فايننشال تايمز- سيناريوهات الردّ الإسرائيلي على إيران

  • شارك هذا الخبر
Thursday, October 3, 2024

عندما أطلقت إيران صواريخ على إسرائيل في أبريل (نيسان)، اختارت حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو رداً محدوداً، فقامت بتوجيه ضربة دقيقة على نظام دفاع جوي بالقرب من أصفهان.

أظهر ذلك براعة إسرائيل التكنولوجية، لكنه لم يجبرها على التصعيد، حسب تقرير صحيفة "فايننشال تايمز".
لكن في أعقاب إطلاق 180 صاروخاً من إيران، ليلة الثلاثاء، والذي قال مسؤولون إسرائيليون إنه كان أكبر من المتوقع، يُرتقب أن يكون الرد الإسرائيلي أقل انضباطاً. وقال نتانياهو عقب إطلاق الصواريخ: "لقد ارتكبت إيران خطأ كبيراً الليلة، وسوف تدفع ثمنه".
ويقول مسؤولون حاليون وسابقون إن خيارات إسرائيل تشمل شن هجمات على إيران، مثل ضرب منصات إطلاق الصواريخ أو البنية الأساسية للنفط. بل دعا البعض إلى السيناريو الأكثر تطرفاً والمتمثل بتوجيه ضربات ضد منشآتها النووية.
دور أمريكا
كان أحد العوامل التي توجب على إسرائيل وضعها في الاعتبار عند الرد على هجوم إيران في أبريل هو أن الأخيرة قد توجه جماعة حزب الله اللبنانية المسلحة والمتحالفة معها لإطلاق وابل من الصواريخ على المدن الإسرائيلية.

لكن الهجوم الإسرائيلي المدمر الأخير على حزب الله قلل من قدرته على إحداث الضرر، وفق مسؤولين إسرائيليين. في الأسابيع الأخيرة، قتلت إسرائيل زعيم حزب الله حسن نصر الله ودمرت سلسلة قيادته، وأطلقت حملة قصف ضخمة في لبنان أسفرت عن مقتل أكثر من ألف شخص، وتدمير مساحات واسعة من صواريخ المجموعة وقاذفاتها.
من غير المرجح أن تقيد الولايات المتحدة إسرائيل هذه المرة بعدما لعبت دوراً رئيسياً في كبح جماح حليفتها في أبريل الماضي. وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان إن إيران ستواجه "عواقب وخيمة" لهجومها الأخير، الذي قالت طهران إنه كان رداً على اغتيال نصر الله والزعيم السياسي لحماس إسماعيل هنية في يوليو (تموز). وأضاف أن الولايات المتحدة "ستعمل مع إسرائيل لإثبات ذلك".

لمحة
إن بدء الهجوم الإسرائيلي الأخير ضد حزب الله، منذ الشهر الماضي بعد تفجير آلاف أجهزة النداء التابعة للجماعة بشكل شامل، كان لمحة عن نوع الخيارات المتاحة أمام الأجهزة العسكرية والاستخبارية الإسرائيلية.
ارتبطت إسرائيل مراراً بالعمليات السرية في إيران نفسها خلال حرب الظل التي استمرت عقوداً معها. سنة 2010، أحدث سلاح إلكتروني يسمى ستاكسنت دماراً في أجهزة الطرد المركزي النووية في البلاد عبر التسبب بخروجها عن السيطرة. في حالة أخرى، اغتيل عالم نووي بارز خارج طهران بمدفع رشاش يعمل عن بعد سنة 2020.

لكن بالنظر إلى حجم وابل الصواريخ الإيرانية والذي قال شخص مطلع على الوضع إنه استهدف قواعد عسكرية واستخبارية بالقرب من تل أبيب ومنشآت في أماكن أخرى، من المتوقع على نطاق واسع أن ترد إسرائيل بضرب أهداف إيرانية مباشرة.

يكتسب زخماً
قال يعقوب أميدرور، مستشار الأمن القومي السابق لنتانياهو والباحث في المعهد اليهودي للأمن القومي الأمريكي في واشنطن: "هذا لا يستبعد خيارات أخرى - لكن من المؤكد أنه يجب أن يكون هناك عنصر حركي في الرد الإسرائيلي".
وقال الشخص المطلع على الوضع إن خيارات مختلفة قيد الدراسة لكن أحدها "يكتسب زخماً" هو غارة من شأنها أن تضرب إيران اقتصادياً، مثل استهداف منشآت إنتاج النفط.
أضافت الصحيفة أن إسرائيل نفذت، يوم الأحد، عملية مماثلة ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن. حلقت طائرات مقاتلة إسرائيلية، بدعم من الاستخبارات وطائرات التزود بالوقود في الجو، لمسافة 1800 كيلومتر، وهي أبعد مما قد تحتاج إليه لمهاجمة إيران، من أجل قصف محطات الطاقة وميناء يستخدم لاستيراد النفط وغيره من الإمدادات العسكرية.
وقال أميدرور إن العملية قد تكون "نموذجاً أولياً" لغارة على إيران، بالرغم من أن الضربة ضدها ستكون "أكثر تعقيداً". ومن غير المرجح أيضاً أن يحظى الخيار بتأييد الإدارة الأمريكية، التي ستكون حذرة من تعطيل أسواق النفط في الأسابيع التي تسبق الانتخابات الرئاسية.
ثمة بديل
إن البديل الذي قال دبلوماسيون إن العواصم الغربية كانت تحاول إقناع إسرائيل باختياره هو ضرب منصات إطلاق الصواريخ الإيرانية المشاركة في وابل الثلاثاء. وجادلوا بأن سيُنظر إليه على أنه رد متماثل، وأقل احتمالاً لإحداث دورة أخرى من الانتقام.
وبإمكان إسرائيل أيضاً استهداف شخصيات بارزة في إيران بدلاً من البنية التحتية. في رده على إطلاق الصواريخ الإيرانية، ذكر نتانياهو أسماء العديد من قادة حماس وحزب الله الذين اغتالتهم إسرائيل مؤخراً، مثل محمد الضيف ونصر الله، محذراً من أنهم لم يفهموا "تصميمنا على الدفاع عن أنفسنا وفرض الثمن على أعدائنا".
وقال رئيس الوزراء: "من الواضح أن هناك في طهران من لا يفهمون هذا أيضاً. سيفهمون ذلك".
دعوات الصقور
قال بني سبتي، باحث في برنامج إيران ضمن معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، إنه يشك في أن تفعل إسرائيل شيئاً تصعيدياً مثل استهداف المرشد الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي. لكنه قال إن كبار الشخصيات في الحرس الثوري الإيراني أو مستشاري المرشد يمكن أن يكونوا هدفاً. وقال: "إذا لم يكونوا هناك، فإن جزءاً من المرشد لن يكون هناك".
ودعا الصقور إلى ذهاب إسرائيل أبعد من ذلك، واستخدام الفرصة التي خلقها ضعف حزب الله لاستهداف البرنامج النووي الإيراني، الذي تعتبره إسرائيل أخطر تهديد استراتيجي لها.
كتب رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت على موقع أكس إن "لدى إسرائيل الآن أعظم فرصة لها منذ خمسين عاماً، لتغيير وجه الشرق الأوسط. يجب أن نتحرك الآن لتدمير البرنامج النووي الإيراني، ومرافق الطاقة المركزية، وشل هذا النظام الإرهابي بشكل قاتل".
قلة تعتقد ذلك
مع ذلك، وبالرغم من الغارة الإسرائيلية في اليمن، إن توجيه ضربة إلى البرنامج النووي الإيراني الذي ينتشر على نطاق واسع، مع عناصر رئيسية داخل منشآت معززة في أعماق الأرض سيكون مهمة أكبر بكثير. يعتقد عدد قليل من المراقبين أن إسرائيل يمكن أن تشن مثل هذه الضربة بدون دعم الولايات المتحدة، سواء لتنفيذ الهجوم أو لدرء الرد الإيراني.
وزعم أميدرور أنه مهما كان الخيار الذي تختاره إسرائيل، يجب أن يكون أهم شيء الرسالة التي ينقلها. وقال: "من وجهة نظري، لا يهم ماذا. لكن يجب أن تكون دقيقة للغاية وحاسمة للغاية".
وأضاف: "لن نحل هنا المشاكل التاريخية لإسرائيل. إن ما نريده هو أن نظهر للإيرانيين أن هناك ثمناً كبيراً سيدفعونه إذا استمروا في مهاجمة إسرائيل".


24.AE