عين اللبنانيين على الجنوب: لا انسحاب إسرائيليا وترقب للساعات المقبلة
شارك هذا الخبر
Saturday, January 25, 2025
خلال أقل من 48 ساعة، وتحديداً عند الساعة الرابعة من الإثنين المقبل تنتهي رسمياً وزمنياً مهلة الـ60 يوماً التي حضرت في اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و"حزب الله"، والتي وفق بنودها يفترض أن يسحب الحزب سلاحه ومقاتليه باتجاه شمال نهر الليطاني مقابل انسحاب القوات الإسرائيلية التي دخلتها جنوب لبنان على أن يتسلم الجيش اللبناني مهمة أمن الجنوب.
في المحصلة اليوم لا القوات الاسرائيلية انسحبت ولا الحزب خرج من جنوب الليطاني ولا الجيش أكمل انتشاره، فيما الأسباب هنا متعددة وسط تراشق المسؤولية بين الأطراف المعنية، إذ تقول تل أبيب إن "حزب الله" لم يخرج من المنطقة ولم يسلم سلاحه، فيما يحمل الأخير إسرائيل مسؤولية تطور الأمور بعد انتهاء المهلة باعتبار أنها لم تنسحب من البلدات التي دخلتها. وفي السياق أفادت هيئة البث الإسرائيلية قبل ساعات بأن "القيادة السياسية أصدرت تعليماتها للجيش الإسرائيلي بالبقاء في القطاع الشرقي من لبنان"، فيما قالت شبكة "سي أن أن" الأميركية إن "إسرائيل أبلغت الأميركيين نيتها البقاء في جنوب لبنان لمدة شهر آخر في الأقل".
الجيش اللبناني يرد
في الأثناء، أكد الجيش اللبناني اليوم السبت جاهزيته للانتشار في المناطق الحدودية بجنوب البلاد، متهماً إسرائيل بـ"المماطلة" في الانسحاب بموجب اتفاق وقف إطلاق النار مع "حزب الله"، وذلك غداة إعلان تل أبيب أنها ستبقي على عدد من قواتها في جنوب لبنان بعد انقضاء مهلة الـ60 يوماً لانسحابها.
وكانت إسرائيل أعلنت أمس الجمعة أن انسحاب قواتها من جنوب لبنان "سيتواصل" بعد انقضاء مهلة الـ60 يوماً المنصوص عليها في الاتفاق الذي بدأ تطبيقه فجر الـ27 من نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، معتبرة أن لبنان لم يحترم التزاماته "بصورة كاملة".
وشدد الجيش اللبناني في بيان على أن وحداته تواصل "تطبيق خطة عمليات تعزيز الانتشار في منطقة جنوب (نهر) الليطاني بتكليف من مجلس الوزراء منذ اليوم الأول لدخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ وفق مراحل متتالية ومحددة بالتنسيق مع اللجنة الخماسية للإشراف على تطبيق الاتفاق (Mechanism) وقوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفيل)". وأضاف، "حدث تأخير في عدد من المراحل نتيجة المماطلة في الانسحاب من جانب العدو الإسرائيلي، مما يعقد مهمة انتشار الجيش، مع الإشارة إلى أنه يحافظ على الجاهزية لاستكمال انتشاره فور انسحاب العدو الإسرائيلي".
وكان مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو شدد أمس الجمعة على أنه "بما أن اتفاق وقف إطلاق النار لم ينفذ بصورة كاملة من جانب لبنان، فإن عملية الانسحاب المرحلي ستتواصل بالتنسيق مع الولايات المتحدة". ولفت إلى أن الاتفاق ينص على "انتشار الجيش اللبناني في جنوب لبنان"، وفرض "انسحاب (حزب الله) إلى ما وراء (نهر) الليطاني". وتقديراً منها أن الواقع مخالف للنص فإن إسرائيل "لن تعرض بلداتها ومواطنيها للخطر، وستحقق أهداف الحرب في الشمال، بالسماح للسكان بالعودة إلى منازلهم بأمان".
دعوة الأهالي إلى التريث
وضع اتفاق وقف إطلاق النار الذي أبرم بوساطة أميركية حداً لنزاع عنيف بين إسرائيل و"حزب الله"، بدأ بتبادل القصف عبر الحدود في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على خلفية الحرب في قطاع غزة، وتوسع إلى مواجهة مفتوحة اعتباراً من سبتمبر (أيلول) 2024.
وبموجب الاتفاق يجب على إسرائيل سحب قواتها من جنوب لبنان خلال 60 يوماً، أي بحلول الـ26 من يناير (كانون الثاني) الجاري، على أن يترافق ذلك مع تعزيز انتشار الجيش اللبناني و"يونيفيل". ويجب على "حزب الله" سحب عناصره وتجهيزاته والتراجع إلى شمال نهر الليطاني الذي يبعد نحو 30 كيلومتراً من الحدود، وأن يقوم بتفكيك أية بنية تحتية عسكرية متبقية في الجنوب.
وتتولى لجنة خماسية تضم الولايات المتحدة وفرنسا، إضافة إلى لبنان وإسرائيل و"يونيفيل"، مراقبة الالتزام ببنود الاتفاق والتعامل مع الخروق التي يبلغ عنها كل طرف.
ويترقب الجنوبيون انتهاء المهلة المحددة حتى يعودوا إلى مناطقهم ومنازلهم، وعلى رغم الدمار الكبير الذي لحق بغالبية بلدات الشريط الحدودي، فإن الجيش اللبناني دعا "الأهالي إلى التريث في التوجه نحو المناطق الحدودية الجنوبية، نظراً إلى وجود الألغام والأجسام المشبوهة من مخلفات العدو الإسرائيلي". وأكد أن وحداته تعمل "على إنجاز المسح الهندسي وفتح الطرقات ومعالجة الذخائر غير المنفجرة، وتتابع الوضع العملاني بدقة ولا سيما لناحية الخروق المستمرة للاتفاق والاعتداءات على سيادة لبنان، إضافة إلى تدمير البنية التحتية وعمليات نسف المنازل وحرقها في القرى الحدودية من جانب العدو الإسرائيلي".
عمليات إسرائيلية متواصلة
ميدانياً، نفذ الجيش الإسرائيلي اليوم السبت عملية نسف في بلدة كفركلا، حيث سمع دوي الانفجار في عدد من المناطق الجنوبية، وسقطت قذيفتان مدفعيتان قرب مبنى المهنية في الخيام قضاء مرجعيون. وعند منتصف الليل توغلت قوة إسرائيلية مؤللة داخل بلدة بني حيان وقامت بعملية تمشيط بالأسلحة الرشاشة، وسمعت أصوات الرصاص في المناطق المجاورة، وقامت بعدها بإحراق عدد من المنازل ومبنى بلدية بني حيان.
وأفادت "الوكالة الوطنية للإعلام" اللبنانية الرسمية بأن الجيش الإسرائيلي تقدم فجراً في أكثر من خمس مناطق منها مركبا وطلوسة وحولا ووادي السلوقي ومرتفعات كفرشوبا.
وفي التفاصيل أفادت الوكالة بأنه بعد انتشار الجيش اللبناني في كفرشوبا تقدمت قوة من الجيش الإسرائيلي معززة بجرافتين ودبابتي ميركافا باتجاه منطقة وادي سابيا في كفرشوبا، حيث تعمل على إطلاق النار وتمشيط المنطقة. كما أفيد بأن معدات الجيش الإسرائيلي قطعت طريق بني حيان جهة وادي السلوقي.
في سياق متصل كشفت وكالة "المركزية" اللبنانية أن وحدات من الجيش اللبناني، وتحديداً اللواء الخامس، دخلت إلى بلدتي الجبين وشيحين في القطاع الغربي. وباشرت بفتح الطرقات وإزالة الركام من الشوارع الرئيسة، بمؤازرة من قوات الـ"يونيفيل".
إلى ذلك توجه فريق من الصليب الأحمر اللبناني والدفاع المدني اللبناني إلى بلدتي شيحين والجبين لانتشال جثامين تابعة لعناصر "حزب الله" بعد انتشار الجيش اللبناني فيها أمس.
عملت بلديات القطاعين الغربي والأوسط في الجنوب على إرسال جرافات ومعدات مدنية لفتح الطرق وإزالة السواتر التربية التي خلفها الجيش الاسرائيلي قبل عودة الأهالي خلال الساعات المقبلة.
وتكشف المعطيات عن أن إسرائيل تستعد للاحتفاظ بنقاط في القطاعين الأوسط والشرقي، فيما خرجت بشكل شبه تام من القطاع الغربي، حيث دخلت وحدات من الجيش اللبناني.
بيان "حزب الله"
في الأثناء تلقى عدد من أهالي المناطق الحدودية النازحين في منطقة النبطية صباح اليوم اتصالات على هواتفهم من أرقام دولية متعددة يطلب فيها المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي وبلهجة عربية عدم العودة إلى بلداتهم يوم غد الأحد ويحذرهم من ذلك، وفق "الوكالة الوطنية".
"حزب الله" كان بدوره أصدر بياناً الخميس الماضي اعتبر فيه أن بعض التسريبات التي تتحدث عن تأجيل الجيش الإسرائيلي لانسحابه والبقاء مدة أطول في لبنان، تستدعي من الجميع وعلى رأسهم السلطة السياسية في لبنان بالضغط على الدول الراعية للاتفاق، إلى التحرك بفاعلية ومواكبة الأيام الأخيرة للمهلة بما يضمن تنفيذ الانسحاب الكامل وانتشار الجيش اللبناني "حتى آخر شبر من الأراضي اللبنانية وعودة الأهالي إلى قراهم سريعاً، وعدم إفساح المجال أمام أية ذرائع أو حجج لإطالة أمد الاحتلال".
وشدد في البيان على أن أي تجاوز لمهلة الـ60 يوماً "يعد تجاوزاً فاضحاً للإتفاق وإمعاناً في التعدي على السيادة اللبنانية ودخول الاحتلال فصلاً جديداً يستوجب التعاطي معه من قبل الدولة بكل الوسائل والأساليب التي كفلتها المواثيق الدولية".