سليم بدوي: جبران وهاسكل جمعتهما ضرورات الحياة المادية ولم تفرقهما حساسيات البشر الأنانية
شارك هذا الخبر
Saturday, February 1, 2025
قال الكاتب والشاعر اللبناني سليم بدوي، إن كتابه الجديد “هي والنبي” الذي يشارك به في معرض القاهرة الدولي للكتاب، يروي قصة العلاقة “الخاصة جدا” بين السيدة الأمريكية ماري هاسكل والكاتب والفيلسوف اللبناني جبران خليل جبران، وهي علاقة أقل ما يمكن أن يقال عنها: إنها لم تكن عادية بين شخصين، تقاربا عاطفيا وفكريا وروحيا دون أن يقترنا جسديا ، وجمعتهما ضرورات الحياة المادية دون أن تفرق بينهما حساسيات البشر الأنانية.
وأضاف بدوي – في حديث لوكالة أنباء الشرق الأوسط – إن جبران وهاسكل التقيا حول معاني الرسم وأعماق الكلمة ورموز الوجود، وتشاركا في بناء مشروع حياة خارج الزمان والمكان، وتعاونا على ترجمة حبهما أفعالا وأقوالا من خلال لوحات ومؤلفات عبرت عن تكامل حسي وروحاني بين ذاتيهما الصغرى والكبرى .
وحول السؤال الذي لطالما راود أذهان قراء ومحبي أدب جبران عن أي دور حاسم لعبته ماري هاسكل، ليس في حياة جبران فحسب، وإنما في مواكبة كتاباته أيضا حتى بلوغها الشهرة العالمية؟، قال بدوي إن الجواب عن هذا السؤال الصعب والمعقد ، فقد جاء صادقا ووفيا من خلال الكتاب لواقع وحقيقة علاقة ماري هاسكل بجبران، مستشهدا بحواراتهما ورسائلهما وبشهادات من رافقهما على مدى 27 عاما.
وعن روايته “حي الصنوبرة” الصادرة عن دار الهالة للإعلام والنشر، أوضح الروائي اللبناني سليم أن في هذه الرواية، التي يلتقي فيها السرد الروائي بتأريخ واقع ليس ببعيد، أعود بالقاريء إلى سنوات ما بات يعرف بـ”الزمن الجميل” في لبنان، إلى السنوات التي سبقت الانهيار الشامل، إلى ما قبل الثالث عشر من أبريل 1975 وما بعده. وعبر حكايات شخصيات من “حي الصنوبرة”، الحي الذي انطلقت منه شرارة الحرب الأهلية في لبنان ، يذكّر سليم بدوي، بأسلوب صريح وجريء، بمرحلة الطيش والتحلل، على حلاوتها ورونقها، التي أدت إلى الحرب الأهلية بتشابكاتها الفلسطينية والسورية والإسرائيلية، الإقليمية والدولية، ويرصد صورا من المجتمع اللبناني ما قبل وخلال الحرب، مضيفا : ” الحي أشبه بضيعة من ضيع لبنان .. حياة وعيش وتعايش، قبل التنابذ والتهجير، قبل خطوط التماس والقتل على الهوية، حي يعيش مأساة الوطن منذ اللحظة الأولى، ويشهد على تساقط أولاده شهداء كأوراق الربيع في خريف بلاد الأرز” .
أما عن ديوانه الشعري “عطش تشرين” الصادر عام 2022 عن دار الهالة للإعلام والنشر، يقول بدوي إن هذا الديوان يروي بألوان الصور وألحان العواطف لحظات واقعية سلسة ورقيقة في قصة حب متجدد متكامل بين رجل في خريف العمر وامرأة في عمر الربيع.
وتابع أن الديوان يضم قصائد وخماسيات باللغة المحكية تنعش القلوب الذابلة على أنغام الأمل في حياة شاعرية ملؤها الزهر والعطر والكلام المعسل، مضيفا :”عطش تشرين” .. شعر الحب المتجدد، وهو الديوان الثالث لي بعد “بنت الشعر” في الغرام المثالي و”رسائل إلى عينيك” في العشق المحرم”.
وعن كتابه “حنا الماروني” ملهم أشهر حكايات ألف ليلة وليلة والصادر عام 2023 وما تردد عن أنه بحث أدبي في ألف ليلة وليلة، أوضح بدوي : “هذا الكتاب ليس بحثا أدبيا جديدا في ألف ليلة وليلة، إنما هو مؤلف عن “كاتب الظل” لأشهر حكاياتها، حيث يروي الكتاب الحكاية الناقصة في ألف ليلة وليلة، قصة القلم الخفي الذي خط مصدر أروع ليالي شهريار، مثل حكاية “علاء الدين والفانوس السحري” أو “علي بابا والأربعون لصاً”، والذي ظل مجهولا مغيبا في فهرس كتاب التراث الفولكلوري الإنساني. وأشار إلى أن الكتاب يحكي قصة شاب ماروني، قادته دروب الحياة في القرن الثامن عشر من حلب إلى باريس، المدينة التي تكنى بالنور ومليكها بالشمس، فيما ظل هو أسير الظلام وخسوف القمر، باستثناء النخبة من العارفين في شأن الأدب المقارن، لا أحد سمع عن حنا دياب أو قرأ مخطوطته القابعة منذ سنين في مكتبة الفاتيكان الرسولية. وتابع : ” ولولا جهد القلة المتجردة، من الغيورين على الحقيقة الأدبية والتاريخية، لما كانت قافلة ألف ليلة وليلة، عادت أدراجها من حيث انطلقت مخطوطاتها، قبل أن تحط في باريس في طريقها نحو الشهرة العالمية” .
وعن روايته “البطرك مسعود” الصادرة عام 2023 ، وشهادة البطريرك جبرائيل أبي خليل من حجولا، لفت بدوي إلى أنه لا يوجد في الكنيسة المارونية بطريرك يحمل اسم “مسعود”، وفي نفس الوقت ليس بأسطورة، فقصته حقيقية وشخصيته ليست من نسج الخيال، لقد عاش في القرن الرابع عشر وحبريته دامت عشر سنوات كانت كافية لأن تكون مفصلية في التاريخ الماروني، بعدما طبعته باستشهاد أمسى دينا على الأجيال.
وأضاف كان جبرائيل من حجولا رمزاً للمقاومة الإيمانية السلمية من أجل بقاء كنيسة الموارنة حرة على الأرض اللبنانية، وتم رفعه إلى الكرسي البطريركي من غير أن يسعى إليه، ثم قادته قداسته إلى الشهادة فأحرق وهو حي على أيدي المماليك عام 1367 قبل أن يتحول ضريحه إلى مقام للتبرك في أجمل مشهد يفتقده لبنان في هذه الأيام.
وعن مشاركته في معرض القاهرة الدولي للكتاب وحبه وشغفه بالقاهرة ، قال بدوي إنه كتب قصيدة لمصر تعبر عن حبه لها وهي :
يا مصر يا مصر يا عروسة يا مزيّنة الأزمان تِبقي دايمًا محروسة من الربّ و الإنسان يا مصر يا سمرا طلعتي من النيل فرشتي الدنيا قناديل نوّرتيها بأحلى وعود و صارت كيف مَ مِلتي تميل يا مصر يا مصر لجايي من بعيد محمولي عَ وراق الزهر يا عمر ل كلّو مواعيد محفورة ع وجّ الدهر إِيامك كل يوم جديد يا مصر أنت الحب لْما بينقص و لا بيغفى عَ غروب الشمس حبك قصة ما بتخلص لا بِتنكتب و لابِتنمس عشفاف الكون بِتترقوص
يذكر أن الكاتب والروائي اللبناني سليم بدوي من مواليد بيروت عام 1958، وهو شاعر وباحث وصحفي، درس الفلسفة في الجامعة اللبنانية قبل أن يتخصص في تاريخ العالم العربي والإسلامي بجامعة السوربون.
جاءت باكورة أعماله الشعرية “بنت الشعر”، ديوان شعر لبناني (1979)، وأما أولى أبحاثه الأدبية فخصصها لجبران خليل جبران وأصدرها في كتاب على شكل “مقدمة في فكر جبران السياسي” عن منشورات ليبانيا سنة 1983.
قادته دراساته التاريخية إلى البحث عن كنعان بين إسماعيل وإسرائيل، في محاولة لفهم جذور القضية اللبنانية في أبعادها الحضارية وبيئتها الجغرافية، واهتمامه بتاريخ لبنان أثمر بحثا معمقا عن “تكوين الهوية المارونية”، وقد منحه قداسة البابا فرانسيس البركة الرسولية على كتابه “البطرك مسعود”، الذي يروي قصة شهادة البطريرك جبرائيل من حجولا على أيدي المماليك سنة 1367.