عين دمشق على ودائع السوريين في لبنان- بقلم طارق أبو زينب

  • شارك هذا الخبر
Friday, January 24, 2025

في خطوة دبلوماسية هامة، أعلنت الحكومة اللبنانية عن استعدادها للتعاون الرسمي مع الحكومة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع، ما يعكس رغبة مشتركة في تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين. ويأتي هذا القرار في وقت يواجه فيه كل من لبنان وسوريا تحديات داخلية معقدة. وأضفت الزيارة التي قام بها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إلى دمشق، وكذلك الاتصال الذي أجراه أحمد الشرع مع رئيس الجمهورية جوزاف عون لتهنئته بتوليه منصب الرئاسة، أجواءً إيجابية تعكس احتمالات واعدة لتحسين العلاقات بعد فترة طويلة من الجمود.





دمشق تُحرّك ملف الأموال



وكشفت مصادر مقربة من الحكومة السورية الانتقالية لـ"نداء الوطن" أن هناك رغبة أولية في فتح صفحة جديدة. غير أن الملفات العالقة، التي تشمل القضايا الاقتصادية والأمنية والسياسية، تظل عبئاً ثقيلاً قد يعقد هذه الجهود ويعوق مسار التعاون بين الجانبين وتتطلب معالجتها بعد تشكيل الحكومة اللبنانية فورًا. ومن أبرز هذه الملفات: قضية الودائع السورية في المصارف اللبنانية التي تعد واحدة من أبرز القضايا المالية المعقدة.





وتشير التقديرات إلى أن حجم هذه الودائع كبير، ما يفتح الباب أمام تساؤلات حول تأثيرها على الاقتصاد اللبناني الذي يعاني من أزمات متراكمة. في المقابل، تدعو الحكومة السورية إلى الكشف عن تفاصيل هذه الأموال وتحويلها بطريقة قانونية تضمن الشفافية، الأمر الذي قد يساهم في تعزيز الثقة المتبادلة بين البلدين.





أما قضية الجنسية السورية الممنوحة للبنانيين بطرق غير قانونية، فهي تحمل أبعاداً أمنية وسياسية معقدة. فقد حصل بعض اللبنانيين على الجنسية السورية نتيجة علاقاتهم بالنظام السوري السابق، ما يثير القلق من إمكانية استغلال هذه الجنسيات في قضايا سياسية أو أمنية.





ويعدّ ملف المعتقلين السوريين في لبنان، خصوصاً أولئك المرتبطين بجماعات مؤيدة للثورة السورية، تحدياً إنسانياً وأمنياً.





مع تصاعد التحديات الأمنية في المنطقة، يبرز التنسيق الأمني بين لبنان وسوريا كضرورة ملحّة للحفاظ على الاستقرار الإقليمي.





وفي الوقت نفسه، تزداد أهمية قضية ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا، وبخاصة في ظل النزاعات المستمرة حول مزارع شبعا. هذه القضية، التي طالما كانت نقطة خلاف بين الجانبين.





آفاق التعاون: فرصة أم تحدٍ؟



وتشير المصادر المقربة من الحكومة السورية إلى توجه أكثر تفاؤلًا، حيث يُعد التعاون في ضبط الحدود ومكافحة ظاهرة التهريب، بما في ذلك تهريب المخدرات، بمثابة أولوية استراتيجية. ففي ظل وجود أكثر من 60 معبراً غير شرعي، تصبح هذه القضية تهديداً أمنياً خطيراً، ما يجعل التنسيق بين الطرفين أمراً ضرورياً.





بالنسبة للوجود المستمر لبقايا النظام السوري في لبنان والمتورطين في جرائم ضد الشعب السوري، فإنه يثير تساؤلات بشأن الحماية السياسية والأمنية التي يقدمها بعض الأحزاب اللبنانية لهؤلاء المجرمين.





من جانب آخر، أفاد المصدر بأن الحكومة السورية تعقد آمالها على عهد الرئيس جوزاف عون، متطلعة إلى أن تسهم الجهود الدبلوماسية المتوازنة في تخفيف حدة التوترات وتعزيز الاستقرار بين البلدين. وأوضح المصدر أن مؤسسات حقوقية سورية ودولية أعدت تقارير موثقة شملت 9,476 شخصاً، تشير إلى دورهم ضمن القوات المسلحة الرديفة التي تضمنت ميليشيات لبنانية قاتلت إلى جانب جيش النظام السوري في السابق، وارتكبت انتهاكات جسيمة بحق ملايين السوريين. وتأتي هذه التقارير ضمن قاعدة بيانات شاملة توثق ملايين الانتهاكات الوحشية التي تعرض لها الشعب السوري على مدى 14 عاماً. ومن المقرر تقديم هذه التقارير الحقوقية إلى السلطات السورية، في إطار مسار العدالة الانتقالية، لمحاسبة المتورطين وإصدار مذكرات توقيف بحقهم تمهيداً لتسليمهم ومحاكمتهم.





ومن هنا، تبرز الحاجة لحل الملفات الحساسة العالقة بين لبنان وسوريا، وهو ما يتطلب إرادة سياسية حقيقية مدعومة بخطط عملية لمعالجة القضايا بفعالية. فهل سيشهد البلدان تعاونًا يسهم في تعزيز الاستقرار في كلا البلدين والمنطقة؟