قاآني يعرض في بغداد خطة للملمة وضع الحشد الشعبي

  • شارك هذا الخبر
Monday, January 6, 2025

يحمل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني إسماعيل قاآني، خلال زيارته غير المعلنة إلى العاصمة العراقية، خطة للملمة وضع ميليشيا الحشد الشعبي، في ظل ضغوط دولية شديدة على الحكومة العراقية لحله.

وقالت مصادر سياسية عراقية إن إيران تعمل على تنفيذ خطة استباقية لحل ملف الحشد الشعبي على طريقتها قبل أن يضطرالجيش العراقي إلى التحرك لحله تحت الضغوط، مشيرة إلى أن خطة قاآني تقوم على قرار من رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يقضي بإدماج الآلاف من مسلحي الحشد كليا في القوات العراقية، والتخلي عن الوضع الحالي الذي يمثل فيه الحشد هيئة تابعة للقوات العراقية، لكنها مستقلة عنه من حيث إدارتها والأوامر التي تنفذها.

وقال مصدر عراقي لـ”العرب” إن الهدف المباشر لهذه الخطة هو التخلي عن أي ظهور علني مسلح للحشد، وأن يتم تحييد الآلاف من مسلحيه عن أي استهداف أميركي أو إسرائيلي طالما أنهم سيصبحون جزءا من القوات العراقية ويلبسون زيها العسكري وليس زي الحشد، ما يجعلهم في مأمن.

ومن الواضح أن إيران تريد من وراء تعويم الوجود العسكري للحشد تخفيف الضغوط الأميركية عن السوداني واستباق خطوة حل الميليشيا بحل ذاتي يتيح استمرار قوة الحشد لوقت تتغير فيه الظروف ويمكن العودة إلى تحريكه وتوظيفه في خدمة إيران.

لكن مراقبين يرون أن خطة قاآني التي تقوم على المناورة ستجد معارضة شديدة من الولايات المتحدة، التي ستستمر في الضغط على السوداني لمنع عملية الدمج التي ستجعل القوات العراقية كلها مثار شكوك وستحولها في نظر الأميركيين والإسرائيليين إلى حشد شعبي موسع، وهو ما قد يعرّضها لضربات قوية في حال عجزت عن منع الهجمات بالصواريخ والمسيرات على مواقع أميركية أو إسرائيلية.

ولوحت الولايات المتحدة في أكثر من مناسبة باستعدادها لتوسيع رقعة عمليات القصف على الميليشيات التي تستهدف القوات الأميركية، لكن هدوءا حذرا ساد الأسابيع الماضية، خصوصا بعد سقوط حكم الرئيس السوري بشار الأسد في مطلع ديسمبر الماضي، وقرار حكومة السوداني عزل نفسها عن الأزمة السورية، وهو الأمر الذي اعتبرته إيران فرصة تريث والتقاط للأنفاس بعد أن صار واضحا مدى هشاشة التحالف الذي تقوده طهران تحت مسميات مختلفة.

وقال موقع شفق نيوز العراقي نقلا عن مصدر مطلع إن قاآني سيناقش خلال زيارته إلى بغداد إعادة هيكلة وتقنين سلاح الفصائل المسلحة وفك ارتباط بعضها، وإنه “قد يتحرك لاعتماد سبل وآليات لتحويل بعض تلك الفصائل إلى قوى أو جبهة سياسية.”

ويجد الإيرانيون أن القيادات المعروفة للحشد لم يعد من الملائم الرهان عليها لكونها باتت وجهة للانتقام الأميركي والإسرائيلي، وأن الأفضل تحييدها عن النشاط العسكري وتركها تتحرك في المشهد السياسي بعد أن باتت أوراقا محروقة.

وبقطع النظر عن مدى قدرة إيران على إنقاذ الحشد الشعبي من التفكيك، فإنها لن تقدر على الرهان عليه في تنفيذ استهدافات جديدة لأن مثل هذه الخطوة ستعطي مبررا لتوجيه ضربات نوعية لها وفي الآن نفسه خسارة مصداقية الحكومة العراقية التي تسير على الحبال، فهي تريد إرضاء واشنطن وفي الوقت ذاته الحفاظ على مصالح طهران.

وعمليا لم يعد الحشد قادرا على خوض معركة بالوكالة لصالح إيران. وقد نجح الأميركيون والإسرائيليون في ضرب إستراتيجيتها القائمة على وحدة الساحات، والتي تحرك من خلالها أذرعها في المنطقة من أجل تمرير أجنداتها وفي الوقت نفسه منع الحرب من الامتداد إلى أراضيها.

وكانت مصادر سياسية مطلعة في العراق كشفت في ديسمبر الماضي عن تلقي الحكومة العراقية رسالة أميركية تطالبها بحل الحشد الشعبي ومكافحة السلاح المنفلت وتحصين قرارها السيادي من تأثيرات إيران.

ومن الصعب على إيران أن تمنع خطة حل الحشد في الوقت الذي بات فيه الرأي العام العراقي والدولي مهيأ لهذه الخطوة بعد الضربات التي تلقتها أذرع إيران في غزة ولبنان واليمن وسقوط الحليف بشار الأسد، وذلك بالتوازي مع أنباء بشأن مساعي أممية لدى المرجع الشيعي علي السيستاني لإصدار فتوى بحل الحشد على غرار الفتوى التي صدرت عنه بتشكيله قبل عشر سنوات.

ومثلما أن الحشد الشعبي قد تم تكوينه بفتوى كفائية من المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني، فإن حل الميليشيا الحليفة لإيران يتطلب فتوى جديدة من المرجعية تحث على النأي بالعراق عن التدخلات الخارجية وتجنيبه ويلات الحرب.

ويرجع تشكيل هيئة الحشد الشعبي في العراق إلى عام 2014 عندما أصدر المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني في النجف فتوى بتشكيل حشود شعبية لمواجهة خطر تنظيم داعش، الذي توغل داخل مدن عراقية وسيطر على ثلث أراضي العراق، ووصل إلى مشارف العاصمة بغداد.

وهبت الحشود، وتطوع ما يقارب المليون شخص لحمل السلاح وتوجهوا إلى جبهات القتال مع الجيش العراقي، وبعد مرور عامين أصدر مجلس النواب العراقي عام 2016، عقب طلب رفعه نواب من الكتل الشيعية، قانونا خاصا بالحشد الشعبي في العراق، باعتباره أحد تشكيلات القوات المسلحة العراقية.

ويمثل الحشد عبئا كبيرا على الحكومة العراقية سياسيا وأمنيا وماليا. وقد تم تخصيص ما مقداره خمسة عشر في المئة من موازنة الدولة العراقية، البالغة حوالي 153 مليار دولار للسنوات الثلاث من 2023 إلى 2025، للإنفاق الأمني والعسكري.

وتقدّر مصادر عراقية أن يبلغ مجموع ما تنفقه الدولة العراقية من موازنتها السنوية على الحشد الشعبي بنحو مليارين ونصف المليار دولار، تضاف إليها مبالغ قد تصل إلى نحو ثلاثمئة مليون دولار تصرف خارج الموازنة لكونها توضع تحت عنوان بنود خاصة ومهمات سرّية.


العرب