الحدّ الأدنى للأجور 28 مليون ليرة: النتيجة مُعَدَّة سلف

  • شارك هذا الخبر
Thursday, May 8, 2025

انتهى الصراع على رفع الحدّ الأدنى للأجور بين الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي العام بغلبة الطرف الأوّل الذي أصرَّ على زيادةٍ لا تتلاءم مع نسبة التضخّم. كما رفضت الهيئات ربط رفع الحد الأدنى للأجور بغلاء المعيشة، فجاءَ التعديل مبتوراً، وما كان من وزير العمل محمد حيدر، إلاّ إحالة المزيد من التعديل إلى شهر كانون الأوّل المقبل، علَّ الاجتماعات الدورية تنجح في "تصحيح الأمور".


إقرار الـ28 مليون ليرة
خلص الاجتماع المؤجَّل من 28 نيسان الماضي إلى 7 أيار الجاري إلى إقرار رفع الحدّ الأدنى للأجور من 18 مليون ليرة إلى 28 مليون ليرة. وهذه الزيادة سيحملها وزير العمل إلى مجلس الوزراء "للعمل على إقرارها"، إلى جانب "زيادة التقديمات العائلية بمعدل ضعفين والتقديمات المدرسية بمعدّل ضعفين ونصف، مع المحافظة على قيمة بدل النقل لأنه لم يطرأ أي زيادات في الفترة الأخيرة"، بحسب حيدر.
هذه الزيادة لم تكن محطّ اتفاق خلال الاجتماع الذي عقد في الوزارة للبحث في معالجة رواتب وأجور العاملين في القطاع الخاص. فبعد أن كان عنوان الاجتماع "رفع الحد الأدنى وتصحيح الأجور"، لفت حيدر النظر إلى أنّ الخلاصة كانت رفع الحدّ الأدنى "كخطوة أولى، وتليها اجتماعات لاحقة لدراسة وتقييم تصحيح الأجور".
إعطاء العمّال حقوقهم سيكون على مراحل طالما أنّ الهيئات الاقتصادية قرّرت ذلك. ووفق حيدر، فإنّ "الهيئات الاقتصادية وافقت على تطبيق المرحلة الأولى، على أن يتم دراسة المرحلة الثانية، والاتحاد العمالي سجل تحفظه واعتراضه على الموضوع". أمّا المرحلة الثانية، فستأتي بعد "اجتماعات دورية للجنة المؤشر كل شهرين،ّ لكي تدرس تطور الوضع الاقتصادي والتحسن في سوق العمل خلال الستة أشهر القادمة. وفي شهر كانون الأول، تجتمع اللجنة لتقييم الوضع ودراسة تصحيح الأجور، وسيترافق ذلك مع إعداد الموازنة العامة التي ستكون الحكومة في ذاك الوقت تدرسها من أجل سلسلة الرتب والرواتب في القطاع العام للعام 2026".


التبرير بالواقعية
يعترف وزير العمل بأنّ هذا المبلغ غير كافٍ "لكنّ التمنّي شيء، والمستطاع شيء آخر". وبرأيه، جاء الحدّ الأدنى المُقَرّ اليوم، كخيار أفضل من أن "نبقى كما نحن إلى أن يتحسّن الوضع الاقتصادي".
هي الواقعية إذاً، فالوزير "إنسان صريح وواقعي وأريد الوصول إلى نتائج ثابتة، ولا أريد أن أبيع المواطنين شعارات، ويجب أن نتعّود على أنّه ما من شيء يمنع أن تكون القرارات ثابتة ومتحركة وتتقسم إلى عدّة مراحل". وعليه، "عندما نقرّر زيادة 50 بالمئة على الحد الأدنى، نكون نساعد العمال بما هو ضمن المستطاع".


الاتحاد العمّالي يعترض
على الضفّة الأخرى، اعترضَ الاتحاد العمّالي العام على هذه الزيادة، وأكّد رئيسه بشارة الأسمر أنّه "غادرنا الاجتماع قبل انتهائه، اعتراضاً على هذه الزيادة وعلى عدم إقرار غلاء المعيشة". وأشار الأسمر في حديث لـ"المدن"، إلى أنّ عدم إقرار غلاء المعيشة "يضرب الهرمية الإدارية والوظيفية والمالية، إذ لا تصحَّح أجور كل العاملين، لا سيّما مَن يتقاضون أكثر من 28 مليون ليرة".
كما رفضَ الاتحاد الاكتفاء بزيادة التقديمات المدرسية والعائلية بمعدّل 2.5، وأوضح الأسمر أنّ "الاتحاد طالبَ بزيادتها 5 مرّات". كاشفاً أنّ الزيادة الطفيفة المقرَّة "تُنَفَّذ العام المقبل ولا تشمل العام الجاري"، ما يعني أنّ "الأمور ليست على الطريق الصحيح". وردّاً على ذلك "سنستمر بالحوار، وسنعقد اجتماعات نقابية، وأوّلها سيكون يوم غد، من خلال اجتماع للمصالح المستقلّة التي تتبع قانون العمل".


النتيجة معروفة
قرَّرَت الهيئات الاقتصادية أنّ نحو 300 دولار عادلة في المرحلة الحالية، وبرَّرَت الوزارة ذلك بالواقعية، حتّى أنّها لم تسجّل تحفّظها. ونجحَ الوزير في تطبيق إقرار الحدّ الأدنى "انطلاقاً من مبدأ احترام المواعيد والأوقات". وما يعتبره الوزير إنجازاً في هذه المرحلة، لا يتعدّى كونه موافقة على ما أرادته الهيئات الاقتصادية منذ البداية، فهي قرّرت زيادة الحدّ الأدنى بنحو 50 بالمئة لا أكثر. وهذه النتيجة لم تكن مفاجئة، إذ أنّ نتائج اجتماعات لجنة المؤشِّر تُطبَخ سلفاً. وأشارت "المدن" في وقت سابق إلى أنّ رفع الحدّ الأدنى إلى 300 دولار أو أكثر بقليل، سيُبقي الأزمة قائمة، في حين أنّ مستوى الغلاء الراهن، يؤشِّر إلى أنّ الحدّ الأدنى للأجور يجب أن لا يقلّ عن 900 دولار.

هذه النتيجة لا تدلّ فقط على أنّ أرباب العمل هم مَن يقرِّرون ما ستكون عليه الأجور، بعيداً من مؤشّرات الغلاء، بل تدلّ على أنّ وزارة العمل تؤيّد مطالب الأرباب على حساب حقوق العمّال المدعومة بالأرقام والدراسات العلمية. وهذه النتيجة تؤشِّر أيضاً إلى ضعف النقابات العمّالية وعجزها عن فرض ما يناسب العمّال. وهذا الواقع، يقلِّل من شأن نتائج الاجتماعات المقبلة التي ستعيد النظر بالحدّ الأدنى، لأنّ أي إضافة محتملة، ستبقى عاجزة عن ربط أجور العمّال بالواقع المعيشي.

خضر حسان
المدن