قصف متواصل في أم درمان وصعوبة في تأمين الحاجات اليومية
شارك هذا الخبر
Tuesday, January 21, 2025
شكلت أم درمان التي تعد ثاني أكبر مدن العاصمة السودانية مقصداً لبقية سكان مدينتي الخرطوم وبحري الفارين من لهيب الحرب، وملاذاً لآلاف النازحين الذين تضرروا بصورة مباشرة من الصراع المسلح، إذ لا تزال تشهد استقراراً نسبياً في الخدمات بحكم وجود قواعد عسكرية للجيش في محلية كرري، مما يجعلها مناسبة لأن تكون المهد لحياة جديدة لعاصمة البلاد.
وعلى رغم أن المدينة أصبحت مستقراً لوزراء حكومة ولاية الخرطوم وتمارس منها مهماتها، إلا أن اشتداد عمليات القصف المدفعي المتبادل بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" بكثافة وسقوط عشرات القتلى والجرحى أقلق حياة السكان الذين يتجاوز عددهم 3 ملايين شخص، كما أن العاصمة الوطنية للبلاد تعاني أزمات عدة، منها انقطاع التيار الكهربائي لفترة وصلت إلى أسبوعين، إلى جانب الشح الحاد في مياه الشرب وأزمة الخبز.
قصف عشوائي
يقول المواطن أنس المكاشفي الذي يسكن منطقة الثورات بأم درمان إن "السكان يعانون رعب مفاجآت الدانات الطائشة نتيجة القصف العشوائي الذي يصل بعض الأحيان إلى 20 دانة يومياً، بخاصة على الأحياء المتاخمة للمناطق العسكرية مثل ود البخيت والمنارة والجرافة، وهو وضع يهدد حياة المواطنين بصورة مقلقة".
وأضاف "تنعم مدينة أم درمان ببعض الاستقرار وقليل من مظاهر الحياة والحركة التجارية، لكن هناك صعوبات كبيرة في تدبير الناس لحاجاتهم اليومية، خصوصاً الشح الحاد في مياه الشرب، فضلاً عن انقطاع التيار الكهربائي لأكثر من أسبوعين، إضافة إلى أزمة الخبز.
وأوضح المكاشفي أن "أحزان الفقدان والموت اليومي للأقارب والأعزاء تراكمت على الناس، ومنهم أسر وجيران قتلوا جميعهم جراء القصف العشوائي، فالحياة في حد ذاتها باتت غاية البؤس بسبب صعوبات المعيشة واستمرار تساقط القذائف العشوائية في أحياء عدة".
أزمات ومعاناة
الطيب مبارك، أحد سكان محلية كرري بأم درمان، قال إن "المنطقة استقبلت أكثر من مليون شخص، وتشهد استقراراً في الخدمات، إضافة إلى مباشرة أقسام الشرطة والنيابات والمحاكم الجنائية عملها بالمحلية، وبدأنا نشعر ببعض الأمان مع استمرار دوريات التمشيط الأمني".
وأشار إلى أن "الحال تغيرت هذه الأيام، مع ارتفاع وتيرة القصف العشوائي للأحياء السكنية وسقوط القتلى والجرحى، مما أقلق مضاجع كثير من الأسر التي استقرت أخيراً في مدينة أم درمان واعتبرتها محطتها الأخيرة في النزوح".
ولفت مبارك إلى أن "سكان محلية كرري يعانون أزمات عدة، منها انقطاع التيار الكهربائي عن المنازل لأكثر من أسبوع، إلى جانب أزمة مياه الشرب وما يتكبدونه من مبالغ كبيرة لشراء المياه يومياً، ووصل سعر نقلة الصهريج إلى 200 ألف جنيه سوداني (80 دولاراً أميركياً)".
شح المياه
إلى ذلك أدى استهداف سد مروي بطائرات مسيرة إلى انقطاع التيار الكهربائي عن أجزاء واسعة في شمال السودان، بخاصة بعد توقف المحطة التحويلية التي تنقل الكهرباء إلى الشبكة القومية وتغذي عدداً من ولايات البلاد بالطاقة على رأسها العاصمة الخرطوم وبورتسودان وعطبرة، فضلاً عن توقف محطة مياه المنارة التي تغذي عدداً كبيراً من أحياء مدينة أم درمان.
في السياق اعتبر خالد سليمان الذي يقطن حي ود البخيت أن "ما حدث من استهداف لسد مروى والمحطة التحويلية للكهرباء يمثل إحدى كوارث الحرب، مما فاقم معاناة السكان الذين اصطفوا طوابير أمام الآبار القديمة، علاوة على التعرض لخطر القصف العشوائي بالتنقل من أجل الوصول إلى نهر النيل لجلب الماء".
وأوضح سليمان أن "معظم أحياء أم درمان تأثرت بالانقطاع التام للمياه، لا سيما الثورات شمالاً والفتيحاب جنوباً مروراً بأحياء الوسط والغرب حتى مدينة أمبدة، وتزداد معاناة السكان مع محدودية وسائل نقل وتوزيع الماء إلى المناطق المتضررة بسبب الأوضاع الأمنية".
جهود حكومية
على صعيد متصل وجه والي الخرطوم أحمد عثمان حمزة هيئة مياه الولاية "بالبدء فوراً في استئجار مولدات كهربائية، لتشغيل الآبار وسد حاجة المواطنين من المياه لتخيف المعاناة".
وأشار حمزة إلى أن "الولاية اتخذت خطوات عدة في ظل الظروف الحالية، منها صيانة الآبار المعطلة، وتجهيز 45 بئراً لتوفير المياه للأحياء السكنية".
في حين أعلنت هيئة مياه الخرطوم "إجراءات طارئة لتشغيل الآبار، وضخ المياه عبر الصهاريج إلى المناطق الأكثر تضرراً".
توقف المخابز
في غضون ذلك أدت أزمات الكهرباء والماء إلى توقف مخابز مدينة أم درمان كافة، وأرهقت طوابير الخبز السكان، وبدأ مشهد الصفوف الطويلة وسط مخاوف من استفحال الأزمة خلال الأيام المقبلة.
وينتقد المواطن جبارة حسين إضافة متاعب جديدة إلى حياة سكان أم درمان بإجبارهم على انتظار الخبز في ظل ظروف الحرب، ويصف الخطوة بالمذلة، كما أنها تعرض حياة الناس إلى الأخطار.
وأضاف "نعيش على وقع أزمة كبيرة في توفير أهم سلعة حياتية مرتبطة بالمواطن، ولم يجد الغالبية خياراً سوى الوقوف لساعات طويلة للحصول على قطعة خبز، فالطوابير تصطف أمام المخابز منذ الصباح وحتى الظهيرة من أجل شراء الحاجات اليومية".
استهداف المدنيين
تصاعدت حدة المعارك بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" في الأسابيع الأخيرة بعد 21 شهراً على اندلاع الحرب.
وقالت غرفة طوارئ أمبدة "سقط أكثر من 120 قتيلاً من المدنيين في القصف العشوائي على منطقة دار السلام"، من دون تحديد الجهة التي تقف وراء القصف.
وأشارت إلى "شح كبير في الإمدادات الطبية المتعلقة بأدوية الإسعافات الأولية، مع وجود عدد كبير من المصابين تتفاوت درجات إصاباتهم".
واتهم الجيش وقوات "الدعم السريع" على حد سواء باستهداف المدنيين، بمن في ذلك العاملون في المجال الصحي والمناطق السكنية بقصف عشوائي.
سكان أم درمان
يقدر عدد السكان في المناطق التي يسيطر عليها الجيش السوداني في كل محليات مدينة أم درمان بنحو 6 ملايين شخص، وتأوي أحياء أم درمان الشمالية، إضافة إلى سكانها، فارين من القتال من سكان الخرطوم والخرطوم بحري ومحلية أمبدة.
واستقبلت محلية كرري ما يفوق 140 ألف أسرة من أنحاء العاصمة السودانية المختلفة هرباً من القتال، منها 50 ألف أسرة من محلية أمبدة، و40 ألف أسرة من محلية أم درمان، و40 ألف أسرة من محلية الخرطوم بحري، وألف أسرة من محلية الخرطوم.