تطور جديد: مفبرك ملفات رياض سلامة في باريس يخضع للمساءلة
شارك هذا الخبر
Wednesday, June 4, 2025
في تطوّر لافت وخطير، يُكشَف للمرة الثانية عن تورّط المحامي الفرنسي وليام بوردون، مؤسس جمعية “شيربا” التي تقدّمت بالادعاء ضد حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة أمام النيابة العامة الفرنسية في باريس. بوردون، المعروف بعلاقته الوطيدة بالقاضية اللبنانية المتقاعدة غادة عون، وبمحامي “التيار الوطني الحر” وديع عقل، ومجموعة “كلنا إرادة” في لبنان، إضافة إلى الصحافي منير يونس، يجد نفسه مجددًا في قلب فضيحة تُلقي بظلال من الشك على دوره في ملف سلامة.
المثير أن جميع الأطراف التي لطالما قدّمت بوردون على أنه رأس حربة في مكافحة الفساد، لم تعلّق على الفضيحة الجديدة، التي تطرح تساؤلات جدية حول مصداقية تحركاتهم ومصادر تمويل الادعاءات التي رُفعت بحق سلامة. هذه التساؤلات ليست وليدة اللحظة، إذ سبقتها فضيحة أولى نُشرت في تشرين الأول 2023 في صحيفتي “لو باريزيان” و”ليبراسيون”، وكشفت عن تلقي بوردون أموالًا نقدية من الباحث الإسلامي نبيل إنصري والناشط جان-بيير دوثيون، وهما متهمان بالفساد واستغلال النفوذ، مقابل رفع دعاوى ضد شخصيات قريبة من النظامين السعودي والإماراتي، خصمي قطر الإقليميين.
أما التطور الجديد، فتمثّل بما كشفته صحيفة La Lettre الفرنسية عن تورّط بوردون في فضيحة جديدة أجبرته على الخروج من دائرة التعاون مع “الشفافية الدولية”، ما يفاقم الإحراج القانوني والأخلاقي المحيط به.
وفي ما يأتي الترجمة الحرفية لما نشرته La Letter الفرنسية في 3 حزيران 2025:
“تضارب مصالح”…وليام بوردون يضع “الشفافية الدولية” في موقف محرج
اهتزت منظمة “الشفافية الدولية” على وقع أزمة داخلية حادة بعد اكتشاف أن محاميها البارز، وليام بوردون، مثّل قانونيًا مستشارة للرئيس الكونغولي دينيس ساسو نغيسو، في وقت لا يزال فيه يقود منذ عام 2008 الملف القضائي الخاص بـ”الثروات غير المشروعة”، الذي يستهدف بشكل مباشر عائلة الرئيس الكونغولي.
ورغم أن المنظمة تُعد من أبرز الهيئات العالمية التي تناضل ضد الفساد وتحرص على كشف تضارب المصالح، بل وتصدر دليلاً عملياً لاكتشافه في المؤسسات، إلا أنها وجدت نفسها أمام معضلة قانونية وأخلاقية بسبب “الازدواجية” التي ظهرت في أداء محاميها.
في 22 أيار، كشف الفرع الفرنسي للمنظمة لعدد من الصحفيين أنه “اكتشف بدهشة” أن وليام بوردون كان في قلب “تضارب محتمل في المصالح”، بعدما نشرت مجلة XXI تحقيقًا يُظهر أن المحامي الفرنسي تدخل في أيار 2023 لصالح فرانسواز جولي، المستشارة الشخصية للرئيس الكونغولي، أمام القضاء الفرنسي، مطالبًا باستعادة هاتفها المهني الذي صودر في إطار تحقيق واسع حول عمليات تبييض أموال منظمة، يطال أيضاً مجموعة “داسو” والرئيس ساسو نغيسو.
كما تبين أن بوردون، قبل ذلك بشهر، أوفد أحد أعضاء مكتبه لمرافقة جولي خلال فترة احتجازها على ذمة التحقيق، وفق ما أفادت به مصادر مطلعة. ويمثل هذا تطورًا حساسًا نظرًا لأن بوردون هو من قاد، منذ عام 2008، المسار القضائي لصالح “الشفافية الدولية” في قضية “الثروات غير المشروعة” ضد عائلة ساسو نغيسو.
إزاء هذا التعارض في الأدوار، بدأت منظمة الشفافية الدولية، برئاسة باتريك لوفاس، بمراجعة موقفها من المحامي المعروف. وقبل ساعات من اجتماع حاسم لمجلس الإدارة كاد يُسفر عن سحب جميع صلاحيات بوردون، بادر الأخير إلى إعلان انسحابه الطوعي من تمثيل المنظمة. وخلال اجتماع عبر تقنية الفيديو مع اللجنة التوجيهية للفرع الفرنسي، نفى بوردون أن يكون هناك “أي تضارب في المصالح أثّر على معالجته لملفات المنظمة”، إلا أنه أقر بوجود “فقدان للثقة غير مبرر من بعض الأعضاء”، كما قال لـ”La Lettre”.
عقب اجتماع مجلس إدارة اتسم بالتوتر، قررت منظمة “الشفافية الدولية – فرع فرنسا” مساء يوم الاثنين أن المحامي وليام بوردون لم يعد بإمكانه مواصلة تمثيل المنظمة أو تقديم المشورة القانونية لها. وكان بوردون يتولى متابعة ما لا يقل عن ست قضايا تتعلق بشبهات تحويلات مالية غير مشروعة في كل من الغابون وتونس وروسيا.
ورغم هذا القرار، لا تزال المنظمة منقسمة داخليًا بشأن “قضية بوردون”، وتسعى إلى تجنّب إظهار موقف علني قد يبدو وكأنه تنصّل منه. إذ إنها لا تستبعد الاحتفاظ بخدمات مكتب المحاماة التابع له “بوردون وشركاؤه”، على أن يتولى زميله فنسنت برينغارث – المعروف بتمثيله لمنظمات مكافحة الفساد مثل Sherpa وAnticor – إدارة الملفات محل النزاع.
غير أن هذا السيناريو يُنظر إليه من قبل بعض أعضاء المنظمة على أنه تردد أو تساهل، بينما كانوا يتوقعون موقفًا أكثر حسمًا بقطع العلاقة تمامًا مع بوردون. وفي اتصال مع صحيفة “La Lettre”، أكد المدير العام للمنظمة، فلوران كلوي، أن “مجلس الإدارة يواصل التفكير في الوضع ويبحث جميع الخيارات المتاحة”.
ويُذكر أن اسم وليام بوردون سبق أن ارتبط بقضية أخرى أثارت الجدل في فرنسا، وهي قضية “التدخلات القطرية”، بعد أن كشفت صحيفتا “لو باريزيان” و”ليبراسيون” في تشرين الأول 2023، أن بوردون تلقى مبالغ مالية نقدًا من الباحث الإسلامي نبيل إنصري والناشط جان-بيير دوثيون، المتهمين بالفساد واستغلال النفوذ، لتقديم شكاوى قانونية ضد شخصيات محسوبة على النظامين السعودي والإماراتي، خصمي قطر في المنطقة. وقد نفى بوردون حينها وجود أي مخالفات في تلك التعاملات.