قلب زعيم المختارة وليد جنبلاط الطاولة على الجميع، وأحرج الجميع، وخلط الأوراق الرئاسية، وأراد أن يكون بيضة القبَّان ليعلِن، تأييد انتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية. جاء التأييد في بيان صادر عن كتلة اللقاء الديمقراطي في حضور وليد جنبلاط، وورد في البند الخامس والأخير منه الذي جاء فيه حرفياً: "شددت الكتلة على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية في جلسة 9 كانون الثاني المقبل، معلنة تأييدها لانتخاب قائد الجيش العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية".
جاء موقف جنبلاط قبيل خمسة أيام من توجهه إلى دمشق للقاء أحمد الشرع (ابو محمد الجولاني)، وقبيل توجهه إلى تركيا التي على ما يبدو أصبحت ممراً إلزامياً للسياسة اللبنانية وللسياسيين اللبنانيين، وفي هذا الإطار أدرجت زيارة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إلى أنقرة.
جنبلاط له باع طويلة في استحقاقات انتخاب رئيس الجمهورية، سبق أن انتخب العماد ميشال عون عام 2016، لكنه عارض بشدة انتخاب العماد أميل لحود عام 1998، وغاب وأعضاء كتلته عن جلسة الانتخاب، لا بل ذهب أبعد من ذلك لاحقاً، ففي جلسة مناقشة البيان الوزاري لحكومة الرئيس رفيق الحريري عام 2000، بعد فوزه الساحق في الانتخابات النيابية، هاجم جنبلاط خطاب القسم للرئيس أميل لحود وسمَّاه "خطاب العرش". يبقى السؤال الكبير: لماذا وقَّت جنبلاط تأييد انتخاب العماد جوزيف عون بعد عودته من باريس ولقائه الرئيس ماكرون، وقبل توجهه إلى دمشق ولقائه أبو محمد الجولاني؟
وفي أعنف رد على موقف جنبلاط من تأييد انتخاب العماد عون لرئاسة الجمهورية، قال رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل: "مش جنبلاط يلّي بيرشّح عن المسيحيين ، هيدا هنري حلو تاني...".
الحدث الرئاسي كان أيضاً في زغرتا حيث قال رئيس تيار المرده سليمان فرنجيه: "نريد رئيساً على قدر المرحلة في جلسة 9 كانون الثاني وإلا لن نشارك في إيصال رئيس لا يملأ الموقع المسيحي الأول و"نبقى برّا أشرفلنا" ، وفُهِم من كلام فرنجيه أنه لم يسحب ترشيحه وفي الوقت عينه لم يسمِّ أحداً ، وفسَّرت مصادر سياسية موقف فرنجيه بأنه موجَّه ضد الرئيس بري الذي لم يستمر في ترشيحه. جاء الموقف خلال العشاء التكريمي لخلية الأزمة في المرده.
في سياق الملف الرئاسي أيضاً، أكدت مصادر تكتل "الاعتدال الوطني" لـ"نداء الوطن" أنهم والحلفاء أي النواب نبيل بدر وعماد الحوت وعبد الرحمن البزري وبلال الحشيمي حسموا موقفهم باتجاه التصويت لقائد الجيش في جلسة 9 كانون الثاني، وسيعلنون عن هذا الأمر بشكل رسمي في اجتماع قريب.
وكشفت المصادر عن تنسيق هذا الدعم لقائد الجيش مع النائب السابق وليد جنبلاط وعدد من أطراف المعارضة، والقوات اللبنانية التي تشكل العمود الأساسي للمعارضة ليست بعيدة عن هذه الأجواء، إذ لا يمكن انتخاب رئيس من دون موافقة معراب التي تتحفظ عن ذكر مرشحها.