نهب 1.5 مليار دولار في أكبر عملية اختراق للعملات المشفرة

  • شارك هذا الخبر
Saturday, February 22, 2025

بدأت صناعة العملات المشفرة الجمعة الماضي بحال من الابتهاج، مع إعلان "كوين بيز غلوبال إنك" أن الجهات التنظيمية للأوراق المالية في الولايات المتحدة تستعد لإسقاط قضية قانونية ضد أكبر منصة لتداول الأصول الرقمية في البلاد.

لكن الأجواء الاحتفالية لم تدم طويلاً، فبعد أقل من ثلاث ساعات، وعلى الجانب الآخر من العالم، كشفت منصة "باي بيت" (Bybit) عن تعرضها لعملية اختراق، فيما وصفها المحللون بأنها أكبر عملية سرقة في تاريخ الصناعة، إذ نهب ما يقارب 1.5 مليار دولار من الرموز الرقمية.

وكان الارتداد المفاجئ في أسعار السوق - ناهيك بالتغير الحاد في المعنويات داخل أروقة تداول العملات المشفرة - تذكيراً صارخاً بالأخطار الفريدة والمستمرة التي تميز هذه السوق، ووفر هذا الحدث دفعة إضافية لمنتقدي الجهود الحثيثة التي يبذلها الرئيس الأميركي دونالد ترمب لعكس التدقيق التنظيمي الذي فرضه سلفه على صناعة أصبحت متشابكة بصورة متزايدة مع النظام المالي التقليدي.

وقالت أستاذة كلية الحقوق في جامعة واشنطن الأميركية والمتخصصة في دراسة أسواق العملات المشفرة، هيلاري ألين، لوكالة "بلومبيرغ"، "تبدو الأسواق غير المنظمة جذابة حتى تتعرض لهذا النوع من الهجوم، فعلى المدى القريب هناك كثير من التشجيع على تقليص القيود التنظيمية، لكن احذر مما تتمنى".

واستقبل المتداولون الذين شغلوا أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم صباح الجمعة أنباء تفيد بأن لجنة الأوراق المالية والبورصة الأميركية في عهد ترمب، التي تنتظر موافقة المفوض، تستعد لرفض دعواها القضائية ضد "كوين بيز" بصورة دائمة، وهي الدعوى التي تتهم المنصة بإدارة بورصة ووساطة ومقاصة غير مسجلة

عمليات سحب ضخمة ومريبة

وارتفعت أسهم أكبر بورصة عملات رقمية في الولايات المتحدة بعد الإعلان عن الخبر، بنحو ستة في المئة في تداولات ما قبل السوق، وانضمت سوق العملات الرقمية إلى هذا الاتجاه، إذ دفعت عملة "بيتكوين" نحو مستوى 100 ألف دولار للمرة الأولى منذ أكثر من أسبوعين، وقفزت عملة "إيثريوم"، ثاني أكبر عملة رقمية، بأكثر من أربعة في المئة.

وسرعان ما لاحظ مراقبو سوق العملات المشفرة اليقظون عمليات سحب ضخمة ومريبة من عملة "إيثر" من منصة "باي بيت"، التي تعد من بين أكبر منصات التداول في العالم، إذ يتجاوز متوسط حجم تداولاتها اليومية 36 مليار دولار.

من جانبها أكدت "باي بيت" بسرعة تعرضها للسرقة، إذ أوضح الرئيس التنفيذي بين زو الحادثة بلغة متخصصة في العملات المشفرة قد تكون غير مفهومة لمعظم الناس، لكنها واضحة تماماً لعشاق الأصول الرقمية، "استولى المخترق على محفظة ’إيثر‘ الباردة المحددة التي وقعنا عليها، ونقلوا كل الإيثريوم الموجودة في المحفظة الباردة إلى عنوان غير معروف".

بعد ذلك، ظهر بين زو في بث مباشر على منصة "إكس" في محاولة لتهدئة المخاوف، مرتدياً قميصاً أسود يحمل شعار المنصة، ويرتشف من علبة ريد بل خالية من السكر، طمأن أكثر من 200 ألف مشاهد قائلاً "أموالكم بأمان، وما زالت عمليات السحب مفتوحة."

وأضاف أن "باي بيت" ترتب للحصول على تمويل جسري لتعويض ما وصفه بـ"هجوم مصرفي ضخم" على المنصة، وذلك باستخدام رموزها الرقمية كضمان.

مثل هذه التدفقات الهائلة من طلبات السحب كانت كارثية على شركات العملات المشفرة في الماضي، ولعل أشهر مثال على ذلك هو انهيار منصة "أف تي إكس" التابعة لـ"سام بانكمان-فرايد" عام 2022.

وفي الوقت الحالي أصبحت هذه التدفقات أقل إثارة للقلق إلى حد ما بفضل بيانات إثبات الاحتياط المتاحة عبر الإنترنت، ووفقاً لبيانات الاحتياط من "كوين ماركت كاب"، كان لدى "باي بيت"، التي لا تتوفر خدماتها في الولايات المتحدة نحو 16.2 مليار دولار من الأصول على منصتها قبل تعرضها للاختراق، مما يجعل "إيثر" والمشتقات المرتبطة بها المسروقة تعادل نحو تسعة في المئة من إجمال أصولها.

مع ذلك أدت الحادثة إلى انهيار مفاجئ في الارتفاع المبكر للقطاع، وسط ما وصفه رئيس "ييلو نياوورك"، أليكسيس سيركيا، بأنه "بيع بدافع الذعر واضطرابات في السيولة".

العملات المشفرة والميمات الشديدة التقلب

وقال مدير سياسة الأوراق المالية في مجموعة "بيتر ماركتس"، بنيامين شيفرين، لـ"بلومبيرغ"، "تظهر أحداث اليوم أن العملات المشفرة والميمات ليست فقط شديدة التقلب، وليست فقط عرضة للاحتيال والجرائم المالية، بل أيضاً عرضة لهذه الأنواع من الحوادث، إذ يمكن سرقة أموال المستثمرين ببساطة"، وأضاف "نسمع الآن عن حديث الكونغرس بصورة صريحة حول تقديم تنظيم خفيف لصناعة العملات المشفرة، وأعتقد أن التنظيم الخفيف لن يمنع الناس من خسارة أموالهم في حوادث مثل ما حدث اليوم."

وبينما تخلت الرموز الرقمية المتداولة على بورصة "كوين بيز" عن مكاسبها، كانت أسهم "كوين بيز" تتبع المسار نفسه، إذ خسرت جميع المكاسب المبكرة لتغلق منخفضة بنسبة أكثر من ثمانية في المئة، وهو أسوأ انخفاض هذا العام وأدى إلى انخفاض السهم إلى أدنى مستوى له منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2024.

وتخلت السوق عن الاحتفال الذي استمتعت به الشركة عقب إعلانها عن القرار المبدئي من لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية، الذي أبرزته تغريدة مطولة من الرئيس التنفيذي لـ"كوين بيز"، براين أرمسترونغ، على منصة "إكس"، والتي شملت صورة مائية مثل صورة رجل مسلح من الغرب المتوحش مع شعار "كوين بيز" على سترة ظهره، وهو يقف في مواجهة خصم يرتدي قبعة بيضاء ويحمل شعار اللجنة.

وقال المؤسس المشارك لشركة "ميغا أي تي أتش"، الناشئة في مجال الـ"بلوكشين"، شوياو كونغ، "أعتقد أن حجم كلا الحدثين معاً في اليوم نفسه يعد ضربة كبيرة، وتذكير بأن سوق العملات المشفرة لديها أخطار نظامية كبيرة".

وفي تأملاته حول الأحداث الحاصلة، قال المدير القانوني في "كوين بيز"، بول جريوال، "أمضى الرئيس السابق لهيئة الأوراق المالية والبورصات، غاري جينسلر، أربعة أعوام في مهاجمة صناعة قانونية بدلاً من إنشاء تنظيم يحمي المستهلكين، لحسن الحظ، فإن إدارة هيئة الأوراق المالية والبورصات الجديدة تفهم أن وضع القوانين – التي يقودها تشريع شامل للأصول الرقمية من الكونغرس – هو الطريق الوحيد للمضي قدماً."

وفي الوقت نفسه لا تزال إحدى الجمل من تغريدة أرمسترونغ ترن في الأذهان، حتى بعد الأحداث التي تلتها، كما قال باين في فيلم "فارس الظلام"،" كتب "ربما تبنيت الظلام، أما أنا فقد ولدت فيه".


اندبندنت عربية