د. توفيق هندي- ملاحظاتي حول وثيقة الإئتلاف المدني اللبناني

  • شارك هذا الخبر
Friday, April 30, 2021

1) لا شك أن الوثيقة السياسية والبرنامج الإنقاذي يشكل جهدا" يشكر عليه القيمين على الإئتلاف المدني اللبناني، وهو يوثق طروحات الثورة منذ بدايتها بشكل منطقي وعلمي دون أن يغفل الشق السيادي من المطالب.

2) غير أن هذا الطرح يفتقد إلى مقاربة خريطة طريق مبنية على موازين القوى التي تتحكم بحركة الواقع. ولربما تجربتي الطويلة في العمل الوطني في تنظيمات سياسية-عسكرية علمتني أهمية تأثير موازين القوى على مسارات الأوضاع، كما علمتني أن المكون الرئيسي لموازين القوى هو المكون العسكري-الأمني، بالتأكيد إلى جانب المكون السياسي والشعبي والإقتصادي.
من هنا، الحديث عن قوة التوازن بدلا" من توازن القوى يبدو لي كلام شاعري جميل ولكن لا علاقة له بالواقع الملموس.

3) لا ترتيب للأولويات في البرنامج، وبشكل خاص لا أولوية للشق السيادي. ولا ذكر لحزب الله بالإسم وللإحتلال الإيراني ولخضوع الطبقة السياسية المارقة لسطوته.

4) حزب الله يمتلك السلاح وسطوته على المؤسسات الدستورية الثلاث (رئاسة الجمهورية، البرلمان، الحكومة) وعلى الدولة العميقة مباشرة و/أو من خلال الطبقة السياسية المارقة.

5) إن المطالبة بإنتخابات مبكرة أو في وقتها وتحت رقابة دولية، لن تحصل طالما حزب الله ممسك بسلاحه وبمفاصل الدولة. في هكذا ظروف، لن تجرى أي إنتخابات لأن الحزب لن يخاطر بإمكانية فقدان الأغلبية، لا سيما أن التيار الوطني الحر لن يحصل على عدد المقاعد التي يتمتع بها الآن. ولا معنى لإجراء إنتخابات تحت وطأة السلاح ولا فعالية لأي أغلبية تحت سطوته. وتجربة 14 آذار عام 2005 تثبت ذلك. كما أن الطبقة السياسية المارقة لا تزال تمتلك عناصر القوة (الخبرة الإنتخابية، الماكينات الإنتخابية، المال، إمساكها بالدولة العميقة وبالطبع سطوة سلاح الحزب). وبالإضافة إلى ذلك، فإن إجراء الإنتخابات قبل التخلص من الإحتلال الإيراني والطبقة السياسية المارقة يعطيها مجددا" الشرعية الدستورية والمشروعية الشعبية التي أفقدتها إياها الثورة.

6) أما، المطالبة بحكومة إختصاصيين مستقلين، فهي وهم يستند إلى مساندة لفظية من مجتمع دولي يريد حتى الساعة، تشكيل حكومة تضع لبنان بالعناية الفائقة لكي لا يتطور الوضع فيه بشكل دراماتيكي بحيث يصبح قنبلة موقوطة تضرب الأمن والإستقرار في المنطقة وتجبر القوى الدولية والإقليمية إلى تدخل فعلي ومكلف لها تريد تفاديه.
ولكن التقدم بعملية "صوملة" لبنان، وهي وشيكة، سيؤدي حتماً إلى تقوية حزب الله وبالتالي زيادة فعاليته في زعزعة الاستقرار في المنطقة، في ظل سياسة إيرانية صدامية تستند إلى هرولة أميركية للعودة إلى الإتفاق النووي، مما سوف يؤدي إلى تهديد مصالح الدول في الإقليم والعالم. كما مرجح أن توقظ هذه "الصوملة" الخلايا النائمة الجهادية في المخيمات السورية والفلسطينية وبعض الأوساط اللبنانية وتعزز الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا على وجه الخصوص. حينها سيضطر المجتمع الدولي والقوى الإقليمية عامة والعالم العربي خاصة إلى التدخل الجدي لنزع فتائل التفجير.

7) إذن، لم تعد المشكلة اللبنانية حصرا" لبنانية.
لقد أصبح لبنان قنبلة موقوتة للأمن والاستقرار والسلام في المنطقة والعالم.
وبالتالي، فإن خارطة الطريق لإنقاذ لبنان ستكون مفيدة للأمن الإقليمي والدولي والاستقرار والسلام.
نقترح إعتماد خريطة الطريق التالية لخلاص لبنان:
أ) إتخاذ وتنفيذ قرار لمجلس الأمن يضع القرارين 1559 و 1701 تحت الفصل السابع ويوسيع مهام اليونيفيل.
ب) إتخاذ قرار أممي بإخضاع لبنان لانتداب دولي مؤقة وفق الفصلين 12 و 13 من ميثاق الأمم المتحدة أو من خلال إستخدام إجرام السلطة اللبنانية بحق الشعب اللبناني وعدم إحترامها لحقوقه الإنسانية.
ج) في إطار الوصاية الدولية المذكورة أعلاه ، تشكيل سلطة عسكرية مدنية مؤقتة مشكلة من نخبة من المدنيين والعسكريين منهم في الخدمة ومنهم متقاعدين، على غرار ما حدث في السودان، تعلق الدستور وتعمل تحت إشراف دولي لتطهير جميع مؤسسات الدولة من الزبائنية السياسية والفساد، والعودة إلى إنفاذ الدستور. فقط عندها، تجرى الانتخابات النيابية وفقًا لقانون جديد. تليها انتخابات رئاسية وتشكيل حكومة تمهد الطريق لرفع الوصاية الدولية واستعادة لبنان عافيته في كل الميادين على كافة المستويات.

8) عند رفع الوصاية الدولية، بعد القيام ب"العزالة الكبرى" التي تحدثت عنها في المقطع 7)، يصبح برنامج الإئتلاف صالحا" لتكوين سلطة جديدة ووضع لبنان على سكة الإصلاح الفعلي والإزدهار.