فورين أفيرز- الحرب القادمة بين إسرائيل و”حزب الله” ستكون خطيرة

  • شارك هذا الخبر
Wednesday, July 24, 2024

حذر المعلق الإسرائيلي عاموس هرئيل، بمقال نشرته دورية “فورين أفيرز”، من مخاطر اندلاع حرب إسرائيلية مع “حزب الله”.

وقال إن إسرائيل، وبعد تسعة أشهر من الحرب في غزة، تبدو قريبة، أكثر من وقت آخر، للمواجهة مع لبنان، مشيراً لتصريحات المسؤولين الإسرائيليين، في حزيران/يونيو،حول خطط هجوم جاهزة تمت الموافقة عليها.

أما الأمين العام لـ “حزب الله”، حسن نصر الله، فقد أعلن، في تموز/يوليو، عن استعداده لتوسيع مدى الهجمات على إسرائيل.

ويعتقد أن إمكانية اندلاع حرب لم تحظ باهتمام دولي، مع أن منظور حرب بين إسرائيل و”حزب الله”، الذي يعتبر من أكبر الجماعات تسليحاً في الشرق الأوسط، سيترك اضطرابات واسعة في المنطقة. وربما زعزعت الحرب استقرار المنطقة، وسط دخول الولايات المتحدة مرحلة حرجة من الانتخابات الرئاسية، ولا أحد يعرف إن كانت هذه الحرب ستنتهي بسرعة، أو يتحقق فيها النصر الحاسم.

وستكون التداعيات على إسرائيل كبيرة، فمع النجاحات التي حققها الجيش ضد “حماس” في غزة واليمن وإيران، إلا أن الحرب مع “حزب الله” هي مباراة مختلفة.

وبحسب الاستخبارات الإسرائيلية، فإن لدى “حزب الله” قدرات عسكرية سبعة أضعاف ما كان لدى “حماس”، ولديه ترسانة من الأسلحة الفتاكة والمسيرات، إلى جانب 130,000- 150,000 صاروخ، مئات منها صواريخ باليستية قادرة على ضرب تل أبيب، بل وأبعد في الجنوب، بل وكل نقطة في إسرائيل.

وكما أظهرت الحروب السابقة، لبنان يظل ساحة غادرة، وقد انتهت حرب 2006، وهي آخر مواجهة مع “حزب الله” بدون رابح أو خاسر، لكنها تركت الحزب بدون ضرر كبير، وهو اليوم أقوى مما كان عليه قبل عقدين تقريباً. ويستطيع “حزب الله” إطلاق حوالي 3,000 صاروخ في اليوم بطريقة ستغرق الدفاعات الصاروخية لإسرائيل.

وستضطر الأخيرة للدفاع عن البنى التحتية الحيوية والقواعد العسكرية، والطلب من المدنيين اللجوء إلى الملاجئ. وستكون الحرب تحدياً كبير يتفوق على ما واجه إسرائيل من قبل.

وفي الوقت الحالي، التزمت الأطراف بقواعد الاشتباك وضبط النفس: إسرائيل، حزب الله، الحكومة اللبنانية، إيران والولايات المتحدة، حيث لا تريد حرباً شاملة. وحتى لو توصلت إدارة بايدن إلى اتفاق ينسحب فيه “حزب الله” إلى نهر الليطاني، فستجد القيادة الإسرائيلية صعوبة في إسكات الأصوات المحلية الداعية للتعامل مع “حزب الله”، مرة، وللأبد. ولو انصاع القادة لهذه الرغبات، ودخلوا الحرب بدون إستراتيجية أو هدف واضح، فالنتيجة ستكون مدمرة.

ورغم المفاجأة بهجمات “حماس”، في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، إلا أن قادة إسرائيل طالما حضروا أنفسهم لسيناريو تتحد فيه “حماس” مع “حزب الله” وإيران وضرب إسرائيل. وكان القيادي قاسم سليماني، الذي اغتالته أمريكا، عام 2020، من الداعمين والمروّجين لفكرة “حزام النار”، ودعم سلسلة من الجماعات الشيعية، حتى تتمكن الجمهورية الإسلامية من توسيع التأثير في العراق ولبنان وسوريا واليمن، وتقوية الصلات مع “حماس” في قطاع غزة. وقدمت هذه الجماعات، ومعظمها قريبة من الحدود حول إسرائيل، لإيران ردعاً ضد القوة الإسرائيلية، ونقطة انطلاق.

وبحلول عام 2023، استطاع القيادي في “حماس”، والمقيم حينئذ في لبنان، صالح العاروري تقوية العلاقات مع “حزب الله”، وكان يتحدث علناً عن “وحدة الساحات” ضد إسرائيل.

ومثّل “حزب الله”، المسلح حتى أسنانه، ومقاتلوه ذوو الخبرة القتالية، أكبر تهديد على إسرائيل. وعندما هاجمت “حماس” إسرائيل، سارع قادة اسرائيل للتحضير إلى هجوم واسع ضد لبنان. وفي اليوم التالي للهجوم على الجنوب، نشرت إسرائيل، وعلى جناح السرعة، آلافاً من الجنود على الجبهة الشمالية، حيث تردد “حزب الله” بضرب إسرائيل غير الجاهزة. وكان التحرك في الشمال أنجح من الجنوب، حيث استغرقت السيطرة على البلدات والقواعد العسكرية أياماً. وقال قائد وحدة “لو أسرعوا بما فيه الكفاية” “لكان علينا وقف تقدمهم عند حيفا”، التي تبعد 26 ميلاً عن حدود لبنان.

وكان الجيش الإسرائيلي يحضّر، منذ سنوات، لهذا التحدي، إلا أن قادة الجيش كانوا يعرفون أن الأمر بيد حسن نصرالله. ولو كان الحزب حاسماً لما كان الوضع كما حول غزة. لكن نصر الله قرر الانتظار، ولم يضرب إلا بعد يوم، وعلى أهداف عسكرية محدودة، وعندها كان الجيش الإسرائيلي قد نشر قوات ضخمة على الحدود، وبدأ يردّ على النيران، مع أن أياً من الطرفين حاول اجتياز الحدود.

وفي الحقيقة فوجئ “حزب الله” وراعيته إيران بهجوم “حماس”، حيث لم يخبر يحيى السنوار، زعيم “حماس” في غزة، لا بيروت ولا طهران، وكان يخشى من اعتراض إسرائيل رسائله ووقف الهجوم.

وفي ذلك اليوم، اتخذت إسرائيل قراراً مصيرياً، حيث أمرت سكان الشمال بالنزوح من بلداتهم، ولهذا أصبح أكثر من 60.000 شخص نازحين في الفنادق والبيوت في تل أبيب، وعلى حساب الدولة. وكان القرار مؤقتاً، حيث لم يتوقع أحد أنه سيستمر لتسعة أشهر. ومنح القرارُ “حزب الله” الفرصة لتحويل البلدات إلى أهداف، وجعل الكثير منها غير قابل للعيش. واشتكى الكثير من الإسرائيليين أن النزوح منح “حزب الله” منطقة أمنية بطول 3 أميال، لكن الواقع هو أن لبنانيين من الجنوب أجبروا على النزوح. والأهم من كل هذا هو النقاش داخل الحكومة الإسرائيلية حول شن عملية ضد حزب الله او الانتظار.

ولو كان الأمر بيد القيادة العسكرية لشنت حرباً ضد لبنان قبل غزة. ففي 10 تشرين الأول/أكتوبر، ألقى الرئيس جو بايدن خطاباً وعد فيه بدعم إسرائيل عسكرياً ضد إيران و”حزب الله”، وحرك حاملات الطائرات إلى المنطقة، وحذر طهران قائلاً: “لا تفعلي”.

وحاول يوآف غالانت، وقادة الجيش، دفع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للمصادقة على عملية عسكرية شاملة، بما فيها اغتيال قادة “حزب الله”. لكن نتنياهو فهم أن كلمة “لا تفعل” تعنيه، ولم يكن متأكداً من قدرة الجيش للقتال على عدة جبهات. وفعل نتنياهو أمراً غريباً عندما منع غالانت من حضور اجتماع أمني في مكتبه. وعندما دخل بعد ساعات كانت نافذة الفرض لعملية عسكرية في لبنان قد أغلقت. وكانت دعوة نتنياهو لبيني غانتس وغابي إيزينكوت للانضمام لحكومة الحرب محاولة منه لضبط غالانت والصقور في حكومته.

ومع استمرار الحرب في غزة، اشتعلت الجبهة الشمالية، مع أن الطرفين التزما ضبط النفس، إلا أن إسرائيل قررت التصعيد مرات، فقد اغتالت صالح العاروري في الضاحية الجنوبية، وقررت استهداف القيادات العسكرية، وحتى تموز/يوليو، اعترف “حزب الله” بمقتل 370 من جنوده وقادته. ومن جانبه قرر “حزب الله” التصعيد، حيث قتل أكثر من 30 جندياً إسرائيلياً. وقال الجيش إن أكثر من 1,000 بيت دُمّر. ونفس الأمر حدث للقرى اللبنانية القريبة من الحدود. وعندما طلبت إسرائيل من سكان الشمال الإجلاء، كانت ترد على مخاوف تتعلق بهجوم مفاجئ من “حزب الله”، كهجوم “حماس”.

وفي الآونة الأخيرة؛ زاد الخوف من استخدام “حزب الله” الصواريخ المضادة للدبابات والصواريخ بمدى 6.5 أميال، في الدقيقة ومن الصعب اعتراضها. ويرى الكاتب أن “حزب الله” مصر على مواصلة الحرب طالما ظلت غزة تحت القصف. ويرفض الانسحاب لحدود الليطاني، حسب اتفاق وقف إطلاق النار في 2006.

ومنذ عام 2023، يقوم المبعوث الأمريكي عاموس هوكشتاين بمحاولات التوصل لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و”حزب الله”، الذي أكد مواصلته الحرب طالما استمرت الحرب في غزة. ولكن الوضع غير المستدام في الشمال وَضَعَ إسرائيل أمام معضلة. ورغم تهديدات كل من نتنياهو وغالانت ورد “حزب الله” بتهديدات مماثلة، إلا أن أياً من الطرفين غير مستعد للحرب.

ولو اندلعت الحرب، فإن الجنرالات الإسرائيليين سيفضّلون الاعتماد على التفوق الجوي، ولن يرسلوا القوات البرية أبعد من جنوب الليطاني. إلا أن الحرب في غزة وَضعت ضغوطاً على قدرات نشر القوات الإسرائيلية، وألمح القادة لنقص في الجنود والذخائر. وستكون التحديات في لبنان مختلفة عن حملة برية في الجنوب اللبناني، فمع أن المنطقة باتت خالية من السكان، إلا أن “حزب الله” متفوق أكثر من “حماس”. ولن يسيطر على الجنوب إلا بعد معركة مكلفة، إلى جانب تعرض الجبهة الداخلية والمدن لصواريخ الحزب الموجهة والدقيقة.


القدس العربي