بعد ضربات إسرائيل المدمرة.. الحزب تحت ضغوط غير مسبوقة
شارك هذا الخبر
Thursday, November 28, 2024
بعد الضربات الدامية والمدمرة التي تعرض لها من إسرائيل، يبدو حزب الله اليوم تحت ضغط غير مسبوق بعد موافقته على اتفاق وقف لإطلاق النار ينص على انسحابه مع أسلحته من مناطق واسعة في جنوب لبنان.
ويبقى الحزب المدعوم من إيران، رغم ذلك، لاعباً أساسياً على الساحة السياسية اللبنانية، على الرغم من الأصوات المتزايدة التي باتت تطالب بنزع ترسانته الضخمة من السلاح.
وكان حزب الله القوة اللبنانية المسلحة الوحيدة التي احتفظت بأسلحتها بعد الحرب الأهلية (1975 - 1990) بحجة "مقاومة إسرائيل"، ما يطرح أسئلة حول ضرورة احتفاظه بسلاحه إن كان سينسحب من الحدود. ويؤكد خصوم حزب الله في الداخل، الذي يعتبر أيضاً أكثر القوى السياسية نفوذاً في البلد الصغير، أنه يقوم باستخدام سلاحه للتحكّم بالحياة السياسية.
وتقول الباحثة في معهد "تشاتام هاوس" لينا الخطيب لوكالة "فرانس برس": "يتعرّض حزب الله لضغوط غير مسبوقة"، موضحةً أن "بنود اتفاق وقف إطلاق النار تمهّد لتفكيك قدراته العسكرية".
ودفع حزب الله ثمناً باهظاً لفتحه "جبهة إسناد" لقطاع غزة من جنوب لبنان، غداة اندلاع الحرب بين حركة حماس وإسرائيل إثر هجوم غير مسبوق لحماس على إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.
فبعد قرابة سنة من تبادل القصف بين الجيش الإسرائيلي والحزب، بدأت إسرائيل في 23 أيلول/سبتمبر حملة قصف مدمّر ضد مناطق تعتبر معاقل للحزب اللبناني في ضاحية بيروت الجنوبية وفي جنوب البلاد وشرقها. وأطلقت في نهاية الشهر ذاته عمليات توغل بري في مناطق حدودية. وشنّت غارات دامية قتلت فيها قيادات عدّة من الصفّ الأول في الحزب على رأسهم الأمين العام للحزب حسن نصرالله، والعديد من القادة العسكريين.
وكانت فجّرت قبل ذلك الآلاف من أجهزة اتصال يستخدمها عناصر في حزب الله، مخلّفة قتلى وجرحى.
ويقول مصدر مقرّب من الحزب لوكالة "فرانس برس"، من دون الكشف عن هويته، إن حزب الله خسر المئات من مقاتليه منذ نهاية أيلول/سبتمبر.
ويرى رئيس قسم العلاقات الدولية والسياسية في الجامعة اللبنانية الأميركية عماد سلامة أن "الحرب من دون شك أضعفت حزب الله عسكرياً، بعدما مُني بخسائر كبرى على مستوى القيادة وتمّ تقليص قدراته التشغيلية"، لكنه "لم يُهزم".
"انتصار" وتصدّى حزب الله بشراسة للقوات الإسرائيلية خلال تقدّمها إلى بلدات حدودية على محاور عدة في جنوب لبنان. ويقول الحزب إن الجيش الإسرائيلي لم يتمكّن من "تثبيت وجوده" في أي من هذه البلدات. ومنذ فجر الأربعاء، مع دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، يحتفل أنصار الحزب بـ"النصر" رغم الدمار الواسع النطاق الذي خلّفته الغارات الإسرائيلية.
ونظّم حزب الله جولات للصحافيين الأربعاء في جنوب لبنان، في مسعى لتأكيد حضوره ونفوذه في المنطقة.
وردّاً على سؤال عمّا إذا كان الحزب يعتزم تفكيك بنيته العسكرية، قال النائب من حزب الله حسن فضل الله لوكالة "فرانس برس" من مدينة بنت جبيل القريبة من الحدود مع إسرائيل، إنه ليس "للمقاومة" أي "سلاح ظاهر أو قواعد منتشرة".
وأكد في الوقت ذاته أنه لا يستطيع أحد أن يبعد مقاتلي حزب الله من القرى والبلدات التي يتحدّرون منها في جنوب البلاد.
ويمتلك حزب الله ترسانة ضخمة من السلاح، تفوق بحسب الخبراء، ترسانة الجيش اللبناني.
وينصّ اتفاق وقف إطلاق النار الذي تمّ التوصل إليه برعاية فرنسية أميركية ولم تُنشر بنوده رسمياً، على أن ينسحب حزب الله الى شمال نهر الليطاني (30 كلم عن الحدود مع إسرائيل)، وأن يتسلّم الجيش اللبناني المواقع التي يسيطر عليها حالياً الجيش الإسرائيلي والحزب. ويستند الاتفاق الى القرار الدولي 1701 الذي أنهى الحرب بين حزب الله واسرائيل في العام 2006.
بعد حرب العام 2006، احتفظ حزب الله بوجود غير ظاهر في جنوب لبنان وعزّز ترسانته العسكرية وبنى شبكة من الأنفاق، وفق خبراء عسكريين. ونصّ القرار 1701 على حصر الوجود العسكري في المنطقة الحدودية بالجيش اللبناني وقوة الأمم المتحدة الموقتة (يونيفيل).
وقال مسؤول لبناني لوكالة "فرانس برس" مفضّلاً عدم الكشف عن هويته إن انضواء فرنسا والولايات المتحدة في آلية مراقبة اتفاق وقف إطلاق النار قد تساعد على ردع حزب الله هذه المرة.
انتخابات رئاسية وينصّ الاتفاق أيضاً على مراقبة الحدود بين لبنان وسوريا لمنع عبور شحنات السلاح لحزب الله عبر سوريا، بحسب خبراء عسكريين.
ويرى عماد سلامة أن حزب الله "لا يمكن أن يتحوّل إلى حزب سياسي بحت، لأنه يستمدّ شرعيته ونفوذه من دوره كحركة مقاومة مسلحة".
على المستوى الداخلي، يضيف سلامة أن "الحزب سيواصل استخدام نفوذه" للتحرك على الساحة السياسية اللبنانية، مستنداً الى قاعدة شعبية واسعة في الطائفة الشيعية، وشبكة مؤسسات اجتماعية واقتصادية كبيرة.
ويرى سلامة أن حزب الله قد يظهر "مرونة أكثر" في بعض الملفات لا سيما الانتخابات الرئاسية التي حّدّد موعدها اليوم في التاسع من كانون الثاني/يناير. ومنذ اندلاع الحرب، تتزايد الأصوات الناقدة لحزب الله في الداخل التي تحمّله مسؤولية جرّ لبنان الى الحرب.
وتعتبر لينا الخطيب أن "لبنان أمام فرصة لإعادة تركيب المشهد السياسي الداخلي للتخلص من هيمنة حزب الله للمرة الأولى منذ أن طغى الحزب على الحياة السياسية في البلاد قبل نحو عقدين".
وتضيف "أن ذلك لا يمكن أن يحصل إلا من خلال حوار وطني حقيقي يضمّ الجميع، ويدعمه المجتمع الدولي".