إلى سيّد العهد ،فليكن عهدُكم عهد الإستقرار والسّعادة والابتسامة؟؟!- بقلم المحامي انطوان القاصوف

  • شارك هذا الخبر
Saturday, February 22, 2025

تقول الحكاية:
"جاءَ طائر ٌ إلى بركةِ ماءٍ ليشربَ فوجدَ أطفالاً بالقرب منها..إنتظر حتى غادروا وابتعدوا..ولكن جاءَ رجلٌ ذو لحية إلى البركة ،فقال الطائرُ في نفسه : هذا رجلٌ وقورٌ ولا يُمكنُ أن يُؤْذِيَني.. فنزلَ ليشربَ ولكنَّ الرّجلَ رماهُ بحجرٍ ففقأَ عينَهُ .
لجأ "الطائرُ الأعورُ" ،شاكياً ،إلى نبيِّ الله سليمان .
إستدعى "النبيُّ" الرجلَ وسأله : ألَكَ حاجة عند هذا الطائر ورميتَهُ؟ أجاب" لا..فأصْدَرَ النبٍيُّ حكمَهُ بِفَقْءِ عين الرجل .
إعترضَ الطائرُ مبرراً :إنَّ عينَ الرجلِ لم تُؤْذِني، بل اللحية هي التي"خدعتني وأذتني " لذلك أُطالبُ "بِقَصِّ لحيته " حتى لا ينخدع بها غيري...؟؟!!
..وقياساً ، لو حضرَ هذا الطائرُ إلى بلادِنا في زماننا هذا ،تُرى ،خوفاً من "الخداع والأذيَّة" كم لحية سيطالبُ بِقَصِّها وإزالتها ؟

ألسْنا ضحايا "الثقة" ، التي أعطيناها لأناسٍ "فخدعونا وغشُّونا وأذونا " ..مارسوا كلَّ فنون إرتداء الأقنعة فبتْنا في عِهْدَةِ رجالِ سلطةٍ ورجالِ تَسَلُطٍ وفي قَبْضَةِ أيادٍ طويلة عَمَمُوا الفسادَ وطنياً وسياسياً وأمنياً وقضائياً ومالياً وإقتصادياً وثقافياً وإجتماعياً ..فابْتُلينا بجمهرة من المنافقين الذين يجعلون الأكاذيبَ حقائق .. دون أن ننسى الابطالَ "أحفاد دونكيشوت "الذين يجعلون "الانكسار انتصار" " والأنهيار استقرار " وفي مزاعمهم ،الإنتصارُ آتٍ لا محالة والخصم مهزوم بكلِّ حالة..ناهيك عن عصابة الإجرام التي تنهب المالَ وتغتال البشر وتسطو حتى على الحجر...؟؟!!

كلُّ هؤلاء واؤلئك، متحدون أو منفردون مارسوا الخداع والغش فأقدموا على فَقْءِ عين كلّ طائرٍ منّا فإن جاريناهم "ركبوا على أكتافِنا " وإن عارضْناهم "حيَّكوا لنا اكْفانَنا " .
كفى أعيدونا دولةً..!!
ولأنه ليس كلُّ صاحب لحية مصدراً للشر في وطننا فإننا نفتشُ عن "الأمل " مع بداية هذا العهد سَعْياً للمحافظة على سلامة أعيننا..؟؟!!

فإلى رئيس الجمهورية ورئيس واعضاء الحكومة الجديدة الذين وعدوا خطياً وشفهياً ،قَسَماً وتَعهداً بوضْعِ الوطن من جديد على مَسارِ "الخط المستقيم " والعودة به من "جهنم" حيثُ نحن إلى "الدولة" حيث نحلم دون المرور حتماً "بالغابة " حيث كنا ،ومع تقديرنا لكلامهم بانتظارِ أفعالهم ، نسألُ: هل بالإمكان اتخاذ "اليابان" مثلاً ومِثالاً للإستفسار عن سرِّ تَقدُّمِها ؟!
المآسي في لبنان تشبه "نسبياً "مآسي اليابان فهناك كانت "هيروشيما " وهنا ما زالت "بيروتشيما" ،هناك كانت قنبلة "ناكازاكي" وهنا أطنان من القنابلِ من الجنوب إلى البقاع إلى الضاحية إلى بيروت.. هنا عدو متربصُ وهناك أعداء مجاورون.. هنا انهيار اقتصادي وهناك كانت كوارث اقتصادية..هنا انحدار مخيف على كلّ المستويات وهناك كانت أودية سحيقة..
فماذا فعلت اليابان للخروج من مآسيها وما هو سرّ تقدُمِها ؟وهل الشبه المأساوي لا يفرضُ التَشَبُهَ بالعلاج الشافي،؟!
سُئلَ إمبراطور اليابان "أكيهيتو"عن اسباب تقدُمِ بلاده في وقتٍ قصير فأجاب:
"إتخذنا الكتاب صديقاً بدلاً من السلاح وجعلنا العلمَ والأخلاقَ قوتَنا وسندَنا وأعطينا "المعلم" راتب وزير وحصانة ديبلوماسي وجلالة الأمبراطور..حتى أنَّ"عامل النظافة" نُطلقُ عليه لقب"مهندس الصحة" بحيث يكون حاصلاً على شهادة دراسية ويبلغُ راتبُه الشهري حدودَ سبعة آلاف د.أ..فضلاً عن ذلك يملكُ مكانةً عاليةً من الإحترامِ والتقديرِ بين أطياف الشعبِ بإعتبارهِ يؤدي كلَّ يومٍ عملاً نبيلاً فإستحق أن نقيمَ له تمثالاً من ذهب في الساحات العامة...وختم الأمبرطورقائلاً: من السهلِ أن تُدركَ أسبابَ تخلِّفنا إن عكست كلَّ هذه المقاييس.
حتماً بعضُ الشبه والتشبه بالكرامِ فلاحُ..وهل ننسى نصيحةَ أديبنا الكبير "جبران خليل جبران " حيث قال من زمنٍ بعيد: الوطن بحاجةٍ إلى ثلاثة ؛ معلّمٌ يُربيه ،فلاحٌ يُغذّيه وجنديٌّ يحميه...؟؟!!

السيد الرئيس!
عندما ابتدأ الحديثُ قرب نهاية ولاية العهد السابق ،عن إنتخاب رئيس جديد للجمهورية وراح الإعلامُ يتداولُ إسمَكَ كمرشحٍ محتملٍ ، نشرتُ مقالاً مُطوَلاً بتاريخ ١٣ حزيران ٢٠٢١ جعلتُ عنوانَهُ السؤال التالي: هل نجحت عسكرة الرئاسة في لبنان؟؟!!
وكان الجواب :تُرى هل هذه التجربة نجحت حتى نعتمدها ونكررها؟
لقد رأينا أنها نجحت مع "لواء" ولكنها لم تنجحْ،في ثلاثة عهود مع ثلاثة "عٌمُد" ؟!
ومع بداية عهدك ،رجاؤنا وصلاتُنا أن تكونَ"الناجح الثاني" لا "الفاشل الرابع"؟!
الأمير اللواء القائد الرئيس فؤاد شهاب ،معه نتابع ولا نبدأ من اصلاحٍ إداري إلى إصلاحٍ مالي إلى إصلاحٍ قضائي إلى إصلاحٍ سياسي إلى إصلاحٍ دستوري... معه نتذكر كيف بنى دولةَ المؤسسات بأفكار إصلاحية متجددة مُشْبَعة بروح العدالة الإجتماعية ليقودَ لبنان إلى المستقبل.. معه نتعلم من اسلوبِ حكمٍهِ سواء من أجل أن نحكمَ أو من أجل أن نغادرَ بدون شهوة التمديد وبدون ضوضاء ومع تسليم وتسلّمٍ وهي "رمزية"فقدناها منذ عهود..؟!

القائد الرئيس!
إنَّ كلَّ ما فيك يكفيك ويغنيك فإجعلنا نكتفي ونغتني من غِناك..!

الأب الرئيس!
سألَ ولدٌ والدَهُ:ما الفرق بين إبتسامتي وإبتسامتك؟
أجاب الوالدُ: أنت تبتسمُ عندما تكونُ سعيداً وأنا أبتسمُ عندما أراك سعيداً
ولأنَّ الرئاسة "أُبُوَة" أملُنا بأن يكونَ عهدُكم عهدَ "الإستقرار" وهو سرّ بقاء الأمة واستمرارها لينعمَ المواطنُ "بالسعادة" ويُشرقَ وجهُهُ "بالابتسامة "...؟؟!!