ثلاثة أعوام على الغزو الروسي لأوكرانيا: معركة المستقبل متواصلة

  • شارك هذا الخبر
Monday, February 24, 2025

أصبحت الذكرى الثالثة للغزو الروسي واسع النطاق لأوكرانيا، والذي بدأ في 24 شباط 2022، بمثابة تذكير مؤلم بأن الحرب مستمرة وأن نهايتها لا تلوح في الأفق. لقد عمل الكرملين، بعد أن أطلق عدوانه في العام 2014، على تعزيز طموحاته الإمبراطورية، وبعد العام 2022، أصبحت الحرب عنصراً مركزياً في السياسة الحكومية الروسية. إن الدعاية الشاملة، وعسكرة المجتمع الروسي، وتحويل البلاد إلى "قلعة محاصرة" - كل هذا يشير إلى أن روسيا لن تتوقف.

لقد تجاوز نظام بوتين نقطة اللاعودة في أواخر العام 2021، عندما وجّه الكرملين إنذارات نهائية للغرب، زاعماً أنه يعمل على مراجعة النظام العالمي. فمحاولات تقسيم العالم إلى مناطق نفوذ، والعودة إلى العقيدة الجيوسياسية السوفييتية، والرغبة في إملاء الشروط على أوروبا والولايات المتحدة أصبحت بمثابة إشارة إلى أن هذه الحرب ليست مجرد توسع إقليمي، بل معركة عالمية بين الاستبداد والديمقراطية. وفي ظل هذه الظروف فإن التنازلات للمعتدي لن تؤدي إلى السلام، بل ستشجعه فقط على شن هجمات جديدة.

خلال السنوات الثلاث من الحرب، تطور النظام السياسي في روسيا من الاستبداد إلى الشمولية المطلقة. لقد أدت الدعاية الداخلية إلى تطرف المجتمع إلى درجة أن مجرد ذكر التسويات مع أوكرانيا والغرب يُنظر إليه على أنه خيانة. لا يستطيع الكرملين أن يتحمل الخسارة، فالهزيمة تعني انهيار النظام حتماً. علاوة على ذلك، فإن القيادة الروسية تدرك جيدا التهديد المتمثل في التصرفات العدوانية غير المنضبطة من جانب "الفئة المؤثرة في الأمة" في روسيا، وهي عبارة عن مليون شخص مسلح اعتادوا على العنف ويتلقون مبالغ سخية مقابل القتل. وما تمرد فاغنر في حزيران 2023 إلا خير دليل على هذا التهديد.

إن لم تحقق روسيا أهدافها الاستراتيجية في أوكرانيا، فهي لن توقف الحرب، بل ستغير أساليبها. إن تدمير البنية التحتية الأوكرانية، وتكثيف الهجمات الإرهابية، وتجميد الصراع - كل هذه ليست سوى سيناريوهات للتراجع المؤقت، والتحضير لضربة جديدة. وحتى لو وافق الكرملين على صفقة التسوية، فلن تكون هذه سوى فترة توقف ضرورية لاستعادة قوته.

وفي الوقت نفسه، تعلّم الغرب درساً مهماً، وهو أن الحروب تحدث حتى في القرن الحادي والعشرين. تأتي هذه الأحداث في وقت بدا فيه أن أوروبا قد حققت الاستقرار بالفعل. ولذلك، يتعين على دول حلف شمال الأطلسي استعادة صناعاتها الدفاعية، وبناء إمكاناتها العسكرية، والاستعداد لمواجهة طويلة الأمد مع المعتدي. إن الدفاع القوي والموحد هو وحده الذي يمكن أن يشكل ضمانة للسلام.

لقد أظهرت أوكرانيا للعالم مثالاً للمقاومة المذهلة. فثلاثة أعوام من الحرب تشهد على أن الأمة الأوكرانية قد تشكلت بشكل نهائي. فقد توحدت المجموعات العرقية والدينية والثقافات المختلفة على هدف مشترك وهو الحفاظ على الاستقلال واستعادة الأراضي. إن الإتقان السريع للأسلحة الحديثة، والإدارة الفعالة للحرب غير المتكافئة، والقدرة على تغيير قواعد اللعبة - كل هذا يسمح لأوكرانيا بالحفاظ على فرصة النصر إذا استمر الغرب في تقديم المساعدة في الوقت المناسب.

لن تتوقف روسيا عن محاولات إضعاف وحدة الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي. إن هدفها الاستراتيجي هو تدمير الوحدة الأوروبية والعودة إلى سياسة الاتفاقيات الثنائية، حيث يصبح من الممكن الضغط على الدول الأضعف. ولذلك، يجب على العالم أن يدرك أن هذه الحرب لا تتعلق بأوكرانيا فحسب، بل تتعلق بمستقبل العالم الديمقراطي بأكمله. ولا يمكننا أن نوقف المعتدي ونمنع التاريخ من تكرار نفسه إلا من خلال الجهود المشتركة.