حمل اليوم الثاني من معركة "ردع العدوان"، تطورات هامة ومفصلية. ويتمثل التطور الأول بمقتل مستشار إيراني، والثاني هو سقوط خط الدفاع الثاني والثالث للنظام عن مدينة حلب، وتمهيد الفصائل لدخول أول أحيائها، بينما الثالث كان وجود بصمات تركية استراتيجية في خطة الهجوم.
مقتل المستشار الإيراني وأفادت وكالة "مهر" الإيرانية عن مقتل "أحد كبار" المستشارين الإيرانيين في سوريا، يدعى العميد كيومرث بورهاشمي، في هجوم الفصائل المعارضة على مدينة حلب السورية. ولم تذكر الوكالات الإيرانية الموقع الذي قتل فيه المستشار الإيراني، لكن المرجح بأنه قُتل إما باقتحام الفصائل لمواقع النظام في ريف حلب الشمالي، أو الجنوبي. ويشير مقتله إلى أن الفصائل اقتحمت مواقع تعتبر بالفعل مواطن لتمركز الميلشيات الإيرانية في ريف حلب، وواجهتها وجهاً لوجه.
نُبّل والزهراء وخان طومان وبرز خلال تقدم المعارضة شمال وجنوب ريف حلب، مؤشران هامان. تمثل الأول بإعلان الفصائل سيطرتها على ياقد العدس، وبابيص شمالاً. وتعتبر السيطرة عليهما هو اقتراب الفصائل أكثر من مواقع مهمة مثل عندان وحريتان وحيّان، وبالتالي قطع طريق حلب- غازي عينتاب، وفرض حصار على بلدتي نُبل والزهراء، واللتين تعتبران الموطن الأساسي للميلشيات الإيرانية من جنسيات سورية، وكذلك لإقامة مستشارين إيرانيين، إضافة لوجود مجموعات من حزب الله. أما المؤشر الثاني، كان بإعلان الفصائل سيطرتها على الزربة جنوباً، وذلك يعني اقتراب الفصائل أكثر من خان طومان وكذلك العيس وتلتها الاستراتيجية. ويعني ذلك العودة بالذاكرة لملاحم ومعارك ضارية جرت بين الفصائل المعارضة والميلشيات الإيرانية وحزب الله في العام 2020. وسقط على إثر تلك المعارك عشرات القتلى الإيرانيين، اعترفت بهم طهران، بينهم مستشارون في الحرس الثوري. وبناء على ما سبق، فإنه من المتوقع، في حال استمرت الفصائل بالتقدم من الجنوب والشمال، فإننا قد نشهد تكراراً لمعارك خان طومان والعيس الاستراتيجيان، وبالتالي سقوط قتلى إيرانيين، لأنهما موطنان لتمركز قوات الحرس الثوري.
الوصول لمدينة حلب وعلى صعيد الوصول لمدينة حلب، فقد أعلنت الفصائل سيطرتها على بلدة خان العسل في ريف حلب الغربي. وكما هو متوقع، وفق ما شرحت "المدن"، فإن الفصائل اختارت الوصول إلى مدينة حلب من الجهة الغربية، وبالتالي أصبحت كاشفة لحي حلب الجديدة، وأصبح يشاهد بالعين المجردة، بعد انهيار خطي الدفاع الأول والثاني للبوابة الغربية. وبالسيطرة على خان العسل، فإن الفصائل قطعت عملياً طريق "الإم-5" بشكل كامل، وسط معلومات عن بدء التمهيد، بتسلل مجموعات إلى حي "الراشدين الرابعة"، للسيطرة عليه. ووفق مصادر متابعة، فإنه من المرجح بعد السيطرة عليه، تركيز الفصائل ثقلها بالقتال نحو المنصورة وكفر داعل، قبل الاصطدام بثكنات عسكرية ضخمة للنظام، هي الأكاديمية العسكرية، ومبنى البحوث العلمية. والمتوقع أن يتوقف القتال عندهما لفترة وجيزة على الأقل، في حال كان بنية الفصائل مواصلة التقدم. وكانت عدة شركات نقل سورية قد أوقفت رحلاتها إلى حلب المدينة، بسبب قطع طريق "الإم-5"، بينما تشير المعلومات إلى وجود حركة نزوح من أحياء حلب التي أصبحت قريبة من المعارك، لاسيما حلب الجديدة وقرى قريبة منها، في حين تقول المصادر أن النظام دفع بقوات عسكرية كبيرة إلى المنصورة، قرب البحوث العلمية.
بصمات تركية وبلغت مساحة السيطرة الجديدة للفصائل أكثر من 250 كيلومتراً مربعاً، بينما وصل عدد المواقع التي تمت السيطرة عليها نحو 40 موقعاً، بينها تلال استراتيجية وحاكمة جنوباً وشمالاً. وبلغ عدد قتلى جانبين من العسكريين، 153 قتيلاً، يضاف إليهم 45 مدنياً، قتلوا بغارات جوية نفذتها روسيا والنظام على الأتارب ودارة عزة، غرب حلب، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان. وتتعدد التحليلات في أسباب التقدم الكبير والسريع للفصائل في المعركة، لكن مصادر عسكرية متابعة كشفت لـ"المدن"، أن ثمة معلومات عن تزويد الجيش التركي للفصائل، بمعلومات عسكرية واستراتيجية لمواقع تمركز قوات النظام والميلشيات الإيرانية. وبناء على ذلك، رسمت الفصائل طريق التقدم واختارت التقدم من الجهة الغربية نحو مدينة حلب. ووفق المصادر، تظهر البصمات التركية خاصة في سيناريو السيطرة على قرى ريف حلب الشمالي والجنوبي، وفتح معركة سراقب. فمن الجهة الجنوبية، اختارت الفصائل ترك كفر حلب وتلتها الاستراتيجية، والاستعاضة عن ذلك بالالتفاف حولها، للسيطرة عليها لاحقاًً بعد حصارها، بسبب صعوبة ذلك حالياً مع تعدد جبهات القتال. يُضاف إلى ذلك فتح معركة سراقب في ريف إدلب الشرقي، وبالتالي فإنه من المتوقع ربط كفر حلب وما بعدها في مرحلة لاحقة مع سراقب، وبالتالي السيطرة على عقدة طريقي "الإم-5" و"الإم-4". وكانت الفصائل قد سيطرت بالفعل على قرى محيطة بسراقب، ودخلتها من الجهة الغربية، وسط مقاومة كبيرة من قوات النظام والميلشيات الإيرانية ومعارك كر في محيطها.