ألمانيا تعلن زيادة كبيرة في واردات الأسلحة لإسرائيل

  • شارك هذا الخبر
Friday, October 25, 2024

عادت قضية تسليح ألمانيا لإسرائيل إلى الواجهة مجددا، بعد إعلان الحكومة الألمانية عن زيادة كبيرة غير متوقعة لتراخيصها لتسليم الأسلحة إلى إسرائيل بشكل كبير، لتتجاوز التقديرات السابقة، وفقا لمعلومات صادرة عن وزارة الخارجية.
وحسب بيانات رسمية نشرتها المواقع الإخبارية الألمانية، فإن قيمة إجمالي الموافقات على تصدير المعدات العسكرية إلى إسرائيل بحوالي 100 مليون يورو، وذلك وفقا لرد الحكومة على تحقيق برلماني أجرته النائبة المنتمية إلى اليسار زيفيم داديلين.
وظلت شحنات الأسلحة إلى إسرائيل قضية مثيرة للجدل لعدة أشهر. ويأتي ذلك بالتزامن مع قضية رفعتها جماعات لحقوق الإنسان بسبب التخوف من استخدام الأسلحة في الحرب الجارية في قطاع غزة.
كما أظهرت استطلاعات داخل ألمانيا أن حوالي 60% من الألمان يرفضون ارسال المزيد من الأسلحة الألمانية إلى إسرائيل. وجاءت الموافقات الجديدة في أعقاب انخفاض كبير في صادرات الأسلحة إلى إسرائيل في النصف الأول من العام الجاري.
وعادت قضية الأسلحة المرسلة إلى إسرائيل إلى الواجهة مجددا، وذلك بعد أيام من تصدر الموضوع ضمن الاعلام الألماني وفي ظل تصاعد التوترات الإقليمية وظهور اتهامات خطيرة من المعارضة الألمانية تشير إلى أن حكومة «إشارة المرور» تعرقل تسليم الأسلحة إلى إسرائيل.
وهاجم رئيس حزب «الاتحاد الديمقراطي المسيحي» فريدريش ميرتس، المستشار الألماني أولاف شولتس بقوة في «البوندستاغ» (البرلمان) قائلا: «نحن على علم بعدة حالات محددة رفضت فيها الحكومة الفيدرالية الموافقة على تصدير المعدات والمواد العسكرية إلى إسرائيل».
وأشار إلى أن الحكومة الفيدرالية تماطل منذ شهور في منح التراخيص اللازمة لتصدير الذخيرة وقطع غيار الدبابات لإسرائيل.

شولتس: لا نوقف تسليم الأسلحة

وجاء رد شولتس بشكل مباشر وحازم: «لم نتخذ قرارا بوقف تسليم الأسلحة. لقد قمنا بالفعل بتسليم أسلحة وسنواصل ذلك.» وأكد المستشار أن حكومته اتخذت قرارات تضمن وصول المزيد من الشحنات في المستقبل القريب.
وفي توضيح رسمي أكد المتحدث باسم الحكومة، فولفغانغ بوشنر، أنه «لم يكن هناك في أي وقت حظر على صادرات الأسلحة إلى إسرائيل». وأضاف أن عمليات التسليم ستستمر كما هو مقرر، لكنه امتنع عن تقديم تفاصيل إضافية بسبب سرية اجتماعات مجلس الأمن الفيدرالي، وهو الهيئة المسؤولة عن اتخاذ القرارات المتعلقة بتصدير الأسلحة.

وتفاقمت هذه الأزمة بعد أن نشرت صحيفة «بيلد» تقريرا زعمت فيه أن وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك ووزير الاقتصاد روبرت هابيك، وهما من حزب الخضر، عرقلا مؤقتا تسليم شحنات أسلحة جديدة إلى إسرائيل. وفقا للتقرير، طالب الوزيران بضمانات خطية من الحكومة الإسرائيلية بأن الأسلحة الألمانية لن تُستخدم في «إبادة جماعية». وأكدت الصحيفة أن إسرائيل قد قدمت هذه الضمانات قبل أيام قليلة.
ومع ذلك، وصف متحدث باسم وزارة الخارجية التقرير بأنه «غير دقيق» ونفى وجود أي شكوك تتعلق باستخدام الأسلحة الألمانية في جرائم ضد الإنسانية. وأضاف أن الحكومة الألمانية تراعي بشكل صارم القانون الدولي الإنساني عند اتخاذ قرارات تصدير الأسلحة.

مفاوضات دقيقة

على الرغم من الضجة الإعلامية، أكدت مصادر مقربة من الحكومة لمجلة «دير شبيغل» أن برلين لم تكن تهدف إلى حظر صادرات الأسلحة، بل كانت تجري مفاوضات مع إسرائيل لضمان استمرار عمليات التسليم.
وكانت الحكومة الألمانية حريصة على الحصول على تأكيدات واضحة بأن الأسلحة المرسلة سيتم استخدامها بما يتماشى مع القانون الدولي.
وخلال الأشهر الأخيرة، تلقت برلين طلبات من إسرائيل للحصول على قطع غيار للدبابات والمروحيات. وعلى الرغم من دعم الحكومة لهذه الطلبات من حيث المبدأ، إلا أن هناك مخاوف داخل الحكومة الألمانية من أن تلك الشحنات قد تتعرض للطعن القانوني من قبل جماعات مناهضة للحرب أو مجموعات فلسطينية أمام المحاكم الألمانية.
وفي خطوة استباقية لمنع هذه التحديات القانونية، اقترحت الحكومة الألمانية على إسرائيل توقيع اتفاقية تضمن احترام القانون الدولي الإنساني عند استخدام الأسلحة المصدرة. وقد تم التوصل إلى هذا الاتفاق خلال الأسابيع الماضية، مما أتاح للحكومة الفيدرالية الموافقة على عدة طلبات تصدير جديدة للأسلحة إلى إسرائيل.
وردود الأفعال حول هذه القضية كانت واضحة في البرلمان الألماني، حيث تصاعدت المواجهة بين المستشار شولتس والمعارضة. وبينما يتهم ميرتس حكومة «إشارة المرور» بعرقلة التسليمات الضرورية، أكد شولتس أن حكومته تتخذ كل الإجراءات اللازمة لضمان استمرار دعم إسرائيل بالسلاح.
المعركة السياسية حول صادرات الأسلحة الألمانية إلى إسرائيل تبدو بعيدة عن الانتهاء، في ظل مزيج من الضغوط الداخلية والخارجية التي تؤثر على قرارات الحكومة.
وكانت قضية سماح ألمانيا للقوات الجوية الإسرائيلية باستخدام طائرات Heron TP مسيّرة التي تستأجرها من إسرائيل في الحرب الدائرة ضد «حماس» في غزة، حيث تمثل هذه الطائرات أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا في عالم الطائرات بدون طيار، وتستخدم لشن هجمات دقيقة وتقليل الأضرار الجانبية، مما يضيف بُعدا جديدا للصراع الحالي.

دور الطائرات المسيّرة

وتوجد الطائرات المستأجرة في قاعدة تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي، حيث يتلقى الطاقم الألماني تدريبه جنبا إلى جنب مع نظيره الإسرائيلي. ويهدف هذا التدريب إلى تحسين مهارات الطيارين الألمان، الذين من المتوقع أن يستخدموا هذه الطائرات في مهام مختلفة داخل أوروبا وخارجها، وخاصة في أفريقيا وآسيا.
وطائرات Heron TP ليست مجرد مسيّرات عادية، بل هي طائرات استراتيجية طويلة المدى وقادرة على حمل صواريخ جو-أرض فريدة من نوعها. وتتميز هذه الطائرات بقدرتها على تنفيذ مهام استخباراتية، مراقبة، واستطلاع، إضافة إلى شن هجمات دقيقة. وهذه القدرات تجعلها أداة مثالية في الحروب الحديثة، حيث تتطلب الهجمات دقة عالية لتجنب إلحاق الضرر بالمدنيين. وفي تقرير نشرته «دويتشه فيله» الألمانية، وجه العديد من الخبراء انتقادات لوزارة الدفاع الألمانية حيث قالت الوزارة في بيان أنها لا تملك «تقارير أو تقييمات أو وثائق « حول ما إذا كانت المسيّرات المقدمة من ألمانيا تستخدم في غزة بشكل ينتهك القانون الدولي.

وحسب الخبيرة روث رود، فإن الفلسطينيين في الأراضي المحتلة «لديهم الحق في الخوف من المسيّرات في السماء»، ولا يملكون أي وسيلة لمعرفة إن كانت هذه المسيّرات تريد مراقبتهم أم قتلهم.
أما ماكس موتشلر، من «مركز بون الدولي لدراسات الصراع»، فلا توجد لديه أي تحفظات على استئجار المسيّرات من ألمانيا. ولكنه يرى أن تنازل ألمانيا عن المسيّرتين لصالح إسرائيل يمثل مشكلة.
ويقول: «من المفهوم أن ألمانيا اتخذت هذا القرار بعد وقت قصير من 7 أكتوبر/ تشرين الأول، ولكن بعد ورود المزيد من التقارير حول انتهاك القانون الإنساني الدولي من خلال العملية الإسرائيلية في قطاع غزة، وأيضا باستخدام مسيّرات مسلحة، بات يجب في الواقع التراجع عن هذا القرار».

وحسب الخبير، فقد تم توقيع عقد تأجير المسيّرات الأصلي عام 2018 في عهد المستشارة أنغيلا ميركل، وقد أثار ذلك جدلا في البرلمان الألماني، حيث أعرب «حزب الخضر» المعارض في ذلك الوقت عن مخاوفه من فكرة احتمال أن تستخدم ألمانيا مسيّرات مسلحة.

ويشير ماكس موتشلر إلى أنه كانت توجد في تلك الأيام أيضا انتقادات كبيرة في النقاش العام في ألمانيا. ويقول: «المسيّرات لديها صورة سلبية جدا في الخطاب العام، وهذا يعود كثيرا إلى استخدامها ضمن ‹الحرب على الإرهاب». وكانت التغطية الإعلامية في ألمانيا لاستخدام المسيّرات شديدة الانتقاد، وذلك بسبب قبول الأضرار الجانبية الكبيرة عند استخدام المسيّرات المسلحة».
وقد أثارت نيكاراغوا احتمال استخدام طائرات هيرون بدون طيار لانتهاك القانون الدولي في الحرب في غزة في مزاعمها ضد ألمانيا التي قدمتها إلى محكمة العدل الدولية بموجب اتفاقية الأمم المتحدة للإبادة الجماعية في وقت سابق من هذا العام.

وفي دفاعهم عن القضية، قلل محامو ألمانيا من أهمية تورط ألمانيا: «بينما كان الجنود الألمان يتدربون عليها، كانت الطائرات بدون طيار غير مسلحة. وبعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول، غادر العسكريون الألمان إسرائيل، حيث لم يكن من الممكن ضمان أمنهم؛ وبالتالي انتهى تدريبهم على الأراضي الإسرائيلية مؤقتا».
ولكن بخلاف حقيقة أنها لا تزال تدفع ثمن العقد، فإن الحكومة الألمانية غير راغبة في الكشف عن المزيد من التفاصيل حول عقد الإيجار: ففي إجاباتها على طلبات لمواقع اعلام ألمانية وعلى الأسئلة البرلمانية التي طرحت في وقت سابق من هذا العام، قالت وزارة الدفاع إن تفاصيل صفقة الطائرات بدون طيار مع إسرائيل سرية. وكتبت الوزارة ردا على سؤال من نواب تحالفSahra Wagenknecht (BSW) المعارض: «إذا تم الرد على السؤال علنا، فإن التعاون المتعدد الجنسيات في مشروع Heron TP الألماني وخاصة العلاقة بين إسرائيل وألمانيا قد يتوتر بسبب الكشف عن معلومات حساسة».


القدس العربي