خاص - دَعسات مارونيّة ناقصة.. ودَعسات ساقطة! - المخرج يوسف ي. الخوري

  • شارك هذا الخبر
Sunday, August 7, 2022

خاص - الكلمة أونلاين
المخرج يوسف ي. الخوري

أردّد مع غبطة أبينا البطريرك مار بشارة بطرس الراعي: "كفّوا عن تسمية المواطنين اللبنانيّين المتواجدين في فلسطين المحتلّة “بعملاء”.
أردّد مع أمين سر اللّجنة التنفيذيّة لمنظمة التحرير الفلسطينيّة، حسين الشيخ، تعبيره "رئيس وزراء إسرائيل"، كما أردّد مع مدوّر الزوايا نبيه برّي قوله "دولة إسرائيل"، وما أَمقتنى لكلام الكتائبي سليم الصايغ وهو يتزلّف بالقول عن الجنوبيين المُبعدين إلى إسرائيل: "المُبعدين إلى الأراضي المحتلّة".
وأردّد مع العماد المَنفي ميشال عون قوله، غداة احتلال حزب الله لجنوب لبنان: "الوضع معقّد لأنّ مَن يُديرون البلد اليوم ليسوا وطنيين، وإنّما هم عملاء يُحاكمون أناسًا يعتبرونهم "عُملاء"".

كنّا نتوقّع أن يُهان المطران موسى الحاج على حاجز الحدود الإسرائيلي بتهمة تهريب الأموال والأدوية من إسرائيل، وليس على حاجز الناقورة اللبناني. فإخراج الأموال والأدوية من إسرائيل يمسّ باقتصادها وبأمنها الصحي، وبالمقابل يخدم الاقتصاد اللبناني المُحتاج إلى كلّ فلس بالعملة الخضراء، كما يلبّي حاجة بعض المرضى اللبنانيين الذين حُرموا من رعاية دولتهم التي جماركها وأجهزتها الأمنيّة أباحوا تهريب أدويتها وخبزها وسلعها المدعومة، إلى سوريا عبر الحدود الشرقيّة.

يا لسخريّة القدر، إسرائيل "العدوّة" وعناصر جيش لبنان الجنوبي "العملاء"، يُعطونك! سوريا "الشقيقة"، وحزب الله "المقاوم"، والقضاء "اللبناني"، يأخذون منك!

لو كُنتُ المطران موسى الحاج، لَما نزلتُ من سيارتي إلّا مكبّلًا بالأصفاد، وبالقوّة. ليس لأنّي مطران، بل لأنّ هناك اتّفاق مع الأمن العام اللبناني ينظّم إخراج المساعدات من إسرائيل، وأنا لم أخالفه. لو كنتُ المطران الحاج لَما سلّمتهم جواز سفري إلّا بعد أن يتمزّق وهم ينزعونه من يدي بالقوّة، وكذلك كنتُ فعلتُ بالنسبة إلى هاتفي المحمول. وأيضًا ليس لأنّي مطران، بل لأنّي أعرف ألاعيبهم السوداء، وأعرف ماذا حصل بعدما انتزعوا باسبور عامر فاخوري البريء، وكذلك أعرف كيف اخترقوا خليوي زيّاد عيتاني وألبَسوه تهمة العمالة.

أتعرف يا سيّدنا الحاج أنّ احتجاز باسبورك يعني أنّك الآن في إقامة جبريّة تحت رحمتهم، تمامًا كما حصل مع فاخوري؟ والله أعلم بأيّة معلومات سيشحنون هاتفك المحجوز لتلفيق تهمة لك، على غرار ما حصل مع عيتاني.

أمّا وقد تغاضى سيّدنا الحاج عن تكسير سلع الهيكل على رؤوس التجّار الكفرة، مكتفيًا بإدارة خدّه الأيسر للمعتدين على كرامته وعلى حاجة الأبرياء، فهو بذلك قد رمى الكرة في ملعب البطريرك الراعي الذي لو كنتُ مكانه لَمَا اعتبرتُ الفِسق بحقّ المطران الحاج مَسًّا شخصيًّا بي، لا بل كنتُ اعتبرته فجورًا بحقّ طائفة الموارنة، ومؤامرة ضدّ ما يُسمّى بالسلم الأهلي، وتعرّضًا لعيشنا معًا جرّاء الكيل بمكيالَيْن.

لو كنتُ بطريرك الموارنة، لَمَا أوَيت إلى فراشي في تلك الليلة الظلماء، إلّا وقد سدّدت من مال البطريركيّة المارونيّة كلّ الأمانات النقديّة التي اغتُصِبَت خداعًا من المطران، وصارخًا بوجه المسؤولين كافة في الدولة، بمَن فيهم المسيحيين والسياديين والتغييريين، "فَلّا تطأ أقدامكم درج صرح الموارنة إلّا وفي حوزتكم مال الفقراء والمظلومين لكي تُسدّدونَني إياه". (يُهمس في الكواليس أنّ بكركي بصدد خطوة من هذا النوع).

لو كنتُ بطريرك الموارنة لَمَا اكتفيتُ بإعلاء الصوت ووضع شروطي للحلّ، وكنتُ أردفتُ مهدّدًا بماذا سأفعل في حال لم تُحترم شروطي. ولو كنتُ البطريرك لَصغت شرطيَ الرابع المتعلّق بالمُبعدين إلى إسرائيل على الشكل التالي: "هؤلاء ليسوا عملاء، وآن الأوان ليعودوا إلى ديارهم مرفوعين الرأس من دون شروط مُسبقة، أسوة بما تعاملتم به مع أحمد الخطيب، وشوقي خيرالله، ومحسن ابراهيم، وحبيب الشرتوني وغيرهم مِمَن اقترفوا المعاصي بحقّ لبنان، باسم القضيّة الفلسطينيّة، من كمال جنبلاط ورشيد كرامة إلى نبيه برّي، وكانوا أداة تخريبيّة في يد البعث السوري".

لَو كنتُ بطريرك الموارنة لَقُلتُ كلمتي وأغلقتُ أبواب صرحي وانتقلتُ إلى صومعة في جبال لبنان وأضربت عن الطعام حتّى تنفيذ شروطي أو الموت شهيدًا.

ولو كنتُ سمير جعجع، صاحب أكبر تكتّل نيابي مسيحي، والمُفترض أنّي أحمل مبادئ الجبهة اللبنانيّة، لَصَعَّدت مواقفي لتعلوَ على مواقف البطريرك الماروني بخصوص قضيّة المطران الحاج، وليزعل مَن يزعل وليرضى مَن يرضى. لَمَا كنتُ سمحتُ للجبهة السياديّة أن ترشّحني إلى رئاسة الجمهورية من دارِ معراب والموارنة يعيشون في مذلّة.

لو كنتُ الحكيم وحكيمًا، لَمَا اكتفيتُ في المؤتمر الصحفي الأخير بأن أوصّف ربع المُشكلة وأخرج من مؤتمري من دون أن آتي على ذكر قضيّة المُبعدين إلى إسرائيل والدعوة إلى وضع نهاية لاستغلالها بهدف زرك المسيحيين بتهم العمالة، وتماديًا في عزلهم والحدّ من دورهم الوطني.

لو كنت الحكيم، لَمَا استجديتُ تحالفات مستحيلة في برلمان محكوم من صاحب الزمان والقرار، حسن نصرالله، وكنتُ علّقت أيّ حديث عن رئاسة الجمهوريّة قبل إعادة مسروقات الناس، وكنتُ رجعتُ إلى قلعتي في دير القطارة، داعيًا القوّاتيين إلى العصيان المدنيّ والتحرّك في الشارع. فإذا كُنتُ مستحقًا للجمهوريّة القويّة، سيلحق بالقوّات كلّ المسيحيين لاستعادة اعتبارهم، وليس فقط الـ 11.5% من بينهم الذين انتخبوني، فيُصبح دير القطّارة محجًّ الخلاص للبنانيين وليس ساحة النجمة ورئاسة الجمهوريّة.
هكذا فعل شارل ديغول الذي لم يقبل الترشّح إلى رئاسة فرنسا إلّا بعد توسيع صلاحيات رئيس الجمهوريّة، وهكذا فعل ونستون تشرشل الذي اقتبستَ عنه يومًا، يا حكيم، مقولته "أينما أجلس يكون رأس الطاولة". وهكذا سنمتحن إذا كان رأس الطاولة هو فعلًا للجمهوريّة القويّة أم لا.

ولو كنت جبران باسيل حامي المسيحيين ورافع راية مشرقيّتهم، لاكتفيتُ بالذهاب إلى السيّد حسن نصرالله وبسؤاله: What’s next Sir?

يحضرني هنا يوم تجرّأ الفلسطينيون واعتدوا على دير الناعمة عام 1976، وطردوا رهبانه المسالمين العُزّل، فخرج الأباتي شربل قسيس رافعًا صوته الجهوري مهدّدًا، "إذا لم يخرج الفلسطينيون قبل صباح يوم غدٍ من دير الناعمة، ويعود الرهبان إليه، فلن يبقى فلسطيني واحد على ارض مخيّم في المناطق الشرقيّة". ليلتها لم يَنَم ياسر عرفات، ولا موسى الصدر، ولا رئيس الجمهوريّة، ولا أعضاء الجبهة اللبنانيّة، إلّا وتأكدوا أنّ المعتدين على الدير خرجوا منه. وليلتها أيضًا "ما نام الأباتي".

"صار بدّها القصة موارنِه، مِش مرشّحين عَ رئاسة الجمهوريّة"، وإلّا السلام على الجمهوريّة.