في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش جوزف عون واللواء إلياس البيسري، إلى تعديل دستوريّ للرئاسة للعماد وقانوني للواء؟
أمّا السيناريو الذي تتناوله الكواليس السياسية فهو تطيير الجلسة بتشتيت الأصوات لدرجة عدم حصول أيّ من المرشّحين حتى على 65 صوتاً، لا سيما أنّ الناخبَين السنّي والدرزي سبق أن قالا كلمتهما بعدم الاصطفاف إلى جانب أيّ رئيس منتخب بالأكثرية زائدةً واحداً وذهابهما إلى الانتخاب بأكثرية الثلثين.
تطيير الجلسة وثمن انتظار ترامب
تقول مصادر مقرّبة من القوات اللبنانية إنّ إعلان إمكانية ترشيح رئيس حزب القوات سمير جعجع جاء بناء على عدّة اعتبارات:
أوّلاً: لمحاكاة المزاج القوّاتي وترجمة صوابية الخيارات السياسية للقوات في موقف واضح يعتبر مكسباً سياسياً قواتيّاً.
ثانياً تثبيت انتصار المسار السياسي الذي اتّخذته القوات وترجم في سقوط سلاح “الحزب” وسقوط نظام الأسد والمتغيّرات في المنطقة.
ثالثاً كسر الفيتو السياسي والنفسي المرتبط بتاريخ الحرب اللبنانية على ترشيح سمير جعجع لموقع الرئاسة الأولى في وقت أصبح كلّ أمراء ميليشيات الحرب في السلطة بعد اتفاق الطائف.
رابعاً رفع سقف الترشيحات، لا سيما وسط محاولات لتهريب انتخابات رئاسية بـ65 صوتاً لمحور الممانعة وحلفائه.
جعلت كلّ هذه العوامل سمير جعجع يذهب إلى رفع سقف اللعب السياسي، لا سيما وسط مراهنة سياسية لاستكمال سقوط أحجار الدومينو وصولاً إلى إيران. وعند ذلك يكون دونالد ترامب قد وصل وأصبحت الشروط الأميركية على لبنان أكثر قسوة. وبالتالي يمكن أن يعطي هذا جعجع فرصاً إضافية لوصوله إلى الرئاسة أو وصول أحد من يسمّيهم مباشرة.
هذا الأمر تستدركه القوى المقابلة، لكنّها حتى الساعة لم تعطِ بعد اسماً للرئاسة. حين أعلن صاحب الحقّ الأوّل، أي سليمان فرنجية، استعداده للجلسة ولانتخاب من يسمّيه.
إمّا التوجّه إلى رئيس توافقي بأكثر من 86 صوتاً، وإمّا الذهاب إلى تحمّل تداعيات عهد ترامب “الحزب” وبرّي: لرئيس في 9.. لكن بشروط
يدرك هذا المحور حساسية المرحلة والتغيّرات الحاصلة. ويقول مصدر مقرّب منه إنّ “الثنائي الشيعي” مستعدّ للذهاب إلى انتخاب رئيس توافقي يحظى بدعم إقليمي ودولي، خصوصاً سعوديّاً لما في ذلك من إيجابية على البلد، وأميركيّاً لما في ذلك من إيجابية على مستوى الاتّفاق بين لبنان وإسرائيل.
لكن يضيف المصدر أنّ لكلّ من طرفَي “الثنائي” شروطاً مسبقة يحاول فرضها. فالرئيس برّي يريد تسليمه ملفّ إعادة إعمار الجنوب والبقاع على الأقلّ. بينما يناقش “الحزب” في دور السلاح شمال الليطاني. فـ”الحزب” مقتنع بأنّه لن يستطيع البقاء بسلاحه في جنوب الليطاني، لكنّه لا يزال يراهن على أيّ اتّفاق داخلي بين القوى السياسية والدولة، أي الحكومة، على تفاهم داخلي يبقي على دور السلاح شمال الليطاني.
في هذين العنوانين إشكاليات تمنع أيّ طرف داخلي أو خارجي من إعطاء ضمانات للثنائي بأنّ العهد المقبل سيحفظ لهما هذه المكتسبات. من هذا المنطلق، تدعو مصادر دبلوماسية “الثنائي” إلى الاكتفاء بهذا الحجم من الخسائر السياسية لأنّ الخسائر ثبت أنّها تكبر يوماً بعد يوم منذ بداية حرب غزة.
عليه، هناك خياران: إمّا التوجّه إلى رئيس توافقي بأكثر من 86 صوتاً في جلسة التاسع من كانون الثاني 2025، ليكون الرئيس ضامناً لشروط “اللجنة الخماسية” من جهة، والتوافق الداخلي من جهة أخرى، وإمّا الذهاب إلى تحمّل تداعيات عهد ترامب بما فيه من سياسات العصا… من دون الجزرة طبعاً.