حزب الله أكثر الخاسرين من سقوط نظام الأسد - بقلم معروف الداعوق
شارك هذا الخبر
Wednesday, December 11, 2024
خسارة حزب الله لسقوط نظام بشار الاسد، وخروجه من سوريا، لا تضاهيها خسارة اي طرف سياسي لبناني، لانها خسارة متعددة الجوانب، استراتيجية، عسكرية واقتصادية على حد سواء، ولا يمكن تعويضها لانعدام البدائل، جغرافيا وعقائديا وعسكريا، ما يحرم الحزب مرتكزا اساسيا، ساهم مساهمة فعالة في تنامي قوة الحزب ونفوذه وهيمنته على خصومه السياسيين بالداخل اللبناني، والتسلط على قرار الدولة ومؤسساتها وسياساتها، وزعزعة الامن والاستقرار في الدول العربية الشقيقة.
استفاد الحزب من خروج جيش نظام الاسد قسرا من لبنان، في ربيع العام ٢٠٠٥،بعد اتهام شرائح واسعة من اللبنانيين، الرئيس السوري بارتكاب جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، للامساك بمفاصل الدولة بقوة السلاح، بالاغتيالات السياسية تارة، والترهيب الامني تارة اخرى، للقبض على المؤسسات الدستورية، وليلعب دور البديل لهيمنة النظام السوري السابقة، ويتماهى معه في إلحاق لبنان بسياسات المحور السوري الايراني في مواجهة الدول العربية الشقيقة والصديقة، خلافا لرغبة معظم اللبنانيين.
وساهم وقوف حزب الله والنظام الايراني بقوة إلى جانب بشار الاسد بمواجهة انتفاضة الشعب السوري المطالب بالحرية والمشاركة بالسلطة ومقدرات الدولة عام ٢٠١١، والزج بقوات ومستشارين من الحرس الثوري الايراني والتدخل الروسي، في منع اسقاط نظام الاسد، والى تمدد وترسيخ وجود حزب الله على معظم الاراضي السورية، وتمكينه من اقامة مراكز عسكرية ثابتة ومستودعات اسلحة على انواعها، ومنحه مزايا وتسهيلات تجارية واقتصادية، بحجة مواجهة إسرائيل ظاهريا، في حين كان الهدف تغيير التركيبة الديموغرافية لسوريا، لصالح مشروع النفوذ الايراني على المنطقة العربية.
وهكذا اصبحت سوريا، ليس الحديقة الخلفية لحزب الله، في اي مواجهة خاضها مع إسرائيل، كما حصل في تموز ٢٠٠٦، او في الحرب الإسرائيلية الاخيرة، بل شكلت سوريا الشريان الحيوي لتأمين تزويد الحزب بالسلاح والعتاد العسكري الايراني عبر العراق، كما ضخ الاموال الطائلة، بالطرق غير الشرعية لتمويل حركة الحزب وسيطرته على الداخل اللبناني، واستغلالها لتنفيذ سياسات ومصالح النظام الايراني في المنطقة على حساب المصلحة الوطنية اللبنانية العليا.
وعلى هامش هذه الوقائع، تم اعطاء تسهيلات مفتوحة لحزب الله لاستيراد وتوريد البضائع والمحروقات على انواعها، عبر المرافئ السورية والمنافذ والمعابر المشتركة بعيدا عن الرقابة والرسوم الجمركية المعتادة، وغض الطرف عن اقامة مصانع المخدرات الممنوعة والاتجار بها، ما ساهم في توفير منافع ومداخيل مالية كبيرة لصالح الحزب على مدى السنوات الماضية.
خسارة حزب الله لسقوط نظام بشار الاسد، هي الخسارة الثانية والكبيرة التي يتعرض لها الحزب في غضون الاشهر الماضية، بعد خسارة عملية إسناد غزّة، التي تحولت إلى حرب واسعة النطاق ومدمرة ضد الحزب ولبنان، والتي أدت الى اغتيال قيادات بارزة بالحزب وفي مقدمتهم الامين العام للحزب حسن نصرالله، وإلى احتلال إسرائيل لمناطق واسعة في جنوب لبنان، وخسارة سوريا هي بالطبع لم تكن متوقعة وخارج الحسابات، ولا بد انها ستنعكس انحسارا لقوة الحزب السياسية والعسكرية والمالية، بالموازين السياسية الداخلية، والاقليمية قياساً عما كانت عليه من قبل.