فيما لا تَسقط من حساباتِ دوار سياسية احتمالاتُ اللجوء إلى سيناريو «حكومة بمَن حضر» تُراعي وحدةَ معايير في طبيعتها وتوازناتها وتسمية الوزراء فيها ممّن يدورون في فلك القوى السياسية من دون أن يكونوا ملتحقين بها أو حزبيين، بما في ذلك «أمل» و«حزب الله»، وذلك قطعاً للطريق على استنزاف الأمل الذي تجدد داخلياً وخارجياً بأن لبنان بات في «آخِر النفق» ولم يعد يحتاج إلا إلى قفزة أخيرة نحو سفينة الإنقاذ عبر حكومةٍ بمواصفات المرحلة الجديدة، ببُعديها المحلي والإقليمي، التي دشنّها انتخاب عون وتكليف سلام، فإنّ أوساطاً متابعة ترى أن فائض الاحتضان الخليجي لـ «بلاد الأرز» والذي تجلّى يومي الخميس والجمعة شكّل إشارةً واضحةً إلى أن الوطن الصغير الذي بدأ يصحّح تموضعه بعيداً عن المحور الإيراني صار على مسافةٍ قريبة جداً من استعادة مكانته العربية ومظلة الدعم الكبير متى أكمل مسار الإصلاح بمعناه السياسي والسيادي والمالي، ومدخُله «حكومة ثقة».
إلى ذلك، ضرب البعض موعدا للإعلان عن التشكيلة الحكومية منتصف الأسبوع، فيما تحدث بعض آخر عن ضرورة «حلحلة» لدى الفريق المولج التأليف بعدم التضييق على الكتل والأحزاب السياسية، وان كانت معلومات متوافرة لـ «الأنباء» تحدثت عن رغبة رسمية في عدم إثارة توترات مع «الثنائي» المؤلف من حركة «أمل» و«حزب الله».
وأفادت المعلومات بأن تسليما أفضى الى عدم محاولة انتزاع أحد المقاعد الوزارية الخمسة العائدة للطائفة الشيعية ضمن حكومة مؤلفة من 24 وزيرا.
وبدا أن المعالجات انتقلت إلى الحصص العائدة للكتل النيابية والأحزاب المسيحية، بعدما أفيد عن تقليص حصتي «القوات اللبنانية» (الكتلة النيابية الأكبر في البرلمان بواقع 19 نائبا) من 4 حقائب وزارية إلى 3، و«التيار الوطني الحر» (13 نائبا علما أن «التيار» خسر 4 نواب بطردهم من صفوفه أو انسحابهم من كتلته) إلى حقيبة واحدة، مع احتساب الحقيبة المخصصة للطائفة الأرمنية من حصته.
وقال مصدر مطلع لـ «الأنباء»: «ثمة هامش بين حصص الطوائف وخطاب القسم يتحرك فيه الرئيس سلام، في محاولة لإيجاد قواسم مشتركة تسهم في إخراج التشكيلة الحكومية من عنق الزجاجة».
وأشار إلى ان «التحرك العربي والدولي المكثف باتجاه بيروت يشكل عامل ضغط لولادة الحكومة ودفع الأطراف إلى تسهيل التوافق، خصوصا انه بات واضحا للجميع أن لبنان لن يتقدم خطوة. كما أن أحدا لن يقدم أي مساعدات أو استثمارات قبل تشكيل الحكومة. ويبدو واضحا ان الإصلاح يشكل حجر الزاوية في أي عملية نهوض، لأن حالة الفساد التي استشرت في مؤسسات الدولة لن يتم وضع حد لها إلا من خلال إصلاح شامل في البلاد».
ورأت مصادر أخرى «أنه في ظل الوضع القلق جنوبا، فإن الوقت ليس في صالح الاستمرار بالتجاذب السياسي. والمطلوب من الرئيس المكلف اتخاذ القرارات الحاسمة والاتجاه نحو وضع تشكيلة تحظى بموافقة معظم الأطراف إذا تعذر إرضاء الجميع».
وتابعت: «في أسوأ الاحتمالات ألا تكون التشكيلة مستفزة للأطراف الأساسية، خصوصا أنه إذا كانت الثقة في المجلس النيابي مضمونة لأي تشكيلة حكومية، فإن الثقة الواسعة تعطيها الزخم الكبير الذي تحتاجه وكذلك تعاون الجميع في مواجهة التحديات المصيرية التي تواجه لبنان، سواء لجهة أطماع إسرائيل وتعنتها بعدم الانسحاب من لبنان، وكذلك إعادة الإعمار التي تحتاج لما يشبه مشروعا دوليا كبيرا، إضافة إلى إرساء أسس الدولة من خلال عملية إصلاح شاملة».