بوليتيكو- تودد نتنياهو المتزايد لن يدفع ترامب للموافقة على ضرب إيران
شارك هذا الخبر
Wednesday, November 13, 2024
نشرت مجلة “بوليتيكو” مقال رأي لجيمي ديتمر، محرر الرأي فيها، قال فيه إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيواجه مهمة صعبة مع الرئيس المنتخب دونالد ترامب، ذلك أن الأخير لن يعطيه “شيكا مفتوحا”، كما يأمل. ويقول الكاتب إن نتنياهو يأمل بأن يدفع آيات الله في إيران على الندم لمجرد تفكيرهم في عمليات القتل المستأجر ضد ترامب.
وكشف مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي) عن مؤامرتين دعمهما الحرس الثوري الإسلامي في الأيام التي سبقت يوم الانتخابات. ورغم أن المؤامرات تعبر عن طريقة الهواة، إلا أن نتنياهو سيحاول استغلالهما لإقناع ترامب دعم محاولاته لإذلال قادة إيران.
ورغم تعهد ترامب بعد الانتخابات بأنه سيوقف الحروب المستعرة حول العالم، إلا أن نتنياهو يتطلع لأن تكون له الحرية المطلقة وأكثر مما كان يتمتع به في ظل جو بايدن، والتحرر من الحديث عن حل الدولتين والمطالب بتقديم خطة لما بعد الحرب أو التهديد بقطع الدعم العسكري. ولو وصلت نائبة الرئيس كامالا هاريس إلى البيت الأبيض، لكان كل هذا جزءا من الحزمة المقدمة له، وهو ما يفسر تفضيل الزعيم الإسرائيلي ترامب.
وقال نداف ستروتشلر، المسؤول الإستراتيجي السابق للانتخابات لرئيس الوزراء الإسرائيلي: “بالطبع، لا نعرف ما سيفعله ترامب ولكننا نفهم شيئا واحدا، لقد رغب نتنياهو بفوزه أكثر من كامالا هاريس”.
ولكن حصول نتنياهو على موافقة من ترامب في كل شيء، سيكون أصعب مما يتوقع. وسيضع ترامب الكثير من القيود، رغم زعم نتنياهو يوم الأحد أنه وترامب متوافقان بشأن التهديد الإيراني.
وكان نتنياهو من أول المهنئين بفوز ترامب ووصف عودته بأنها أعظم عودة في التاريخ. وكتب على حسابه في إكس “إن عودتك التاريخية للبيت الأبيض تقدم بداية جديدة لأمريكا وتعتبر تكريسا قويا للتحالف العظيم بين إسرائيل وأمريكا” و”هذا نصر عظيم”.
وكل هذا المديح السريع هو جزء من جهود مستمرة منذ عدة أشهر لاستعادة الحظوة لدى ترامب، وبخاصة بعدما أغضب نتنياهو ترامب عندما كان من أول المهنئين لبايدن على الفوز في عام 2020. وقد اشتكى الرئيس المنتخب في حينه قائلا “كان بإمكان بيبي البقاء صامتا”.
ولهذا، ففي الأسابيع الأخيرة، كان نتنياهو يتودد إلى ترامب باستمرار من خلال مكالمات هاتفية يطلب فيها مشورته، وهو الأمر الذي تباهى به الرئيس المنتخب أثناء حملته الانتخابية. وفي تموز/يوليو أشاد نتنياهو بترامب مرارا وتكرارا في خطابه الذي ألقاه أمام الكونغرس الأمريكي حيث لم يذكر هاريس ولو مرة واحدة، مما أثار شكاوى من الديمقراطيين وأنه كان في الواقع يقوم بحملة لصالح خصمها ويدعو لشعار “ماغا” أي لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى.
ومع ذلك، فربما لن يكون هذا كافيا لحصول نتنياهو على دعم ترامب من أجل استهداف القيادة الإيرانية أو محاولة إسقاط النظام الإيراني.
وقال مسؤول في جماعة ضغط بواشنطن، طلب عدم الكشف عن هويته: “لا يزال ترامب غير معجب بنتنياهو”. وأضاف “بيبي لم ينجح بالضبط ولمدى يمكنه الحصول على كل شيء يريده. ولن يعطيه ترامب صكا مفتوحا. وإذا كان هذا ما يتوقعه بيبي، فأعتقد أن أمله سيخيب. ويحتاج إلى تعديل نهجه لأن ترامب يريد وقف القتال بالشرق الأوسط بنفس المقام الذي يريد وقفه في أوكرانيا”.
لكن نتنياهو أصبح وبشكل متزايد، أكثر جرأة، وبات يفكر في إعادة صياغة المنطقة بأكملها، على عكس إدارة بايدن، التي دفعت أكثر من مرة لإنهاء الحرب في غزة وأثارت مخاوف إنسانية وأصبحت قلقة بشأن توسع الهجوم في لبنان. ويعتقد نتنياهو أن لديه فرصة لا تتوفر إلا مرة واحدة في العمر والوصول إلى “النصر الشامل” من خلال اقتلاع حماس في غزة وملاحقة حزب الله والقضاء عليه في لبنان والوصول إلى العدو الرئيسي- إيران.
وفي الوقت الذي سيعطي هذا لنتنياهو فائدة إضافية وتبرئته من الفشل الأمني لهجمات حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر، إلا أن التحدي الأكبر له هو إقناع ترامب باستراتيجيته الكبرى، وكيفية تحقيقها بدون توريط الولايات المتحدة في “حرب أبدية”. وفي ولايته الأولى، اتخذ ترامب موقفا متشددا تجاه الميليشيات المدعومة من إيران، وبطبيعة الحال، فهو لم يتردد في التصرف وقام بالمصادقة على جاء اغتيال الجنرال الأسطوري قاسم سليماني.
كما اختلف مع بايدن بشأن ما ينبغي لإسرائيل أن تستهدفه وما لا ينبغي لها أن تستهدفه في ضربة انتقامية على إيران الشهر الماضي – أي البرنامج النووي الإيراني. وفي تجمع انتخابي بولاية نورث كارولينا قال: “أليس هذا ما يفترض أن تضربه؟ أعني، إنه أكبر خطر لدينا، الأسلحة النووية”، مضيفا: “اضرب النووي أولا، واقلق على الباقي لاحقا”.
ومع ذلك، يجب على نتنياهو التعامل مع ترامب بحذر، وهو يعرف هذا. وبحسب مسؤولين على معرفة بتفكير نتنياهو: “لا توجد أوهام بأن ترامب سيسمح لإسرائيل بحرية التصرف في كل مكان. يعرف بيبي ومستشاروه أن الضغوط ستأتي لوقف إطلاق النار قريبا، على وجه التحديد، دعنا نقول، في لبنان، حيث كان هناك تقدم كبير ضد حزب الله، وسيكون من الأسهل التوصل إلى وقف لإطلاق النار”.
وقالوا إن ترامب يريد وقف إطلاق النار في لبنان، حتى قبل موعد تنصيبه، وستتحرك إسرائيل بناء على هذا. والتقى وزير الشؤون الإستراتيجية والمقرب من نتنياهو، رون ديرمر مع وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن وتباحثا في وقف إطلاق النار في لبنان. ويعرف نتنياهو أن ترامب لا يزال يتشكك منه. وهو ومستشاروه يدركون جيدا الشكوك التي لدى البعض في معسكر ماغا، بشأن أي مغامرة مفتوحة قد تخاطر بتوريط واشنطن – وهو ما قد يؤدي بالتأكيد إلى تدمير المنشآت النووية الإيرانية على سبيل المثال.
ومن بين المتشككين، نائب الرئيس المنتخب جيه دي فانس، الذي تتجذر شكوكه بالتورط الأجنبي إلى ما قبل تحوله إلى معسكر “ماغا”، وإلى وقت خدمته كجندي مشاة في العراق، حيث أصيب بخيبة أمل شديدة إزاء الحروب الفاشلة التي خاضتها أمريكا في المنطقة بعد جولته هناك.
وفي الشهر الماضي عندما سئل فانس عن الشرق الأوسط وإن كانت الولايات المتحدة ستتورط في حرب ضد إيران، حذر قائلا إن مصالح الولايات المتحدة وإسرائيل لا تتطابق دائما: “مصلحتنا تكمن في عدم خوض حرب مع إيران. سيكون ذلك بمثابة تشتيت كبير للموارد. وسيكون مكلفا للغاية لبلدنا”، كما قال، مقترحا أن إسرائيل والدول العربية في الخليج يجب أن تشكل “موازنا لإيران”.
وكان موضوع الابتعاد عن الشرق الأوسط واضحا في كلام مرشحين لتولي مناصب في الأمن القومي بإدارة ترامب المقبلة، فهم يريدون التركيز على الصين. وفي حديث للمجلة مع إلدبريج كولبي، المرشح حسب البعض في واشنطن لمنصب نائب وزير الدفاع أو نائب مستشار الأمن القومي قال إن على الولايات المتحدة أن “تترك بصمات أقل في الشرق الأوسط” و”سيكون من الخطأ لو بددنا المصادر على نزاعات هامشية”.
وأشارت المجلة إلى عوامل أخرى قد تؤثر على ترامب، وهي الضغوط من السعوديين والإماراتيين والذين يخافون من التهديد الإيراني، لكنهم لا يريدون إشعال المنطقة، وأعادوا العلاقات مع طهران. ولن يستغرب أحد لو لم يستجب الجيران العرب في الخليج لدعوات ضرب إيران. فقد كان السعوديون من بين أوائل الذين أدانوا الضربات الجوية الإسرائيلية على إيران، وأوضح الحاكم الفعلي، محمد بن سلمان أنه لا يمكن تطبيع العلاقات مع إسرائيل إلا حالة توقف الحرب في غزة وتم اتخاذ خطوات جادة لحل الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني.
وما قد يزيد الأمر تعقيدا هو ما قد يحصل عليه نتنياهو على الأرجح من ترامب: عدم الاعتراض على بناء المزيد من المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة. ويشكل إصرار ترامب المعلن على “وقف الحروب” أخطر تحد لنتنياهو.