 سنة من العمر وبريجيت 54 سنة، لكن أسس علاقتهما أُرسيت قبل ذلك، إنها سردية تقوم على التلاعب ونبذ من المجتمع وعدم تكافؤ قام على تفوق طرف على الآخر في السلطة والتأثير، صاغ شكل حياتهما الشخصية والسياسية مذاك.

أما فارق السن بينهما فلم يكن مجرد رقم بل فجوة كان من النادر، إن لم يكن من المستحيل، التغاضي عنها لو كانت العلاقة بين رجل أكبر سناً وفتاة مراهقة، كما أن بريجيت في موقع قوة، إذ إنها معلمة وشخصية تحتل موقع سلطة كانت مسؤولة عن مراهق قابل للتأثر بها، وفي حفلة زفافهما أقر إيمانويل بهذا الجانب الغريب والواضح من العلاقة فقال "لسنا زوجين عاديين، لكننا زوجين".

في البداية واجه الاثنان معارضة لعلاقتهما غير المألوفة، وفقاً لماييل بران التي كتبت سيرة ذاتية غير مصرح بها عن بريجيت، فقد كان للزواج تداعيات، إذ نُبذ الزوجان وأرسلت رسائل من مجهول لعائلتيهما وبصق بعضهم على باب منزلهما، واختفى الأصدقاء الذين تعرفت إليهم بريجيت خلال زواجها الأول، ومع ذلك مضت علاقتهما في طريقها وواصلت تطورها.

خلال الأعوام التالية شق إيمانويل طريقه إلى أعلى هرم السياسة الفرنسية، ووصفت بريجيت بأنها "سلطة الظل" التي تلازمه، ويعتقد أنها شخصية مؤثرة في مسيرته المهنية، كما ظهرت تقارير تفيد بأنها تدخلت في مهماته الوزارية وفي حملاته الرئاسية على رغم تململ الرأي العام من عدم كون ذلك ملائماً، وتضارب المصالح برأي بعضهم.

أجاد الزوجان، على رغم الشكوك التي أحاطت بعلاقتهما بسبب نشأتها، الحفاظ على مظهر لائق لأعوام طويلة أمام الكاميرات، لكن الصور التي اُلتقطت لهما الأسبوع الماضي سلطت الضوء على التوتر القابع في صميم زواجهما، خلل في ميزان القوة لم يظهر أنهما تمكنا من الفكاك منه قط، فقد زعم خبراء قراءة الشفاه أنه في اللحظات التي تلت الصفعة، التي بدت أقرب إلى دفع الوجه في الحقيقة، تمتمت لزوجها بعدما مد ذراعه لها قائلة "ابتعد أيها الفاشل".

مزحة طريفة، كما قال إيمانويل؟ يبدو أن الأمر أبعد من ذلك، وزاوية أوضح ربما لما يمكن تسميته بالجانب المعتم من علاقة أثارت كثيراً من الجدل وخلفت أثراً لا يمحى في حياة الزوجين ومسيرتهما، فمع أنها كثيراً ما تقدم كقصة حب انتصرت على الظروف، لكن حكاية ماكرون وبريجيت مشبعة بالتعقيدات وتستدعي التمحيص.

ربما يقدم إيمانويل وبريجيت ماكرون في صالونات الإليزيه المذهبة صورة ثنائي تحدى الصعاب والفضائح والوصمة الاجتماعية، لكن وراء بريق الرومانسية الخيالية تقبع حقيقة ليست أكثر تعقيداً وحسب، بل أكثر إزعاجاً كذلك، علاقة نشأت في الهوامش الضبابية بين السلطة والاستغلال، فيما دفعت أحداث الأسبوع الماضي كثيرين إلى التساؤل إن كانت هذه العوامل لا تزال موجودة حتى الآن.

© The Independent