فرنسا تسلّم لبنان وسوريا وثائق وخرائط: ماذا عن مزارع شبعا؟!

  • شارك هذا الخبر
Friday, May 9, 2025

شكلت زيارة رئيس الحكومة نواف سلام إلى البقاع، والتي جال فيها على العديد من المعابر الحدودية، الحجر الأساس للشروع في ترسيم الحدود البرية مع سوريا، وضبط عمليات التهريب، ودعم الجيش اللبناني.

وفي خلال الجولة التي شملت المصنع وبعلبك وزحلة ورياق، شدد سلام على أن "المعابر الرسمية هي مرآة السيادة اللبنانية، وانتظام العمل فيها، يشكل خط الدفاع الأول عن الاستقرار الداخلي، ويُعد ضرورة حتمية لحماية الاقتصاد الوطني من الممارسات غير الشرعية".

مصادر السراي الحكومي كشفت لـ "نداء الوطن" أنّ اللجنة التي تمّ تشكيلها تنفيذاً للاتفاق الذي رعته السعودية بين لبنان وسوريا، ستبدأ اجتماعاتها قريباً جداً من أجل متابعة وضع الحدود بين البلدين وترسيمها.

استعداد فرنسي لتسليم المزيد من الخرائط

وتأكيداً على جدية المساعي الفرنسية في رعاية ملف ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا والذي حضر بقوة في لقاء ماكرون – الشرع، تسلّم وزير الخارجية يوسف رجّي من السفير الفرنسي هيرفيه ماغرو، نسخة من وثائق وخرائط الأرشيف الفرنسيّ الخاص بالحدود اللبنانية - السورية. وأتى هذا التسليم بناء على طلب لبنان والوعد الذي قطعه الرئيس الفرنسيّ للرئيس عون، بتزويد لبنان بهذه الوثائق والخرائط التي ستساعده في عملية ترسيم حدوده البريّة مع سوريا.

مصادر دبلوماسية، أكدت لـ "نداء الوطن"، أن تسلم لبنان للوثائق والخرائط التي تساعد في ترسيم الحدود، تزامن مع تسليم الرئيس ماكرون الرئيس السوري للخرائط ذاتها. وعن أهمية هذه الخرائط، تلفت المصادر إلى أن اللجنة الفنية والتقنية هي التي تقرر مدى أهميتها والأهم أن السفير الفرنسي أبلغ الوزير رجي، استعداد بلاده لفتح الأرشيف لتزويد لبنان بأي خرائط إضافية أو حتى وثائق.


بدورها، ذكرت "المدن" أنه خلال استقباله في زيارته الأولى، فاتح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نظيره اللبناني جوزاف عون، في معرض الحديث عن الوضع في الجنوب، وأبلغه بأن الجيش الفرنسي يملك خرائط للبنان وسوريا تعود إلى زمن الانتداب، توضح حقيقة الحدود المشتركة بينهما، وصولًا إلى مزارع شبعا. وقد طلب لبنان الاطلاع على هذه الخرائط، وطلب مساعدة فرنسا في ترسيم الحدود البرية، ما من شأنه أن ينهي مشكلة الحدود في شبعا. تركز الحديث في حينه على الحدود البرية، ربطًا بوضعية مزارع شبعا وعمليات حزب الله، أما الترسيم البحري، فقصته أكبر، وتفاصيله وتعقيداته مختلفة.
تلك المزارع التي شملها قرار مجلس الأمن الذي أنهى الحرب عام 1973، مما جعل إسرائيل تعتبرها سورية. يسعى لبنان إلى سحب ذريعة "المزارع" من يد إسرائيل، في حين تسعى فرنسا إلى لعب دور في المنطقة، مستبقة وصول ترامب إليها.
فرنسا، التي استقبلت الرئيس السوري أحمد الشرع، عينها على دور في سوريا، والاستثمار في مرافقها، وبعد ساعات من استقباله، أرسلت خرائط الحدود المشتركة إلى لبنان كخطوة أولى على طريق الشراكة في ترتيب العلاقات والترسيم البري مع سوريا، والبحري لاحقًا بين سوريا ولبنان وقبرص.

تحرك بقوة دفع أميركية
ولا يستبعد البعض أن يكون ماكرون قد تحرّك بطلب أميركي-إسرائيلي تمهيدًا لدفع الشرع إلى توقيع السلام، مع تنامي الحديث عن تقسيم سوريا إلى ثلاث دول: الساحل للعلويين، الحدود مع سوريا للدروز، ودمشق حتى منطقة الأكراد للسنّة.

ولا يمكن لهذا الخبر أن يمر مرور الكرام. وتفاصيله، بحسب ما أُعلن، تقول إن سفير فرنسا في لبنان هيرفيه ماغرو سلّم وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجّي نسخة من وثائق وخرائط الأرشيف الفرنسي الخاصة بالحدود اللبنانية-السورية، وذلك بناءً على طلب لبنان، وتنفيذًا للوعد الذي قطعه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لرئيس الجمهورية العماد جوزاف عون خلال زيارته الأخيرة إلى باريس، بتزويد لبنان بهذه الوثائق والخرائط التي ستساعده في عملية ترسيم حدوده البرية مع سوريا.

لبنان المقرر لا التابع
وتروي مصادر متابعة أن أولى الخطوات جاءت منذ زيارة رئيس الجمهورية جوزاف عون إلى فرنسا، حيث جمعه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالرئيس اليوناني، وعبر خدمة "الزووم" اجتمعوا مع الرئيسين السوري والقبرصي. وقد تركز البحث خلال اللقاء الجامع على الحدود البحرية والبرية المشتركة، والمشاكل التي تشهدها الحدود بين لبنان وسوريا.

ولا تنفي المصادر رغبة فرنسا في لعب دور في ملف ترسيم الحدود البرية والبحرية بين لبنان وسوريا وقبرص. وخلال الزيارة، تحدث ماكرون عن وجود خرائط توثق حدود لبنان مع سوريا مرورًا بمزارع شبعا، تعود إلى زمن الانتداب الفرنسي على لبنان، واعدًا بتلبية طلب عون تزويد لبنان بنسخة من هذه الخرائط.

ومن وجهة نظر فرنسية، فإن فرنسا تطمح لأن يكون للبنان موقع المقرر لا التابع في المنطقة، وهو ما يتطلب ترسيم الحدود وتحديدها، من أجل إقفال ملف احتلال إسرائيل لمزارع شبعا، ومشروعية المقاومة لتحريرها. المزارع التي تصرّ إسرائيل على سوريّتها، يتمسك لبنان بملكيتها لها، ويقول إن على إسرائيل الانسحاب منها، وله أن يتفق مع سوريا على مصيرها.

وتؤكد مصادر دبلوماسية غير لبنانية أن الهدف هو الوقوف إلى جانب لبنان. فرنسا، التي ساهمت في انتخاب رئيس للجمهورية، تمضي في مسار دعم العهد والحكومة، وتريد للبنان أن يقفل ملف الحدود البرية مع سوريا، لما في ذلك من مساهمة في استقراره.

وتعود الخرائط الفرنسية التي تسلمها لبنان إلى أيام الانتداب عام 1943، وقد أُعدّت بإشراف اختصاصيين في الجغرافيا وترسيم الحدود، وهي دقيقة إلى درجة اعتمادها كمستند في عملية ترسيم الحدود بين البلدين. وتؤمّن عملية ترسيم تنهي الصراع المستمر على الحدود البرية، لا سيما في ما يخصّ مزارع شبعا، وتُحقق للبنان حالة "ستاتيكو" أمني على حدوده مع إسرائيل، بحسب المصادر.
الخطوة "المهمة" بالتوصيف الفرنسي، ستتبعها خطوات أخرى عملية على أرض الواقع. فترسيم الحدود، الذي كان ممنوعًا في عهد الأسد الأب والابن، لانتفاء الحاجة إليه وفقًا لمفهوم "البلدين الشقيقين" آنذاك، بات ضرورة من وجهة نظر فرنسا، التي ترغب في أن تكون طرفًا مساعدًا، لما لذلك من انعكاسات على تعزيز دورها في المنطقة، وعودتها إلى لبنان، ودخولها كشريك فعلي في عملية ترسيم الحدود البرية والبحرية، واستثماراتها لاحقًا.

لجنة مراقبة أو اليونفيل
وتفيد معلومات المطلعين بأن التحضير للترسيم بات ناضجًا، ومن ضمن الأفكار المطروحة، بعد الترسيم، تشكيل لجنة شبيهة بلجنة المراقبة لوقف النار في الجنوب، للإشراف على الحدود المشتركة على طول الحدود بين لبنان وسوريا، مع احتمال وجود قوات "اليونيفيل" لحفظ الأمن هناك، وتسلمها المنطقة بعد انسحاب إسرائيل.

وتسليم الخرائط ليس إلا بداية هذا المسار، إذ تعرض فرنسا إمكانية أن تكون الطرف المشرف على مفاوضات ترسيم الحدود وآلية تنفيذها. ويستعد رئيسها ماكرون لزيارة المنطقة في أيلول المقبل، وتؤكد مصادر معنية أن الزيارة إلى سوريا وُضعت على جدول الرئيس الفرنسي في موعد أولي نهاية الصيف، وقد تشمل لبنان.

وإلى أن تتم زيارته، سيكون موفده جان إيف لودريان ناشطًا في مهمته اللبنانية، وستُعيد فرنسا، بالاتفاق مع الأميركيين، تنشيط عمل اللجنة الخماسية لمواكبة الإصلاحات وعملية إعادة الإعمار في لبنان.

يهدف الترسيم إلى سحب ورقة المقاومة من يد حزب الله، ليكون ذلك استكمالًا لخطوة سحب السلاح من جنوب الليطاني وشماله، وهي خطوة مرهونة بانسحاب إسرائيل الكامل من المناطق التي لا تزال تحتلها، ومتى اقتنع المجتمع الدولي بأن شروطه المرتبطة بحزب الله قد تم الالتزام بها.


نداء الوطن - المدن