خاص - سعد الحريري.. الزعامة السنية "المجمدة" دون تاريخ انتهاء صلاحية!- بولا أسطيح

  • شارك هذا الخبر
Saturday, February 15, 2025

خاص الكلمة أونلاين

بولا أسطيح

قد يكون غير مسبوق في تاريخ الزعامات السياسية ان يجمّد احدهم زعامته لسنوات ويعود ليطمئن عليها ليجدها افضل مما كانت. هذا ما حصل مع الزعيم السني سعد الحريري الذي قرر الانكفاء وتعليق عمله وعمل تياره السياسي في العام 2022 عشية الانتخابات النيابية ليغيب تيار "المستقبل" عن كل الاستحقاقات التي تلتها راضيا التواجد في صفوف المتفرج على احزاب وقوى اخرى تحاول ان تملأ الفراغ الذي تركه دون نتيجة.


بقيت الطائفة السنية طوال الفترة الماضية أشبه ب"اليتيمة" بين طوائف اخرى اما تناتشتها الزعامات لحد افقادها دورها او جنحت بها زعامات اخرى لمغامرات تجاوزت حدود الوطن ما كبدها فواتير تفوق طاقتها.
وقد يعتقد اي عاقل ان نتيجة التنحي عن الزعامة ل٣ سنوات سيعني تلقائيا تسلم آخرين هذه العباءة وانضواء الجمهور السني تحتها. لكن مشهد عشرات الآلاف الذي تجمهروا الجمعة لاحياء الذكرى العشرين لاغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري أتى ليؤكد ان زعامة سعد الحريري لم تهتز وانها وان جُمدت فهي لا تلتزم بتاريخ انتهاء صلاحية.


ويمكن الحديث عن عاملين اساسيين يجعلان الحريري رغم كل ما عايشه منذ ال2019 حتى اليوم الزعيم السني الوحيد في لبنان. ولعل العامل الاول والابرز هو فشل كل القيادات السنية الاخرى بخلق حيثية شعبية لها على الارض سواء خلال نشاط "المستقبل" السياسي او بعد انكفائه. وهنا يمكن تعداد الكثير من الاسباب لذلك، لكن اهمها يبقى غياب الشخصية القيادية في الطائفة التي تستطيع ان تبني على ارث الحريري.



اما العامل الثاني، فيكمن بممارسة سعد الحريري السياسة بكثير من الشفافية والقرب من الناس والتواضع، ما يفتقره باقي الزعماء. وليس مسارعته لتقديم استقالته على خلفية انتفاضة ١٧ تشرين الاول مقابل تمسك باقي الزعماء بمواقعهم، ليس الا دليلا حاسما انه ينتمي الى جيل جديد من الحكّام لم يعتده اللبنانيون ما يجعل مؤيدوه واخصامه يتعاطفون معه.
وبالرغم من الحجج التي يقدمها الحريري وقياديو "المستقبل" لتجميد عملهم السياسي طوال الفترة الماضية وابرزها ان المرحلة استدعت الابتعاد، يُدرك الجميع ان خلافات الحريري مع القيادة في المملكة العربية السعودية كانت السبب الرئيسي لابتعاده عن المشهد. اما خروجه بالامس ليعلن عودة تياره للعمل السياسي فيطرح اكثر من علامة استفهام عما اذا كان قد نجح بحل الخلافات السابق ذكرها مع ترجيح ان يكون ما يقوم به محاولة لجس نبض الرياض ليبني على اساس تعاطيها مع عودته فاما يعمد الى تزخيم نشاطه او إبطائه، علما ان كل المعطيات تفيد بأنه لم يعد ليستقر في لبنان وانه العودة ستكون تدريجية لتصل لاوجها في الانتخابات النيابية المقبلة.