وول ستريت جورنال- هل تسقط إسرائيل في مستنقع لبنان؟

  • شارك هذا الخبر
Saturday, October 5, 2024

يرى المراسل ماركوس ووكر أن إسرائيل وجهت سلسلة من الضربات في حربها المتصاعدة مع حزب الله، الأمر الذي تركه في حالة صدمة، ووضع إيران الداعمة له في مأزق، ولكن الأقل وضوحاً هو ما إذا كان لدى إسرائيل استراتيجية قابلة للتطبيق لتحقيق هدفها الحربي المعلن، وهو جعل شمال إسرائيل آمناً للعيش فيه مرة أخرى.

وقال ووكر في صحيفة "وول ستريت جورنال" إنه بالرغم من أن إسرائيل قتلت معظم كبار قادة حزب الله ودمرت جزءاً كبيراً من مخزونه من الصواريخ، لا تزال الميليشيا الشيعية اللبنانية تمتلك ترسانة كبيرة وعشرات الآلاف من المقاتلين المدربين. وهي تواصل إطلاق الصواريخ على شمال إسرائيل وترفض التفكير في وقف إطلاق النار حتى تنهي إسرائيل حربها في غزة مع المسلحين الفلسطينيين من حماس.
وأظهر الهجوم الصاروخي الإيراني الواسع النطاق على إسرائيل، يوم الثلاثاء، والذي تعهدت إسرائيل بالرد عليه بقوة، أن الحروب حول حدود إسرائيل تتجه بالفعل إلى معركة إقليمية أكبر، حيث تحاول طهران الإشارة إلى أنها لن تقف مكتوفة الأيدي، بينما يتعرض حلفاؤها ووكلاؤها للقصف.

لكن شهية القيادة الإيرانية على إشعال فتيل حرب شاملة لا تزال محدودة حتى الآن، ولا تظهر إسرائيل أي إشارة إلى أن التهديد الصاروخي الإيراني يردعها عن استغلال الفرصة الحالية لإلحاق الضرر بحزب الله. وما زالت إسرائيل بعيدة كل البعد عن استعادة الأمن الذي فقدته قبل عام، عندما بدأت الجولة الأخيرة من الحرب في الشرق الأوسط.

إن غزو القوات الإسرائيلية لأجزاء من منطقة الحدود الجنوبية للبنان هذا الأسبوع يضع إسرائيل على أعتاب معضلة. فمن غير المرجح أن تكون الضربات الجوية والغارات البرية المحدودة على القرى الحدودية كافية لإنهاء التهديد من حزب الله، واستعادة شعور السكان الإسرائيليين بالأمن.

يمنحونه ما يريد
من خلال احتلال منطقة عازلة داخل لبنان، يمكن لإسرائيل أن تمنح حزب الله الفرصة لخوض حرب تمردية طويلة الأمد ضد الجيش الإسرائيلي، مع حشد الدعم في لبنان، وإعادة بناء صفوفه.
وقال الجيش الإسرائيلي، يوم الأربعاء، إن القتال العنيف في جنوب لبنان أدى إلى مقتل 8 جنود إسرائيليين، من ضمنهم العديد من أعضاء وحدة إيغوز النخبوية، التي تأسست لمكافحة حرب العصابات التي يخوضها حزب الله.

وقال حسين إبيش، زميل مقيم في معهد دول الخليج العربية ومقره واشنطن، إن "الحرب الجوية التي خاضها الإسرائيليون كانت ناجحة للغاية. وإذا ظلوا على الأرض، فسوف يمنحون حزب الله الحرب التي يريدها".

الضربة الثقيلة ممكنة
الشهر الماضي، ذهبت إسرائيل إلى استهداف حزب الله بقوة أكبر، فأصابت أعداداً كبيرة من الأعضاء القياديين في الجماعة بتفجير أجهزة النداء واللاسلكي، وقتلت زعيمها حسن نصرالله وغيره من كبار المسؤولين في غارة جوية الجمعة الماضي، وقصفت العديد من صواريخ الميليشيا وقاذفاتها.
ولم يرد حزب الله حتى الآن بمهاجمة المدن الإسرائيلية بأعداد كبيرة من الصواريخ البعيدة المدى. لكن الجيش الإسرائيلي يعتقد أن المسلحين ما زالوا قادرين على إعادة تجميع صفوفهم وشن ضربة ثقيلة.

أضاف ووكر أن هدف التوغل البري الإسرائيلي حتى الآن هو تدمير الأنفاق والأسلحة التي أعدها حزب الله بالقرب من الحدود الإسرائيلية-اللبنانية لهجوم محتمل، وفق عدة مسؤولين إسرائيليين مطلعين على العملية. قالوا إن الجيش الإسرائيلي لم يكن ينوي أن يتحول التوغل إلى حرب برية واسعة النطاق في لبنان.

دينامية خاصة
كما اعترف أحد المسؤولين الإسرائيليين، أن الأحداث في الحرب يمكن أن تطور ديناميتها الخاصة. وعن الغزو المتوسع قال المسؤول: "هذا ليس في أذهاننا، لكن بالطبع يمكن جرنا إلى مثل هذا السيناريو".
كان من المفترض أيضاً أن يكون أكبر غزو إسرائيلي للبنان سنة 1982 محدود النطاق. لكن انتهى الأمر بالقوات الإسرائيلية إلى محاصرة بيروت بينما كانت تطارد عدوها، منظمة التحرير الفلسطينية، في عمق البلاد. وفي نهاية المطاف، انسحبت القوات الإسرائيلية إلى منطقة عازلة في جنوب لبنان، حيث خاض حزب الله حرب عصابات طويلة ضدها، حتى انسحبت إسرائيل من لبنان عام 2000.
وقد ألحق غزوان إسرائيليان آخران لجنوب لبنان، عامي 1978 و2006، أضراراً جسيمة بلبنان، لكنها لم تحقق مكاسب أمنية دائمة لإسرائيل.

أداة مساومة
بدلاً من تكرار تلك التجارب، من المرجح أن تشبه حرب إسرائيل الأخيرة في لبنان حملتها ضد حماس في غزة، كما تقول صنم وكيل، رئيسة برنامج الشرق الأوسط في مؤسسة تشاتام هاوس البحثية ومقرها لندن.
في غزة، استخدم الجيش الإسرائيلي الغارات والضربات الجوية لتدمير أكبر قدر ممكن من قوة حماس القتالية وأسلحتها ونظام الأنفاق، في حين احتفظت بممرين عبر القطاع.
وقالت وكيل: "كما هو الحال في غزة، أتوقع أنهم سيستخدمون تهديد الوجود الطويل الأمد كأداة مساومة في المفاوضات". وأضافت أن التوغل من شأنه أن يتحول بسهولة إلى احتلال ممتد لمنطقة عازلة، وهو ما سيساعد حزب الله على حشد صفوفه.

مشاكل في الهدف النهائي
يقول بعض المسؤولين الإسرائيليين إن الهدف النهائي هو الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان يشمل انسحاب حزب الله من جنوب لبنان ونزع سلاحه، في حين تتولى قوات الحكومة اللبنانية وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة السيطرة على منطقة الحدود بين لبنان وإسرائيل. ومن شأن هذا أن يجنب إسرائيل احتلالاً مطولاً أو غارات لا تنتهي. لكن هناك عقبات كبيرة تحول دون التوصل إلى مثل هذا الاتفاق.
فقد تحدى حزب الله حتى الآن كل الضغوط الإسرائيلية لفصل إطلاق الصواريخ عن الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة. فشلت المحادثات بشأن وقف إطلاق النار في غزة، بالرغم من أشهر من جهود وساطة أمريكية وعربية، بعد أن تشبث كل من زعيم حماس يحيى السنوار ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بموقفيهما من الشروط.
وثمة مشكلة أخرى تواجه أي وقف لإطلاق النار في لبنان، وهي من الذي قد تبرم معه إسرائيل صفقة محتملة. إن القضاء الإسرائيلي على نصرالله والعديد من كبار القادة الآخرين وضع الجماعة بلا دفة، وفي حالة من الفوضى حالياً.

رقصة تانغو
وقال أوفر فريدمان، وهو باحث في دراسات الحرب في كلية الملك بلندن: "سيتطلب اتفاق وجود زعيم لحزب الله يتمتع بالصدقية ــ بالنسبة إلى الإسرائيليين، ومنظمة حزب الله، والإيرانيين".
ومع تكثيف إيران لتدخلها، تعتمد تطورات الحرب الرابعة التي تخوضها إسرائيل في لبنان على تصرفات وردود أفعال العديد من الأطراف، كما يقول فريدمان. ويضيف "الحرب أشبه برقصة التانغو. بالتالي، مهما كانت خطة الإسرائيليين، فإنها ليست بالضرورة ما سيحدث".


24.AE