فايننشال تايمز- على نتنياهو الاختيار بين رغبة ترامب بوقف الحرب في غزة ودعوات ائتلافه للعودة إليها

  • شارك هذا الخبر
Sunday, February 2, 2025

نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” تقريرا أعدته نيري زيبلر تساءلت فيه إن كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيوقف الحرب في غزة. وقالت إن عليه أن يتخذ القرار قبل أن يصل إلى واشنطن ويجتمع مع الرئيس دونالد ترامب.

وقالت إن نتنياهو ظل وعلى مدى 16 شهرا من الحرب يرفض الحديث عن تصوره لمستقبل غزة. ومع ذلك، قد يكون يوم الحساب لكل من الزعيم الإسرائيلي الذي خدم لفترة طويلة والقطاع الفلسطيني المحطم قد اقترب.

ومن المتوقع أن تركز المناقشة في لقائه مع ترامب على ما إذا كانت الهدنة المؤقتة المتفق عليها الشهر الماضي – والمقرر أن تستمر لمدة أربعة أسابيع أخرى – ستصبح وقف إطلاق نار دائما.

فمن الناحية العلنية، قال نتنياهو بأنه ملتزم بالهدفين اللذين حددهما في بداية الحرب: تدمير حماس في قطاع غزة، وإعادة جميع الأسرى الذين تم أسرهم خلال هجوم الحركة في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

لكن من الواضح أكثر من أي وقت مضى أن هذين الهدفين غير متوافقين. فما إن انتهت المعارك، التي كانت بمثابة بداية العملية التي من شأنها أن تعيد في نهاية المطاف 33 أسيرا، حتى ظهر مسلحو حماس لإعادة فرض سيطرتهم على المنطقة الساحلية، حيث استعرضوا أسلحتهم ونظموا مسيرات حاشدة.

وقد كان ذلك بمثابة تذكير صادم لإسرائيل بأن “النصر الكامل” الذي وعد به نتنياهو دائما وعلى الرغم من الهجوم الشرس الذي أسفر عن مقتل 47,000 فلسطيني حسب السلطات المحلية، كان مجرد وهم.

ويقول المسؤول الاستخباراتي السابق مايكل ميليشتين إن الحرب “لم تؤد إلى انهيار حماس أو استعادة الأسرى”، وأضاف أن إسرائيل “حققت إنجازات تكتيكية وليس اتجاها استراتيجيا. ولا تزال حماس تحكم وهي الفاعل المهيمن في غزة، نقطة”.

ومن المقرر أن يبدأ الوسطاء الدوليون، بقيادة الولايات المتحدة، الأسبوع المقبل محادثات حول تفاصيل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار. ويتوقع أن تكون مفاوضات شاقة لتأمين إطلاق سراح العشرات من الأسرى الإضافيين وحمل الأطراف المتحاربة على الموافقة على وقف كامل لإطلاق النار. وعليه سيحتاج نتنياهو قريبا إلى أن يقرر فيما إن كان على استعداد لمتابعة الاتفاق حتى نهايته. فمن ناحية، عليه الأخذ بعين الاعتبار ترامب المتقلب، راعيه الدولي الأكثر أهمية والذي أجبره على قبول الهدنة الأولية التي ستستمر على مدى 42 يوما والتركيز على استعادة الأسرى كهدف أساسي.

ومن جهة أخرى، يجب على نتنياهو الحفاظ على دعم أعضاء اليمين المتطرف في حكومته، مثل بتسلئيل سموتريتش، وزير المالية الذي عارض اتفاقية وقف إطلاق النار وهدد بمغادرة الحكومة و”تفكيك” التحالف لو لم تستأنف إسرائيل الحرب واحتلال غزة بعد نهاية المرحلة الأولى في نهاية شباط/فبراير.

وهذه هي المعضلة السياسية الواضحة التي أسماها المحلل الإستراتيجي والسياسي نداف شاتروشلر والذي عمل سابقا مع نتنياهو “ساندويتش بيبي”.

وقال شاتروشلر إن ترامب وخلافا لسموتريتس يريد مواصلة الصفقة بهدف وقف الحرب في غزة. إلا أن تقلب ترامب منح سموتريتش والمتطرفين مثله الفرصة لاستغلال تصريحات الرئيس الأمريكي الأخيرة والتي تحدث فيها عن رغبته بنقل الفلسطينيين إلى مصر والأردن ودول إسلامية أخرى. وقال سموتريتش الأسبوع الماضي: “أنا أعمل مع رئيس الوزراء والحكومة لإعداد خطة تشغيلية وضمان تحقيق رؤية الرئيس ترامب”.

وفي حين لم يعلق نتنياهو على الخيار، الذي أدين على نطاق واسع باعتباره شكلا من أشكال التطهير العرقي الذي قد يؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة بشكل خطير، زعم شخص مطلع على تفكير الحكومة الإسرائيلية أن تعليقات ترامب “لم تكن مفاجئة”. وقال الشخص: “هذه ليست فكرة جاءت إلى ترامب للتو. كانت إسرائيل على علم بأنه سيقولها. إنهم متحالفون ومنسقون”، في إشارة إلى أمريكا وإسرائيل.

لكن كثيرين فسروا تعليقات ترامب التحريضية على أنها بداية لمفاوضات أكبر، وليس فقط حول مستقبل الأراضي الفلسطينية. ومثله كمثل الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن من قبله، لم يخف ترامب رغبته في ربط نهاية الصراع في غزة باتفاقية تطبيع أوسع بين إسرائيل والسعودية، التي تصر على مسار “لا رجعة فيه” نحو دولة فلسطينية.

ومن شأن التطبيع مع السعودية أن يكون حافزا لنتنياهو لإنهاء الحرب وتأمين إرثه، وبخاصة أن الرياض لن توافق على التطبيع وسط الحرب.

وأخبر أدم بوهلر، مبعوث ترامب لشؤون الرهائن القناة الإسرائيلية 12 يوم الأربعاء أن على الدول العربية التقدم بخطة بديلة، لو عارضت خطة الرئيس الأمريكي. وقال إن ترامب دائما يفتح خيارات مختلفة. ولعل الخيار المفضل لإسرائيل وحلفائها الأمريكيين هو موافقة حماس طوعا على إلقاء سلاحها والخروج إلى المنفى في أثناء مفاوضات المرحلة الثانية، رغم استبعاد حدوث هذا.

وقال الشخص المطلع على تفكير الحكومة الإسرائيلية إن نتنياهو “لا يريد المزيد من حماس [في غزة]، وهو يحظى بدعم في هذا الصدد”. ولعل الأرجح هو قبل أو التفكير بالخطط المختلفة التي تقدمت بها الدول العربية الحليفة للولايات المتحدة مثل مصر والإمارات العربية المتحدة لإنشاء هيئة انتقالية مدعومة دوليا من قبل السلطة الفلسطينية لإعادة تأكيد السيطرة المدنية على القطاع.

ومع ذلك، رفضت حكومة نتنياهو طوال فترة الحرب السماح للسلطة الفلسطينية، التي تمارس حكما ذاتيا محدودا في الضفة الغربية المحتلة والتي طردتها حماس بالقوة من غزة في عام 2007، بالعودة إلى القطاع.

ويقول أفي إيشاروف المحلل الإسرائيلي والمشارك في إنتاج مسلسل فوضى إن إشراك السلطة الوطنية هي الخيار الواقعي من أجل إنشاء “نظام بديل في غزة”.

وقال: “يتعين على ترامب الآن أن يشترط المرحلة الثانية بدخول السلطة الفلسطينية إلى غزة وتقديم حماس تنازلات. ويتعين عليهم حمل حماس على الاعتقاد أنها لا تستطيع البقاء في السلطة”.

ويزعم محللون آخرون أن الثمن الباهظ لإعادة إعمار غزة، والذي يقدر بعشرات المليارات من الدولارات، سوف يحد من قوة حماس التفاوضية.

لكن المسؤول الاستخباراتي الإسرائيلي السابق ميلشتين يرى أن خطة كهذه “ساذجة” وستفشل حتما. وقال إن سلطة وطنية يقودها زعيم ثمانيني ستكون ضعيفة ولن تخدم إلا كورقة تين تسمح لحماس البقاء كقوة فعلية على الأرض. ودعا ميلشتين إلى طريق ثالث: فتحقيق اتفاق وقف إطلاق النار في غزة مقابل الإفراج عن الأسرى يتطلب إعادة جميع الإسرائيليين من الأسر والاعتراف بأن حماس ستظل في السلطة في المستقبل المنظور ــ حتى الحرب القادمة.

وقال ميلشتين: “لا نستطيع أن نعيش مع حماس في غزة، ولكن هذا يتطلب حملة كبيرة حيث سنحتاج إلى الاستيلاء على غزة، والبقاء هناك لفترة طويلة، وتفكيك حكم حماس. وهذا يتطلب تخطيطا جديا، فضلا عن الدعم المحلي والدولي. وسوف يستغرق الأمر سنوات”.

وفي نهاية المطاف، لم يستبعد نتنياهو إمكانية العودة إلى الحرب أيضا “بطرق جديدة وبقوة كبيرة”، كما قال الشهر الماضي، هذا إذا انهارت المفاوضات مع حماس.

وقال شخصان مطلعان على الأمر إن ترامب وبايدن قدما لإسرائيل ضمانات مكتوبة بأنهما سيدعمان العودة إلى القتال إذا انتهكت حماس شروط اتفاق وقف إطلاق النار. والأمر الحاسم هو أنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كان هذا سيشمل انهيار المفاوضات بشأن المرحلة الثانية من الاتفاق.


القدس العربي