"تسريح ثلث موظفي القطاع العام".. خطة اقتصادية في سوريا

  • شارك هذا الخبر
Friday, January 31, 2025

تسعى الحكومة السورية الجديدة إلى إجراء إصلاحات جذرية لاقتصاد البلاد المنهك، بما في ذلك خطط لتسريح ثلث موظفي القطاع العام وخصخصة شركات مملوكة للدولة كانت تهيمن على الاقتصاد خلال حكم عائلة الأسد الذي دام نصف قرن.

وتمت بالفعل أولى عمليات تسريح للعاملين بعد أسابيع فقط من الإطاحة بنظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر كانون الأول.

وتحدث خمسة وزراء في الحكومة الجديدة لوكالة "رويترز"، عن النطاق الواسع للخطط الرامية إلى تقليص عدد موظفي القطاع العام مثل تسريح عدد كبير من "الموظفين الأشباح"، وهم من كانوا يتقاضون رواتب مقابل عمل قليل أو لا يقومون بأي عمل إبان حكم الأسد.

خصصة 107 شركات "خاسرة"
في هذا الشأن، قال وزير الاقتصاد السوري الجديد، باسل عبد الحنان (40 عاما)، لرويترز إن هناك الآن تحولا كبيرا نحو "اقتصاد السوق الحرة التنافسي".

وفي عهد الرئيس الجديد أحمد الشرع، ستعمل الحكومة على خصخصة الشركات الصناعية المملوكة للدولة والتي قال عبد الحنان إن عددها 107 شركات معظمها خاسرة.

من جانبه، قال وزير المالية محمد أبازيد في مقابلة إن بعض الشركات المملوكة للدولة يبدو أنها موجودة فقط لسرقة الموارد وسيتم إغلاقها.

كما أضاف أبازيد أنهم كانوا يتوقعون تفشي الفساد لكن ليس إلى هذا الحد.

"موظفون أشباح"
وأوضح أبازيد إن 900 ألف فقط من أصل 1.3 مليون موظف يتقاضون رواتب من الحكومة يأتون إلى العمل بالفعل.

كما قال الوزير البالغ من العمر (38 عاما) في مكتبه إن هذا يعني أن هناك 400 ألف من "الموظفين الأشباح"، مضيفا أن التخلص من هذه الأسماء من شأنه توفير موارد كبيرة.

وذكر أبازيد أن هدف الإصلاحات، التي تسعى أيضا إلى تبسيط النظام الضريبي مع العفو عن العقوبات، هو إزالة العقبات وتشجيع المستثمرين على العودة إلى سوريا، مشيرا إلى أن الهدف هو أن تكون المصانع داخل البلاد بمثابة منصة إطلاق للصادرات العالمية.

بدوره، ذهب محمد السكاف وزير التنمية الإدارية الذي يشرف على تعداد العاملين في القطاع العام، إلى أبعد من ذلك، إذ قال لرويترز إن الدولة ستحتاج إلى ما بين 550 ألفا و600 ألف موظف أي أقل من نصف العدد الحالي.

"أمر منطقي"
من جانبها، قالت مها قطاع كبير اختصاصيي المرونة والاستجابة للأزمات في المكتب الإقليمي للدول العربية بمنظمة العمل الدولية إن الاقتصاد حاليا ليس في حالة تسمح له بتوفير ما يكفي من الوظائف في القطاع الخاص.

وأضافت أن إعادة هيكلة القطاع العام "أمر منطقي"، لكنها تساءلت عما إذا كان ينبغي أن يكون ذلك على رأس أولويات الحكومة التي تحتاج أولا إلى إنعاش الاقتصاد.

"زيادة الرواتب"
وأعلنت الحكومة زيادة رواتب موظفي الدولة، التي تبلغ حاليا نحو 25 دولارا شهريا، بنسبة 400% اعتبارا من فبراير شباط.

وتعمل أيضا على تخفيف وطأة تسريح العاملين عن طريق منحهم مكافأة نهاية الخدمة أو منح بعض الموظفين اجازة مدفوعة الأجر لحين تقييم الاحتياجات.

"خذوا رواتبكم وابقوا بالمنازل"
وقال حسين الخطيب، مدير المرافق الصحية بوزارة الصحة: "نقول للموظفين الذين تم تعيينهم فقط لتلقي رواتب: من فضلكم خذوا راتبكم وابقوا في منازلكم، ولكن دعونا نقوم بعملنا".

هذا وأظهر عاملون لوكالة "رويترز" قوائم متداولة في وزارتي العمل والتجارة تنهي برامج توظيف العسكريين السابقين الذين قاتلوا مع الحكومة ضد المعارضة في عهد الأسد.

وقال محمد، وهو واحد من هؤلاء العسكريين السابقين، إنه تم تسريحه من وظيفته كمدخل بيانات في وزارة العمل يوم 23 يناير كانون الثاني ومنحه إجازة مدفوعة الأجر لمدة ثلاثة أشهر.

وذكر أن حوالي 80 عسكريا سابقا آخرين تلقوا الإشعار نفسه.

إجازة مدفوعة للتقييم
ردا على ذلك، قالت وزارة العمل إنها منحت عددا من الموظفين إجازة مدفوعة الأجر لمدة ثلاثة أشهر لتقييم وضعهم الوظيفي ومن ثم النظر في وضعهم بسبب عدم الكفاءة الإدارية والبطالة المقنعة.

وفي الوقت الراهن، ليس لدى الإدارة سجل موثوق به لموظفي الحكومة. وتعمل على بناء قاعدة بيانات لموظفي القطاع العام وتطلب من الموظفين استكمال نموذج على الإنترنت.

وقال وزير التنمية الإدارية، إن السجل سيحتاج حوالي ستة أشهر لبنائه، مع وجود فريق من 50 شخصا يتولون المهمة.

وتخطط الحكومة أيضا لرقمنة سجلات الموظفين المخزنة حاليا في حوالي 60 غرفة مهملة يكسوها الغبار وتحتوي على أكثر من مليون مجلد، الكثير منها مربوط بالخيوط ويعود تاريخها إلى العصر العثماني الذي انتهى منذ أكثر من قرن.

هذا وينتظر سوريا بعد 13 سنة من الحرب الأهلية الدامية، العديد من الصعاب، في مقدمتها إعادة الإعمار، وعودة اللاجئين فضلا عن إعادة بناء البنى التحتية والمؤسسات الرسمية، فضلا عن تشكيل الجيش والقوات المسلحة، وإحياء الاقتصاد المتهالك.


العربية.نت