إيران تُحوّل لبنان إلى ساحة لتغيير ديموغرافي مدمّر- بقلم طارق أبو زينب

  • شارك هذا الخبر
Thursday, February 13, 2025


بينما يترنّح المحور الإيراني تحت وطأة الهزائم المتلاحقة في سوريا والمنطقة، تسابق طهران الزمن لتعويض خسائرها، مستغلّة لبنان كساحة مثالية لتنفيذ مخططاتها التوسّعية. هذه المرّة، لا يقتصر الأمر على دعم أذرعها التقليدية، بل يتعدّاه إلى مشروع أشدّ خطورة يهدف إلى تغيير ديموغرافي يهدّد هويّة لبنان واستقراره.



تعمل إيران عبر شبكاتها المعقّدة، على تعزيز وجود عناصر مُجنّسة سورياً وفلول النظام السوري السابق الذين تسلّلوا إلى لبنان بطرق غير شرعية بعد تهاوي نظام الأسد. وبإشراف مباشر من الحرس الثوريّ، تسعى طهران إلى فرض واقع ديموغرافي جديد يُكرّس هيمنتها على لبنان.





خطوة استراتيجية نحو الهيمنة

الزيارة الأخيرة التي قام بها نائب وزير خارجية إيران، وحيد جلال زاده، إلى بيروت لم تكن مجرّد زيارة دبلوماسية، بل كانت خطوة استراتيجيّة تهدف إلى تعزيز نفوذ إيران في لبنان على المستويين السياسي والديموغرافي. خلال هذه الزيارة، التقى جلال زاده عدداً من كبار المسؤولين اللبنانيين، من بينهم رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري، حيث ناقش قضية اللاجئين السوريين في لبنان. تصريحات جلال زاده حول التعاون الدولي لتقديم الرعاية للاجئين، كانت بمثابة غطاء لمخطط سياسي أكبر.



أوحى جلال زاده بإمكانية بقاء السوريين الفارّين في لبنان لفترات طويلة، وذلك من خلال مطالبته بتقديم مساعدات دولية لهم. وقال إن الأمم المتحدة، التي وفّرت طوال السنوات الأخيرة العناية الصحية والاجتماعية للاجئين السوريين الذين نزحوا إلى لبنان نتيجة الأحداث التي عصفت بسوريا، يجب أن تواصل هذا الدعم. أضاف: "نأمل أن تبادر جميع المحافل والمنظمات الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة، إلى تقديم العناية الضرورية والإنسانية نفسها للإخوة السوريين الذين نزحوا حديثاً من سوريا إلى لبنان".





التوطين المزعوم

لفتت مصادر لبنانية لـ "نداء الوطن"، إلى أن زيارة جلال زاده تتجاوز الطابع الدبلوماسي التقليدي، إذ تحمل بين طيّاتها مسعى لترويج مشروع يهدف إلى توطين لاجئين إيرانيين مجنّسين دخلوا لبنان عبر معابر غير شرعية، من بينهم عناصر من الحرس الثوري الإيراني، كانوا يقيمون في دمشق وضواحيها، حصلوا على الجنسية السورية من نظام بشار الأسد، ويُقدَّر عددُهم بأكثر من 150 ألف شخص متوارين في منطقة البقاع اللبناني. ويسعى جلال زاده حالياً إلى تثبيت وجودهم في لبنان تحت غطاء إنساني، فيما الهدف الحقيقي يكمن في تغيير التوازن الديموغرافي، بما يخدم أجندة إيران في ترسيخ نفوذها السياسي والعسكري على المدى البعيد .





هل يهدّد هذا المخطط هويّة لبنان؟

تكشف المحامية ريتا بولس لـ "نداء الوطن" أنها تتابع الملفّ من الناحية القانونية لكشف حالات الإقامة غير الشرعية لفلول النظام السوري والإيرانيين المجنسين سورياً في لبنان. وتلفت بولس إلى أن الأدلّة تتزايد بشأن تواجدهم في لبنان، حيث يقيم العديد منهم بشكل غير قانوني، إمّا عبر التسلل عبر الحدود أو بتسهيلات مشبوهة. هؤلاء الذين كانوا جزءاً من دعم نظام الأسد لسنوات، ما زالوا يمارسون أنشطتهم في لبنان بعيداً من أنظار السلطات الرسمية. وجودهم في البلاد يمثل تحدياً للأمن اللبناني ويطرح تساؤلات حول تأثير هذه الجماعات على المشهد السياسي والأمني في لبنان، خاصة في ظلّ غياب الإجراءات الفعّالة لمنع تواجدهم غير الشرعي.



تشير بولس إلى التواطؤ من قبل بعض القوى السياسية اللبنانية مع هذا المخطط، الذي يهدف إلى تحقيق تغيير ديموغرافي يمسّ الهوية العربية للبنان ويزيد من تبعيّته. وفي هذا السياق، تؤكد ضرورة أن يكون الموقف اللبناني الرسمي موحّداً، داعية إلى تحرّك سريع من القضاء اللبناني.



تتابع المحامية بولس تحرّكات القوى السياسية، وتؤكد أن التغاضي عن هذا التهديد لم يعد خياراً، بل بات من الضروريّ على جميع القوى السيادية التحرّك فوراً لمواجهة هذه المخططات الإيرانية التي تهدّد التوازن الديموغرافي في لبنان. فما يبدو في الظاهر كتحرّك إنساني قد يكون في عمقه تمهيداً لمشروع استيطاني يهدّد هويّة لبنان ومستقبله. اللبنانيون اليوم أمام مفترق طرق مصيري: إما أن يتحركوا لحماية وطنهم، أو أن يجدوا أنفسهم أمام واقع جديد قد يصبح من المستحيل تغييره.