الجنرال الرابع على التوالي في بعبدا شهابي الخطاب... فهل يكون شهابي الفعل؟ - بقلم تقلا صليبا

  • شارك هذا الخبر
Friday, January 10, 2025

يوم ترك الرئيس الهراوي القصر الجمهوري، حلّ محلّه، بقرار صدر قبل سنوات، قائد الجيش يومها، الرئيس العماد اميل لحود، فكان ابن بعبدات المتنية، أول "الجنرالات" الأربعة الواصلين الى الرئاسة، منذ عام 1998.

عرف عهد لحود مطبات سياسية كبيرة، كان أعظمها يوم 14 شباط 2005، حين قتل النظام السوري رئيس الحكومة حينها، رفيق الحريري، مما أدّى إلى معارضة شعبية كبيرة ضده، فالذي استُقبِل ب "فرح الناس"، رحل، عند اللحظة الأخيرة من عهده، العهد الذي كانت فيه كرسي بعبدا مرآة لكرسي عنجر، وتابعة لعرش دمشق، آخذًا معه نظامًا أمنيًا فعل باللبنانيين ما فعله بهم.

سلّم لحود القصر للفراغ، وعلى وقع ما حصل في 7 أيار وغيرها من الأحداث المُتتالية، وبعبارة "شكرا قطر"، دخل الجنرال الثاني، ميشال سليمان، إلى بعبدا، فجاء بتوافقا مدعوما من الخارج، وكان عهده مقسوما بين مؤيّدا ومعارضا، وبين من اعتبره جيدا ومن قال انه اساء وأخطأ بحق لبنان، الا ان أصعب ما واجهه سليمان، كان المطبات الأمنية التي اعترضت كل سنة من سنوات حكمه.

كما لحّود، كذلك سليمان، سلّم الحكم للفراغ، وكانت في تلك الفترة تتصاعد في لبنان قوّة السيطرة الايرانية المتمثّلة بحزب الله وحلفائه، الذين أتوا بالجنرال الثالث، ميشال عون، الى سدّة الرئاسة.

كان عهد "عون الأوّل" من العهود التي وصل لبنان خلالها إلى اعمق نقاط النفق الأسود، حيث انهارت العملة، وتفلّت الأمن، وسيطر السلاح غير الشرعي، وحُكم القضاء بالسُلطة، وهُدمت بيروت وتمزّقت بانفجار مُرعب، والفراغ الرئاسي استُبدل بفراغ حكومي وعملي.

وبدوره أيضا، سلّم عون القصر للفراغ، وتسارعت الأحداث، وتغيّرت موازين القوى في المنطقة، ولدت أنظمة واندثرت أخرى، وصولا إلى يوم الخميس 9/1/2025، الذي أوصل الرئيس الرابع عشر للرئاسة اللبنانية، وقائد الجيش الرابع على التوالي.

العهد الجديد، وفي دقائقه الأولى، لا يمكن تقييمه، الا أن خطابا بوزن خطاب الرئيس العماد جوزيف عون، لا يمكن عدم التوقّف عنده، فهو خطاب يحمل في طيّاته زمن جنرالات يفتقدها لبنان، فيه نفس اصلاحي شهابي، وعهود وتعهّدات رسمت صورة دولة قادمة، لا تشبه الدويلات الماضية.

ما بين الأمس واليوم، وما بين فؤاد شهاب وجوزيف عون، ظروف متشابهة، تبدأ بصون وحدة الجيش في ظلّ ثورات وأزمات داخلية، عاشها شهاب يوم قامت المعارضة على عهد الرئيس بشارة الخوري، وعاشها عون يوم قامت الثورة على عهد سلفه الرئيس السابق العماد ميشال عون، ترفّع شهاب عن الرئاسة حين عُرِضت عليه، كما ترفّع عنها عون حين قُدّمت له، فترك السياسة للسياسيين، ونزل بين جنوده، يُطبّق الدستور ويحمي وعد "الشرف والتضحية والوفاء"، علت في أيام شهاب أصوات الرصاص، وجاء عون على وقع الصواريخ التي لم تخمد نيرانها بعد في الجنوب والضاحية وبيروت.

على الصعيد الخارجي، سقط في أيام شهاب عهد الملكيّة في العراق، واليوم، سقط النظام السوري في دمشق، مما حوّل الظروف وبدّل الأحوال، واستلم جوزيف عون عهده، وجلس على كرسي القصر الفارغ منذ أكثر من سنتين.

ألقى خطاب قسم، سمع فيه اللبناني، أينما وُجد، وعودا مبشّرة بالخير، عن سلاح في يد الدولة، "وأكرّر"، قال عون، "الدولة"، تحدّث عن استقلالية القضاء، حياد لبنان، علاقات مع الشرق والغرب، حماية اللبنانيين والمودعين، لا حصانات لمجرم ولا فاسد ولا مهرّب مخدرات، لا بؤر أمنية، نعم لمؤسسات فاعلة ومحاسبة وفق القانون، نعم للبنان الشعب، الجيش والدولة.

خطاب قسم شهابي بامتياز، أثلج القلوب التي أشعلتها نيران الحرب والتفجيرات والاغتيالات والدويلات والأنظمة الأمنية... حتى استطاع أن يُرجع لأبناء البلد إيمانهم ب"الجنرال عون"، فهل يكون عهد "عون 2" شهابي الفعل مثلما كان شهابي الخطاب؟