في وقت تتحرك بقوة "ماكينة" نيابية لمصلحة العماد جوزيف عون، تُخاض على خط مواز "معركة التقاطع" تحسّباً لما بعد عون المرشح في حال لم تُفَكَّك ألغام "الثنائي الشيعي" أمامه. حتى الآن "معركة التقاطع" أبطالها المُرشِّحون في حين تعمل الأسماء المحتملة بخفر وحذر. وبرأي مصدر قيادي في المعارضة "في حال سُدت السُبل أمام عون، فمرشح "التقاطع" يجب أن يكون صاحب موقف واضح، ومقتنعاً بأن اتفاق وقف النار في الجنوب يعني من دون لبس ضرورة تسليم "حزب الله" سلاحه في جنوب الليطاني وشماله، وتفكيك كل بنيته العسكرية. وفي هذا السياق علمت "نداء الوطن" في شأن مرشحي التقاطع أن المعارضة قامت بمروحة اتصالات في الساعات الأخيرة ولمست قبولاً لإسمي جهاد أزعور وزياد حايك.
محور الممانعة، وبعد سقوط خياري رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجيه والمدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري، يحاول جس نبض "التقاطع" على اسم الوزير السابق زياد بارود، الذي زار بكركي منفرداً وأكد انه سيكون خارج المنافسة وسيبارك للرئيس، ولكن في حال لم يحصل هذا التوافق في جلسة الانتخاب، فكل الاحتمالات واردة بما فيها الاستمرار في المعركة الرئاسية.
رئيس حزب "القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع كشف لعبة الممانعة فضيَّق الخناق عليها، وتحداها أن تعلن موقفاً إيجابياً من العماد عون، وما لم تفعل، فستكون هي مَن أسقطت خيار انتخاب عون، وعندها ماذا يعود ينفع أن تؤيده المعارضة؟ وهل هذا التأييد كاف لإيصاله؟
وتقول مصادر مطلعة أنه بمجرد أن تتجه المعارضة السيادية إلى التقاطع على اسمَي جهاد ازعور أو زياد حايك، فهذا يعني حكماً أن الدكتور جعجع غير مرشَّح، وعد الترشيح يهدف إلى فكفكة الألغام أمام الاستحقاق برمته، إن للإبقاء على حظوظ عون، أو لمنع وصول "مرشح الممانعة" تحت تسميات مزيفة، لن تحجب خضوعه لاحقاً لمن أوصله.
وكان لافتاً الموقف السلبي، في كل الاتجاهات، الذي سربه رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، فكتب على حسابه على إكس: "التيار الوطنيّ الحر لن يصوت مع الثنائيّ الشيعيّ على مرشح يرفضه المجتمع الدولي ولن يصوت مع المعارضة على مرشح ضد الثنائيّ الشيعيّ". لا جديد سوى الموقف السلبي من قائد الجيش.
وعلى رغم تكتم أزعور في ما يتعلق باستحقاق الغد، فقد أوضحت أوساط متابعة للملف الرئاسي أنه يتمنى أن تنتهي جلسة الخميس إلى انتخاب رئيس يحظى بأكبر قدر من الدعم يوفّر له زخماً من أجل النهوض بلبنان، بغض النظر عمن يختاره النواب.
وأشارت الأوساط إياها إلى أن أزعور لا يعتبر نفسه، من هذا المنطلق، في مواجهة مع أي مرشح آخر، وهو يريد أن يكون اسمه عنواناً لحلّ، لا سبباً لانقسام إضافي، ولا خصوصاً تحدياً لأي طرف.
وأضافت أن أزعور يرى أن أي رئيس يحتاج إلى التفاف من اللبنانيين حوله بتعاون من المجتمعَين العربي والدولي، وهو ما تسعى إليه "اللجنة الخماسية" لكي يتمكن من أن يحكم لبنان بفعالية في هذه الظروف، وإذا تأمّن هذا الالتفاف على أي اسم، فسيكون الهدف قد تحقّقَ، وهو إعادة الانتظام إلى المؤسسات، والانطلاق في مسيرة إخراج لبنان من وضعه الراهن.
وفي السياق الرئاسي أيضاً، علمت "نداء الوطن" أن اتفاقاً ضمنياً حصل بين المعارضة السيادية وكتل "الاعتدال الوطني" و"اللقاء الديمقراطي" ونواب مستقلين وتغييريين وحتى كتلة "الوفاق الوطني" ومجموعات أخرى، ويتضمن هذا الاتفاق التصويت لمصلحة قائد الجيش في الدورة الأولى، أما بالنسبة لكيفية التعامل مع الدورة الثانية في حال لم يفز عون من الدورة الأولى، فهذا سيتقرر خلال اجتماعات مكوكية ستعقد اليوم بين جميع هذه المكونات حيث ستوضع جميع الاحتمالات على الطاولة. لكن الأكيد أن المعارضة ستنزل إلى الجلسة بكامل جهوزيتها ولن تسمح بحصول مفاجآت تعيد عقارب الساعة إلى الوراء.
وبانتظار عودة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان الذي من ضمن لقاءاته الاجتماع مع جعجع اليوم السادسة مساءً، لم تستبعد مصادر مطلعة أن يصل أيضاً موفدٌ سعودي إلى لبنان قبل الجلسة، ما يعني أن المواقف ستتضح أكثر خصوصاً بعد اجتماع المعارضة ليلاً في معراب.