لم يبق هامش كبير امام تتويج ما صار محتوما، بسحر ساحر، أي إنهاء حقبة الفراغ الرئاسي المتمادية منذ سنتين وشهرين بانتخاب خامس قائد للجيش اللبناني منذ الاستقلال الذي يفترض ان يصبح اليوم الرئيس الرابع عشر للجمهورية اللبنانية، العماد جوزف عون. قد يكون المشهد أقرب الى “انقلاب” ضخم في الوقائع السياسية والديبلوماسية أدى خلال ساعات الامس فقط، ووفق معلومات موثوقة لـ”النهار” الى تثبيت اسم العماد جوزف عون وحده، بلا منافس او بديل، مرشحاً حصرياً لرئاسة الجمهورية اليوم اذ نقل عن موفد قوله “جوزف عون ولا خطة ب” فيما نسب الى موفد اخر قوله “جوزف عون او لا احد”. وبقيت العقدة الوحيدة التي تتواصل الاتصالات لتذليلها وهي الطريقة التي ستعتمد لمحاولة “ملاقاة” الفريق الثلاثي “امل” و”حزب الله” و”التيار الوطني الحر” لحالة شبه إجماعية تشكلت بسرعة مذهلة امس عبر تراصف الكتل النيابية والنواب من شتى الاتجاهات وراء قرار تزكية انتخاب العماد جوزف عون رئيسا للجمهورية. ولكن الواقع الاكثر إثارة للإنشداد والذي يتخذ دلالات بالغة الاهمية تمثل في “انهمار” دفع دولي غير مسبوق كان رأس الحربة الاساسية فيه دفع، بل ضغط كبير، اميركي – سعودي في المقام الاول، ومن ثم اميركي – سعودي – فرنسي لمنع تفويت فرصة انتخاب رئيس للجمهورية اليوم وان ينتخب العماد عون كتجسيد لتقاطع المصالح اللبنانية مع رؤية الدول المعنية والشريكة للبنان.
سيناريو الجلسة الـ 13 لانتخاب رئيس الجمهورية اليوم لم تكتمل كل فصولها لكون عقدة التوافق الشامل على انتخاب عون لم تذلّل نهائياً في انتظار ما قد يبادر رئيس مجلس النواب نبيه بري باسم الثنائي الشيعي الى اعلانه قبل الدورة الاولى او بعدها، علما ان بري لم يطلق اي مؤشرات استباقية بل ظلّ يردّد انه مع التوافق ولم يبدل رأيه. ولكن المؤكد ان مواقف الكتل التي اعلنت امس شكلت أكثرية وازنة جداً لمصلحة العماد جوزف عون قد تصل الى 74 نائبا الامر الذي سيشكل ثقلاً سياسياً انتخابياً ذا خلفية لبنانية ودولية في حضور عشرات السفراء وممثلي البعثات الديبلوماسية والموفدين الفرنسي جان ايف لودريان والسعودي الامير يزيد بن فرحان، وهو ثقل يفترض ان يضع فريق الأقلية امام خيارين: إما مناهضة هذا التيار الجارف لمصلحة انتخاب عون وإما مماشاته وملاقاته. وقد حسم أمر توفير الاكثرية الوازنة لمصلحة قائد الجيش في الاجتماع المسائي لكتل المعارضة الذي انعقد في معراب واعلن قرار تبني ترشيح العماد عون. وسبق ذلك كشف “النهار” عن اجتماع سري عقد بين رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع والعماد جوزف عون بعيداً من الاضواء ويعتقد انه اللقاء الاول بينهما، فيما كان رئيس حزب الكتائب سامي الجميل التقى عون ايضا. واتخذ حضور رئيس حزب الكتائب الى معراب مساء للمرة الاولى منذ مدة طويلة دلالة بارزة اذ اجتمع مع جعجع قبيل اجتماع المعارضة.
الخطوة البارزة الاخرى التي قد تدفع نحو تذليل توفير اكثرية توافقية واسعة لقائد الجيش تمثلت في اعلان رئيس “تيار المرده” سليمان فرنجيه سحب ترشيحه ودعم عون. كما اعلن الوزير السابق زياد بارود عزوفه عن الترشح.
وفيما انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لطباعة صور لقائد الجيش في مؤشر الى انتخابه اليوم، وصل الموفد السعودي الأمير يزيد بن فرحان الى بيروت في زيارة ثانية قبل جلسة انتخاب رئيس الجمهورية وعقد لقاءات سياسية في محاولة لإنجاح انتخاب عون رئيسا افيد ان ابرزها مع النائب علي حسن خليل موفدا من بري في دار السفارة في اليرزة.