خاص- عن مطالعة البخاري في باريس حماية للطائف ..وكواليس الحاجة للقاء دار الافتاء..؟- سيمون أبو فاضل

  • شارك هذا الخبر
Monday, September 26, 2022

خاص- الكلمة أونلاين
سيمون أبو فاضل

احتل لقاء دار الافتاء الذي دعا اليه مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان وتلته زيارة النواب السنة للسفير السعودي الدكتور وليد البخاري، مساحة واسعة في الأوساط السياسية والإعلامية ...

فحيال الانتقاد المتواضع الذي واجه اللقاء وعمدت لاستغلاله قوى الممانعة، فهو لم يطغى على ابعاده الاستراتيجية، في مرحلة الاستحقاق الرئاسي والتحسب للفراغ الذي قد يوصل الى نظام جديد يهدد كيان لبنان، وكذلك ضرورة وجود حكومة لمواكبة هذا الشغور وتحدياته طالما ان التلاقي الداخلي -الخارجي موحد حول ارتفاع مؤكد بعدم انتخاب رئيس للجمهورية في المدى القريب ...

و سجل نواب تغييريون تحفظَهم على اللقاء لاعتبارهم انه يشكل اصطفافًا مذهبياً، من شأنه ان يعزز هذه الاصطفافات في البلاد، عدا ان ترشحهم الى النيابة لم يكن منطلقه مذهبي والمشاركة في اللقاء لن يتقبلها ناخبيهم لاكثر من سبب، ما يُرتِب عليهم تداعيات في المستقبل..
في المقابل، تبدو قناعة المقاطعين غير مبررة لدى شريحة من المشاركين ، لأن البلاد امام تحديات تغيير هوية ونظام، وان اجتماع دار الفتوى و لقاء السفير السعودي، يحملان ابعاداً استراتيجية تهدف لتثبيت الطائف والحفاظ على هوية لبنان العربية، بعيداً عن تجاذبات تجاوزتها الانتخابات النيابية ...

فالطائفة السنية على سبيل المثال، قدمت الكثير من ابنائها شهداء للحفاظ على هوية لبنان، منهم رئيسي الحكومة رياض الصلح ورفيق الحريري، مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ حسن خالد، الشيخ العلامة صبحي الصالح، اللواء وسام الحسن، الدكتور محمد شطح والعديد من الشهداء من كافة الأوساط والمناصب، وهي لن تتخلى عن دورها ومسؤوليتها مهما كلفها الأمر من تضحيات .
ثم ان الذين قاطعوا وممكن تفهم خطوتهم وابعادها، وصلوا الى مناصبهم النيابية عن مقاعد الطائفة السنية حصرًا، وليس اللقاء لفريق من ٨ او ١٤ آذار ليتخذوا موقف المقاطعة، اذ عليهم ان يحموا وجود الطائف الوطني في ظل الرغبة في تجاوز دوره وتحجيمه، لان استمراريتهم من استمراريتها والعكس كذلك.

ان المشاركة السنية الواسعة امنت حماية تثبيتاً لاتفاق الطائف بعد مرحلة تعدي عليه ، وافقدت رافضيه او الساعين لتعديله ورقتهم، بعد اتساع مؤخراً هذا المنحى، واتت خطورتَه بكشف رئيس الجمهورية ميشال عون امام وفد فرنسي عن رغبته في ذلك، وتكرار رئيس تكتل لبنان القوي النائب جبران باسيل مرارا ًرغبته بتعديل النظام، واحداها ابان اعلانه عن مرشحي التيار الوطني الحر، للانتخابات النيابية، ليأتي كلام نائب امين عام حزب الله يومها الشيخ نعيم قاسم واضعاً الطابة في ملعب باسيل، بقوله نحن لا نريد تعديل النظام، لكن اذا ارادوا حلفائنا ذالك فسندعمهم.

لا يمانع باسيل بلعب دور المبادر في هكذا خطوة، اذا كان ثمنها وصوله الى قصر بعبدا، لان تكرارَه للكلام في ظل اعتراض وانتقاد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، وتبلغه مباشرةً رفضَه له لدليل واضح على ان باسيل مستعد لنسف النظام الحالي كما كان الامر مع عمه العماد عون، وذلك نتيجة معاركه ابان توليه رئاسة الحكومة الانتقالية ...

وثمة امر لم يخرج الى العلن حول خلفية لقاء دار الافتاء الحامي للنظام والسيادة حسب نواب شاركوا باللقاء، وهو ان عدداً من النواب السنة قصد السفير البخاري بعيد الانتخابات النيابية الاخيرة، متمنياً عليه تنظيم واقعهم في ظل الحالة السنية الحالية، لان المرحلة مليئة بالاستحقاقات ويأملون منه ترتيب علاقاتهم بين بعضهم ضمن اي اطار، منعاً لسقوط الطائفة في دورها امام الاستحقاقات الكبرى، ولانهم لا يريدون مقاربة الاستحقاقات دون اطلاع على تطورات وتحولات حيث تبقى السعودية قبلتهم في هكذا ظرف وطني، لانهم على ثقة بانها تقدم باستمرار على تحقيق مصلحة لبنان وشعبه ..
واذا كان اي تعديل للطائف لن يحصل سواء كان ذلك على البارد ام على السخن رغم كل الكلام، كما حصل قبل التفاهم على وثيقة الوفاق الوطني، ام تسوية الدوحة، فذلك يعود لعدم استعداد نواب الطائفة واي من فعالياتها للمشاركة في هكذا مؤامرة، لا سيما بعد الحضور السعودي في الملف اللبناني مؤخراً .
لكن يبقى اللقاء السعودي -الفرنسي الرفيع المستوى الذي انعقد في باريس للمسؤولين الذين يتابعون الملف اللبناني، هو المحطة التي شكلت طيًا نهائياً للتداول في هذا الامر، حيث كشفت معلومات بانه خلال اللقاء توجه السفير البخاري لمسؤول فرنسي رفيع بمطالعة مسهبة مفادها، "...نسمع كثيرا من قبل من يُعتبرون في لبنان على صلة بالجانب الفرنسي بان باريس تسعى وتدعم تعديل اتفاق الطائف،وان هذا الكلام يزداد يوماً بعد يوم، وينسبون الكلام اليكم، ان تعديل هذا الاتفاق دونه محاذير ومخاطر ...."

وقد شكلت توضيحات البخاري عن تداعيات التلاعب بالاتفاق، بمثابة اقفال باب التعديل ورمي مفتاح القفل، فكان توظيحوالجانب الفرنسي لسفير المملكة في لبنان ، "بان الادارة الفرنسية لا تطرح الامر ولا تود تعديل اتفاق الطائف وهي تدعم التمسك به من قبل كافة القوى وان موقفها بمثابة التعهد الدائم ، اذ منذ حضوره الى لبنان لم يتوقف هذا الدبلوماسي السعودي المخضرم عن الدفاع بهدوىه عن اتفاق الطاىف ..
لكن التفرد او التمايز الفرنسي ضبطه، اللقاء الثلاثي الاميركي-الفرنسي-السعودي في نيويورك حول مستقبل لبنان، واحترام استحقاقاته الدستورية، بعد ان عمدت كل من واشنطن والرياض لفرملة انحياز باريس في اتجاه ايران، نتيجة سياسة الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون المتقاربة جداً من ايران وحلفائها في المنطقة لاعتبارات اقتصادية-تجارية على حساب المبادئ الفرنسية .