كمال ذبيان- لبنان من «الطائفيّة المؤقتة» الى «التوقيت الطائفي» سقط مسؤولوه في ساعة

  • شارك هذا الخبر
Wednesday, March 29, 2023

انكشف لبنان في ساعة، لترتيب التوقيت بين صيفي وشتوي فسقط مسؤولوه واظهروا بأنهم ليسوا رجال دولة، وانحدر اللبنانيون اكثر نحو الطائفية وليسوا كما يدعون انهم شعب حضاري ومتعلم ومثقف وان ظهرت فيه طاقات لكنه ليس فيه من هذه المميزات، بل هو غارق في التخلف والجهل وبعيد عن الفكر النهضوي والتنويري فربطت الغالبية منه ساعتها على التوقيت الطائفي الذي هو اساس النظام السياسي وقد ورد في المادة 95 من الدستور بأن «الطائفية حالة مؤقتة فيه» ويجب ان تنتهي في يقظة وعي ولا يبدو انها ستحصل حيث استيقظت الطائفية في ساعة ولبنان بحاجة الى انقاذه من ازمته التي باتت مستعصية في كل الشؤون الدستورية والسياسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية حيث اصاب الشلل المؤسسات الرسمية والخاصة وتعطلت الحلول لازمة لم تبدأ قبل اكثر من ثلاث سنوات، بل هي تعود الى نشوء الكيان اللبناني منذ قرن ونيف لا بل في تكوينه الطائفي الذي تبدى في احداث ومجازر امتدت على اكثر من عقدين ما بين 1840 و1864 وانتهت بتسوية دولية وزعت حماية الطوائف على سبعة قناصل دوليين كل واحد منهم وصي على طائفة.

فالازمة في لبنان ليست فقط في انتخاب رئيس للجمهورية بل هي اعمق من ذلك بكثير ولها علاقة في هويته ونظامه حيث لم يتفق اللبنانيون على الهوية ويقدمون الانتماء الطائفي على الوطني وباتت كل طائفة لها «ارض ميعادها» كما اليهود في معتقداتهم التلمودية وفق توصيف باحث في تاريخ لبنان،اذ ما زالت مسألة الانتماء هي محور الخلاف الوجودي بين اللبنانيين وهذا ما يظهر بين فترة واخرى فيرفع البعض «لكم لبنانكم ولنا لبناننا»، ليقابله اخرون من زعماء طائفيين بالكلام نفسه حيث يتحدثون عن حقوق طوائفهم ومذاهبهم اذ ليست المرة الاولى في لبنان التي تظهر فيها العصبيات الطائفية حيث يؤكد نائب سابق بان محاولات عدة جرت لالغاء الطائفية بكل انواعها السياسية والوظيفية لكن الرفض كان من كل الاطراف السياسية الطائفية والمرجعيات الروحية حيث يرى الموارنة خصوصا والمسيحيون عموما بان «الطائفية السياسية» تؤمن لهم رئاسة الجمهورية وهي ليست دستورية لانها ليست موجودة نصا كما رئاسة مجلس النواب ورئاسة الحكومة وهم بالعُرف ما يسمى «الميثاق الوطني» فتم توزيع السلطات شفهيا على الطوائف الاساسية الثلاث الموارنة والشيعة والسنة.

وجرت محاولة في اتفاق الطائف للعبور من الحالة الطائفية المؤقتة، نحو الغائها من خلال قوانين ابرزها قانون انتخاب خارج القيد الطائفي وتشكيل الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية ولكن لم يتم تنفيذ اهم بندين في الاتفاق لا بل ان الوضع يتدحرج نحو الاسوأ وجرى الترويج لقانون انتخاب اقترحه «اللقاء الارثوذكسي» بأن تنتخب كل طائفة نوابها فنكون امام انتخابات طائفية بدلا من الخروج منها نحو انتخابات خارج القيد الطائفي، اذ كشف مثل هذا الطرح عمق الازمة الكيانية في لبنان وكيف ان الفكر الوحدوي يتراجع امام المشاريع التقسيمية وقيام «الكانتونات الطائفية» التي ظهرت في اثناء الحرب الاهلية ولم تمحوها مرحلة السلم الاهلي اذ ما زالت المواقف تتصاعد حول اعداد الطوائف والمذاهب تكاثرا ونقصانا وجرى التداول مؤخرا برقم عن ان نسبة المسيحيين في لبنان 19.5% واثار تسريبه ردود فعل واعيد طرح مسألة المناصفة وكذلك «الديمقراطية العددية» حيث تزامن الطرح ايضا مع دعوات «للفدرالية» يجري تنظيم مؤتمرات لها في الخارج والداخل وينشط عاملون في اميركا في هذا الاتجاه داخل الادارة الاميركية ونواب واعضاء في «الكونغرس» لقيام منطقة «حرة» او «امنة» يعيش فيها المسيحيون «بأمان» ووفق «ثقافتهم» حيث يعاد انتاج كما في اثناء الحرب الاهلية «التعددية الحضارية».

هذا المستقبل القاتم للبنان هو ما يجري تناقله بين اطراف خارجية لا سيما اميركية في ان لبنان يتجه نحو التفكك وهذا ما عبرت عنه نائبة وزير الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الادنى بربارا ليف قبل اشهر وهي ما اعادت تكراره في لبنان اثناء زيارتها له الاسبوع الماضي واختصرت لقاءاتها بالرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبدالله بو حبيب ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وخمسة نواب هم: عبد الرحمن البزري، فؤاد مخزومي، بلال الحشيمي، ابراهيم منيمنة ووضاح الصادق وجميعهم ينتمون الى الطائفة السنية ولم تلتق اي مرجع مسيحي سياسي وروحي وهذا ما طرح اسئلة حول هذه اللقاءات التي ووفق من التقتهم كانت مستمعة اكثر منها متكلمة الا في رد على بعض التساؤلات على ما ورد في تقرير صندوق النقد الدولي من تحذير لما ينتظر لبنان من خطر اذا لم يبادرالى اجراء اصلاحات لانه اذا تخلف فهو قادم الى انهيارات كبرى.

ولم يسمع من التقوا ليف اسما مفضلا لرئاسة الجمهورية بل مواصفات تتردد دائما مع اشارة الى انه يجب ان يكون مقبولا من اكثر الاطراف.

وخرج من التقوا بالموفدة الاميركية التي جاءت مستطلعة بأن لبنان سيزداد وضعه الكارثي وان العام 2024 سيكون عام الانهيار والكبير اذا لم ينتخب رئيس للجمهورية وتشكل حكومة تجري اصلاحات فان الفوضى ستعم اكثر وستتصاعد الهجرة وقد لا تتمكن القوى العسكرية والامنية من اداء واجبها مع ما سيشهده الشارع اللبناني من اقتتال وجرائم.


الديار