هواجسُ أمنيّة في يوم “التّشييع الكبير”-بقلم ملاك عقيل

  • شارك هذا الخبر
Saturday, February 22, 2025

لا يوم كـ”طوفان 23 شباط”، تاريخ التشييع الكبير للأمين العامّ لـ”الحزب” السيّد حسن نصرالله، وخَلَفه الذي عيّن أميناً عامّاً، ولم يُعلن ذلك قبل اغتياله، السيّد هاشم صفيّ الدين. لن يتوقّف الأمر على حجم الحشد الشعبي غير المسبوق. كلّ ما سيُرافق الحدث غداً هو استثنائي، بكلّ المعايير.

هذا ووجد الداخل اللبناني نفسه أمام مشهد لم يكن ليُدرج على لائحة أسوأ السيناريوهات بعد محطّتَي التحرير 2000 و2006: لبنان تحت الاحتلال الإسرائيلي، حرفيّاً، و”الحزب” يشيّع قائداً لن يتكرّر.



قالت مصادر أمنيّة لـ “أساس” إنّه “من ضمن المرّات النادرة رُفِعت 100% جهوزيّة الجيش وباقي الأجهزة الأمنيّة، وعقد اجتماع أمنيّ في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزف عون، دُعي إليه قادة الأجهزة يوم الخميس، لمواكبة إجراءات “اليوم الكبير”.

تشير معلومات “أساس” إلى حَسم الرئيس نبيه بري، من دون تردّد، قراره بالمشاركة في التشييع الرسمي لـ”صديقه” و”رفيق درب” جزء كبير من مسيرته، السيّد نصرالله. حضور برّي شخصياً يعفي رئيس الجمهورية، بروتوكوليّاً، من الحضور أو انتداب ممثّل عنه. لكن، بروتوكوليّاً أيضاً، ليس بمقدور رئيس مجلس النواب تمثيل موقع سلطوي أدنى من الرئاسة الثانية، ولذلك سينتدب رئيس الحكومة نوّاف سلام وزيراً من الحكومة لتمثيله، وقد يكون نائب رئيس الحكومة طارق متري أو وزير العمل محمد حيدر.

لأسباب أمنية بقي قرار برّي بالمشاركة غير مُعلن، فيما يقول قريبون منه إنّ هذا الأمر لم يُحسم نهائياً ربطاً بالظروف الأمنية التي قد تستجد آخر لحظة. هذا مع العلم، أنّ رئيس اللجنة التنظيمية لمراسم التشييع أعلن إنّ رئاستيّ الجمهورية والمجلس النيابي أكّدتا المشاركة في التشييع.

حدث مفصلي

سيكتسب الحضور الرسمي والنيابي والسياسي و”التمثيلي”، لبعض الكتل، والحضور المتوقّع من 65 دولة، ولائحة القوى المقاطِعة لمراسم التشييع، أهمّية كبيرة في سياق حدث مفصليّ ومصيري، أقلّه بالنسبة للطائفة الشيعية، واستطراداً “الثنائي الشيعي”.

كان لافتاً جداً تأكيد “الحزب الاشتراكي” مشاركته، وهو ما سيسري بالطبع على “التيّار الوطني الحر”، الذي تردّد أن رئيسه جبران باسيل قد يحضر شخصياً، على رأس وفد نيابي كبير، ممثلاً أيضاُ الرئيس السابق ميشال عون، و”تيار المرده” عبر النائب السابق سليمان فرنجية والنائب طوني فرنجية، والأحزاب والقيادات القريبة أو الحليفة للحزب، في مقابل مقاطعة “تيار المستقبل”، فيما لم توجّه الدعوات للمشاركة إلى “القوات اللبنانية” و”الكتائب”.

كان لافتاً أيضاً تغريدة للنائب الجمهوري في مجلس النواب الأميركي جو ويلسون على منصّة “أكس” قال فيها: “أي سياسي لبناني سيحضر تشييع السيّد يعتبر نفسه واقفاً إلى جانب النظام الإيراني”.
تتولّى التنظيم فرق عمل متعدّدة في “الحزب”، تشمل آلاف العناصر المُلتزمين والمتطوّعين، ويُعتبر الحشد الأكبر في تاريخ مسيرات “الحزب”، وفي لبنان. اقتضى الأمر تنسيقاً على أعلى المستويات مع الجيش والأجهزة الأمنيّة، لناحية توفير “مناخ آمن” لوصول الرسميّين وكلّ من وُجّهت لهم الدعوات إلى الحضور في مقاعد “الضيوف” وسط الباحة الكبرى لملعب كميل شمعون في المدينة الرياضية، إضافة إلى “المسارات” التي سيسلكها موكب التشييع، وصولاً إلى موقع مرقد السيّد نصرالله على طريق المطار، فيما سينقل جثمان السيّد هاشم صفيّ الدين في اليوم التالي إلى بلدته دير قانون النهر.

الهاجس الأمنيّ

في ظلّ أجواء “برّ وبحر وجوّ” مفتوحة بالكامل أمام العدوّ الإسرائيلي، يحضر الهاجس الأمنيّ بقوّة، لا سيّما أنّ المعلومات تتقاطع عند حضور عدد من القيادات الأمنيّة التي لا تزال في الظلّ، غير المعروفة حتى بالنسبة لبيئة “الحزب”، والتي تولّت مسؤوليّات حديثاً بعد اغتيال العدوّ الإسرائيلي لمعظم قادة الصفّين الأوّل والثاني. فيما لم يتأكّد بعد حضور الأمين العامّ لـ”الحزب” الشيخ نعيم قاسم شخصياً، أو تلاوة كلمته المسجّلة مسبقاً، مع ترجيح الخيار الأوّل بنسبة كبيرة.
سيشهد طوفاناً شعبياً غير مسبوق، حيث يقول مصدر أمني لـ”أساس”: “هي المناسبة التي استدعت أكبر استنفار أمنيّ لكلّ الأجهزة في الوقت نفسه، أي الجيش وقوى الأمن الداخلي وأمن الدولة والأمن العامّ في غالبيّة المناطق، وعلى مدى ثلاثة أيّام. وُضِعت الاحتمالات جميعها على الطاولة، بما في ذلك التحسّب لأيّ طارئ أمنيّ من جهة العدوّ الإسرائيلي المستمرّ في تنفيذ اغتيالات وقصف جوّي عبر المسيّرات، أو طابور ما، وستصبّ المعطيات في غرفة عمليات مشتركة في ثكنة “هنري شهاب”، مهّد لها الاجتماع الأمنيّ برئاسة عون في بعبدا”.

اجتماع القصر

في هذا السياق، عَلم “أساس” أنّ تنفيذ إسرائيل عملية اغتيال عبر المسيّرات لأحد كوادر الحزب (ليس بالضرورة في منطقة التشييع) وُضِع فعلاً ضمن الاحتمالات خلال اجتماع بعبدا، إضافة إلى التحسّب لأي إشكالات قد تكون مُنظّمة بهدف التشويش على المناسبة وخلق الفوضى.

في بداية الاجتماع تكلّم رئيس الجمهورية، وكان لافتاً حديثه عن التشييع “ليس بصفته مناسبة حزبية تخص الحزب فقط بل مناسبة وطنية كبيرة، كما قال، تجمع عدداً كبيراً من اللبنانيين. وهو حدث كبير تقتضي مواكبته بدرجة عالية جداً من اليقظة الأمنية والتصدّي لأي عمل تخريبي”، مشدداً على “التنسيق الأمني بين كافة الأجهزة واتّخاذ كافة الإجراءات لتأمين أمن المناسبة”. وبعد انتهاء إجتماع بعبدا الأمني، عقد اجتماع لمجلس الأمن المركزي تمّ التشديد فيه على الإجراءات الأمنية لحماية المشاركين في التشييع، ومساراته من المدينة الرياضية حتى المرقد على طريق المطار.
بدءاً من اليوم ستقفل العديد من الطرقات والمسالك المؤدّية إلى موقع التشييع والدفن، مع فرض إجراءات سير خاصّة من وإلى مطار بيروت، واتّخاذ إجراءات أمنيّة غير اعتيادية ترافق وصول مئات الوفود، خصوصاً من إيران والعراق واليمن للمشاركة في التشييع. فيما أكدت المعلومات مشاركة مسؤولين إيرانيين كبار في التشييع.