ناشونال إنترست- ملف كوريا الشمالية يفرض نفسه على إدارة هاريس المقبلة

  • شارك هذا الخبر
Saturday, September 7, 2024

ستجد نائبة الرئيس الأمريكي ومرشحة الحزب الديمقراطي في انتخابات الرئاسة الأمريكية الحالية كامالا هاريس صعوبة بالغة في تجنب التعامل مع ملف كوريا الشمالية لما يمثله من تهديد كبير للمصالح الأمريكية وحلفاء واشنطن في منطقة آسيا، رغم وجود ملفات أشد سخونة وأكثر إلحاحا على الأقل في بداية ولاياتها وفي مقدمتها الحرب الروسية الأوكرانية والصراعات الجيوسياسية في الشرق الأوسط.

وفي خطاب إعلان قبولها ترشيح الحزب الديمقراطي لها في الانتخابات أكدت هاريس رفضها الشديد للقادة المستبدين وقالت إنها لن “تتقرب” من المستبدين مثل زعيم كوريا الشمالية كيم يونج أون. وانتقدت منافسها الرئيس السابق ومرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب بسبب اعتزامه التواصل مع مثل هؤلاء القادة، مؤكدة تمسكها بالقيم الديمقراطية والريادة العالمية للولايات المتحدة.

وفي تحليل نشرته مجلة ناشونال إنترست الأمريكية قال المحلل السياسي الدكتور سانج سو لي، الباحث الزميل المشارك في المركز الأوروبي لدراسات كوريا الشمالية في جامعة فيينا النمساوية وأحد مؤسسي شركة الاستشارات ستراتيجيك لينكيدج الموجودة في ستوكهولم والمتخصصة في الشأن الكوري، إنه رغم اختلاف وجهات نظرها السياسية عن ترامب، فإن إرادة هاريس في حل المشكلة النووية لكوريا الشمالية ما زالت غير واضحة.

فربما تواصل سياسة “الصبر الاستراتيجي”، في الوقت الذي تركز فيه بصورة أكبر على صراعات أوكرانيا والشرق الأوسط. ورغم ذلك فإن تطور تكنولوجيا الصواريخ النووية لكوريا الشمالية والذي قد يتسارع بدعم من روسيا، يمثل تهديدا متزايدا للولايات المتحدة، مع تزايد خطر الانتشار النووي في شمال شرق آسيا. لذلك قد تجد هاريس في حال فوزها بالرئاسة نفسها مضطرة للتعامل مع هذه التهديدات بشكل مباشر وبما يتجاوز مجرد زيادة قدرات الردع لدى حلفاء الولايات المتحدة في هذه المنطقة. لكن ما زال الأمر غير واضح، ما إذا كانت هاريس ستفكر في نهج أكثر وقائية وتوازن الردع مع الدبلوماسية لإدارة المخاطر النووية المتزايدة في المنطقة.

والحقيقة أن كوريا الشمالية أظهرت مؤخرا إشارات بسيطة إلى رغبتها في إعادة الانخراط في المجتمع الدولي بعيدا عن علاقاتها المحصورة مع كل من الصين وروسيا، بعد أربع سنوات من العزلة الصارمة بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد. وشكلت مشاركتها في دورة الألعاب الأوليمبية باريس 2024 إشارة إلى عودتها للمسرح العالمي إلى جانب استقدامها لأساتذة جامعيين أوروبيين وأمريكيين للتدريس في جامعة بيونج يانج للعلوم والتكنولوجيا. علاوة على ذلك من المتوقع عودة الدبلوماسيين السويديين إلى بيونج يانج قريبا لاستئناف عملهم.

هذه الإيماءات تشير إلى احتمال استعداد بيونج يانج لإعادة فتح أبوابها للغرب وربما إعادة النظر في سياستها الخارجية تجاه الولايات المتحدة بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة. ورغم ذلك فإن رغبة كوريا الشمالية في الانخراط ستعتمد على ما إذا كانت الإدارة الأمريكية الجديدة تستطيع تقديم نهج عملي يتعامل مع هواجس كوريا الشمالية الأمنية وحوافزها الاقتصادية.

ويقول سانج سو لي الذي عمل نائبا لمدير ورئيس مركز ستوكهولم لكوريا في معهد سياسة الأمن والتنمية إنه من المحتمل أن تعطي إدارة هاريس أولوية لنزع السلاح النووي، كهدف أولي للسياسة الأمريكية تجاه كوريا الشمالية، مع مواصلة المحادثات معها دون شروط مسبقة، متبعة نهج إدارة رئيسها الحالي جو بايدن. في الوقت نفسه قد تعترف هاريس بأن تحقيق النزع الكامل للسلاح النووي الكوري الشمالي في وقت قصير هدف غير واقعي بصورة متزايدة.

ففي فترة عملها الحالية كنائب للرئيس، أظهرت هاريس تركيزا على تحقيق التوازن بين المصالح الأمريكية والالتزام بالحلول الدبلوماسية والتعاون متعدد الأطراف. لذلك فقد تركز في البداية على القيام بخطوات قصيرة وتراكمية مثل الحد من التسلح ومنع الانتشار النووي بدلا من السعي للوصول إلى صفقات كبيرة من غير المحتمل الوصول إليها في ظل الموقف الجيوسياسي الراهن. هذا التحول يمكن أن يوفر إطارا عمليا أكثر واقعية وعملية، يركز على الأمن الإقليمي الأوسع نطاقا بدلا من النزع الفوري للسلاح النووي وهو النهج الذي يمكن أن تراه كوريا الشمالية مقبولا بصورة أكبر.

علاوة على ذلك فإن هاريس قد تنأى بنفسها عن عقد القمم الثنائية مع كيم يونج أون، وتفضيل النهج متعدد الأطراف والمستوى العملي.

وإذا أضيف هذا إلى نهجها العملي، فإن إجراءات الحد من التسلح النووي متعددة الأطراف يمكن أن تكبح بفاعلية سباق التسلح الإقليمي، وتمنع كوريا الشمالية من تطوير المزيد من القدرات النووية وتحد من الانتشار النووي في المنطقة من خلال تقليل القدرات والأصول النووية الإقليمية.


د.ب.أ