ماذا وراء تخبط الشباب في وجه تقلبات الحياة العملية؟
شارك هذا الخبر
Friday, January 31, 2025
يشب الإنسان وهو يعلم أن يوم دخوله معترك العمل قريب، وهو يوم ينطلق فيه على درب كسب المال وتحمل المسؤولية والشعور بوجود هدف لحياته، كما يخطو فيه أولى الخطوات المهمة لتحقيق النجاح في عالم الراشدين، أليس هذا ما وعدكم به آباؤكم ومعلموكم؟
ولكن اتضح أنهم كانوا مخطئين، إذ تشعر أعداد متزايدة من الشباب بأن العمل يتسبب لها بضغوط تفوق قدرتها على التحمل فيما تتضاعف أعداد الأشخاص الذين ينشدون العلاج النفسي إلى حد كبير، يعتقد بعضهم أن هذا الوضع مؤشر إلى أننا نواجه وباءً من اليأس وانهياراً حقيقياً، فيما يتساءل آخرون إن كان جيل الشباب لا يستطيع أن يفهم ببساطة بأن التعامل مع العراقيل التي تضعها الحياة بوجهه هو أمر طبيعي يساعدنا على تعزيز قدرتنا على الصمود والتحمل.
كشف التقرير الأخير الذي أصدرته منظمة الصحة النفسية في المملكة المتحدة Mental Health UK حول الإرهاق أن ثلث (35 في المئة) العاملين الذين تراوح أعمارهم ما بين 18 و24 سنة احتاجوا إلى أخذ إجازة العام الماضي بسبب اضطرابات نفسية مقارنة بعامل واحد من كل 10 من الفئة العمرية 55 فما أكثر.
وعزا الشباب هذه الضغوط النفسية إلى مطالبتهم بالعمل ساعات إضافية بوتيرة دورية من دون مقابل أو إلى عملهم ساعات إضافية من أجل مجاراة الغلاء المعيشي المتزايد، فيما تلقي نسبة شبيهة من الفئة العمرية 25 إلى 34 سنة باللوم على الضغوط النفسية التي تولدها أعباء العمل الثقيلة أو الخوف من خسارة الوظيفة.
وتستشري الآن ثقافة الأعذار المرضية، إذ أخذ 29 في المئة من العاملين من الفئة العمرية 25 إلى 34 سنة إجازات في عام 2024 بسبب الإنهاك مقارنة بـ23 في المئة خلال العام السابق، بينما طلب ربع العمال الذين تراوح أعمارهم ما بين 35 و44 سنة إجازات في عام 2024 مقارنة بخمسهم في عام 2023، لكن هناك اعتقاداً كذلك بأن زيادة الوعي بشؤون الصحة النفسية هو السبب الذي يعوق قدرة العاملين الشباب على التمييز بين شعور الإحباط الاعتيادي الذي قد يصيبك في الأيام العادية والأزمات النفسية الحقيقية.
منذ فترة قصيرة، قالت الرئيسة السابقة للكلية الملكية لأطباء الصحة العامة البروفيسورة كلير جيرادا، إن بريطانيا تعاني "مشكلة سعي أشخاص من كل الفئات العمرية إلى الحصول على تشخيص أو تصنيف (مرضي)"، وبدا أنها تكرر كلام رئيس الوزراء السابق توني بلير الذي حذر من المغالاة في التعامل مع "تقلبات الحياة" كأنها مشكلات طبية.
ما سبب معاناة الشباب أكثر من الذين تتخطى أعمارهم 35 سنة؟
فيما تبرز بعض الفروق الجوهرية بين هذين الجيلين ومنها جائحة كوفيد [فيروس كورونا] وانتشار الإنترنت والهواتف الذكية في كل مكان، فقد تغيرت طريقة التربية نفسها خلال العقود الماضية، إذ بعدما كان متوقعاً من الأطفال أن يبلغوا مرحلة النضوج في نهاية المراهقة، أصبحت مرحلة النضوج المتعارف عليها اليوم في منتصف العشرينيات من العمر.