تقرير: العاملات الزراعيات في تونس يعانين من الفقر وتهميش الأرياف

  • شارك هذا الخبر
Saturday, October 5, 2024

تعبّر العاملة الزراعية شاذلية المزريغي (47 عاماً) في منطقة فرنانة في شمال غرب تونس عن يأسها من غياب الخدمات الأساسية في إحدى أفقر المناطق في البلاد، وتقول «ليس لدينا شيء هنا، لا ماء ولا كهرباء».
وقبيل الانتخابات الرئاسية التي ستجري غداً الأحد في ظلّ تدهور اقتصادي واجتماعي كبير، تقول شاذلية الأم لثلاثة أطفال والتي تتقاضى أجراً يومياً قدره عشرة دنانير (حوالي ثلاثة دولارات) مقابل عمل زراعي شاق «نحن فقراء جداً، تحت الصفر وزوجي لا يستطيع العمل بانتظام بسبب مشاكل صحية في ظهره. لدي انطباع بأننا لسنا تونسيين لأنهم لا يلتفتون (السلطات) إلينا».
وتقوم شاذلية برفقة ست نساء أخريات مزوّدات بفؤوس بنبش الأرض وإزالة الأعشاب الضارة من الحقول القريبة من فرنانة، تحت أشعة شمس حارقة، قبل أن تصحب فريق وكالة فرانس برس لزيارة منزلها المتواضع المَبني من الآجر.
وتتساءل «بدون كهرباء، كيف يمكن لأبنائي أداء واجباتهم المدرسية؟ بدون المال، كيف يمكنني شراء جهاز كمبيوتر لابنتي البالغة من العمر 21 عاما حتى تتمكن من مواصلة دراستها في كلية الحقوق؟».
وتوضح أنها تتمكّن بصعوبة شديدة وبفضل مساعدة من جيران لها من تدبير معيشة العائلة اليومية، وتقول إنها شاهدت على شاشة التلفزيون الرئيس المنتهية ولايته قيس سعَيِّد الذي يسعى لولاية ثانية في انتخابات غدٍ الأحد، يزور «النساء الريفيات»، «لكننا لم نتلقّ أي مساعدة»، بالرغم من أنها قدّمت أكثر من طلب إلى السلطات المحلية.
وتشعر رفيقتها الأرملة سهام الغويبي (55 عاما)، وهي أم لخمسة أطفال تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاما غادروا فرنانة كلّهم لعدم توافر فرص عمل فيها، بأنها منسية وتفصح «أين الدولة؟ تعالوا وساعدونا».
وتعد منطقة فرنانة، التي يعيش نصف سكانها البالغ عددهم 52 ألفاً في الريف، واحدة من أكثر المناطق حرماناً وتهميشاً في تونس حيث بلغ معدّل الفقر ما يقرب من 37% خلال العام 2020، وفقا لتقرير البنك الدولي.
ويوضح آرام بلحاج، الباحث وأستاذ الاقتصاد في جامعات تونسية، لوكالة فرانس برس أنه خلال السنوات الخمس الفائتة «تراجعت معظم المؤشرات الاقتصادية، ولم نشهد نمواً يسمح بتقليص الفقر والبطالة».
وفي رأيه تكمن المشكلة الأساسية في «القدرة الشرائية التي شهدت تدهوراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة» نتيجة التضخّم المرتفع للغاية (حوالي 7% حالياً)، خصوصاً بالنسبة لأسعار المواد الغذائية أو اللوازم المدرسية، ما يزيد من صعوبة الوضع بالنسبة للطبقة المتوسطة والفقراء.
ولتحفيز النمو البطيء للغاية (حوالي 1% حالياً)، يقدّر بلحاج «أن هناك حاجة إلى سياسات عامة ذات رؤية واضحة، ولكن في الوقت الحالي لا يمكننا الردّ على سؤال إلى أين تتجه السياسات الاقتصادية» في البلاد.
وتوجد عقبات أخرى تعقّد مسار تعافي الاقتصاد، وهي غياب الاستقرار الحكومي بسبب التعديلات الوزارية المتتالية والمناخ غير الملائم للاستثمار «مع مشاكل البيروقراطية والفساد» والديون التي ارتفعت إلى 80% من الناتج المحلي الإجمالي، وفق قوله.
ويؤكد أن «ثلث الموازنة يذهب للرواتب (موظفو القطاع العام)، والثلث لتسديد الديون، والباقي لمصاريف تسيير الإدارة مع تخصيص 7 إلى 8% فقط للاستثمار.
ووقع الأزمة الاقتصادية والاجتماعية أشدّ طبعا في المناطق النائية مثل فرنانة.
ففي «دار الثقافة» الحكومية في المدينة، يسلّط مدير المركز بوجمعة المعروفي الضوء على قلّة الأموال وأنشطة تنظّم «بالإمكانات المتاحة».
ويسعى رياض البوسليمي لتحصيل تمويل أوروبي لإنشاء استوديو تسجيل للبودكاست من أجل «جذب المزيد من الشباب».
وتُعتبر المساعدات الخارجية، لا سيما منها الأوروبية والأمريكية، حاسمة بالنسبة لمنظمات المجتمع المدني المحلية في المناطق الداخلية المهمّشة.
وتدير أحلام الغزواني مكتب منظمة «الغرفة الفتية العالمية» بفرنانة التي أُنشئت في العام 2021 لتقديم دورات تدريب على عمل الجمعيات.
وتقول أحلام «صحيح أن هناك فقرا كبيرا في فرنانة، والأسر ذات الدخل المحدود غير قادرة على تمويل دراسة أبنائها، وهناك نقص فرص عمل للشباب المتخرجين… لكن هناك منظمات غير حكومية ونواد في الجامعات والمراكز الشبابية والثقافية تحاول تغيير هذا الواقع».
وتقوم وعد الخميري (24 عاماً) الحاصلة على شهادة في علم الأحياء البيئي بتقديم تدريب على ريادة الأعمال لحوالي عشرة من شباب المنطقة، وتأمل في تشجيعهم على إطلاق مشاريعهم الخاصة.
وتقول «دور المجتمع المدني هو مكافحة المشاكل. فرنانة غنية بالثروات الغابية لا سيما أشجار البلوط، بالإضافة إلى الشباب ذوي الإمكانات الهائلة».


AFP