الشيخة حصة الحمود السالم - وداع حزين وإرث ناصر العظيم

  • شارك هذا الخبر
Thursday, December 24, 2020

ما كاد الشعب الكويتي يستفيق من صدمة رحيل المغفور له بإذن الله سمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، طيب الله ثراه، حتى غيّب الموت نجله الأكبر الشيخ ناصر صباح الأحمد، رحمه الله، والذي كان بحق على نهج والده كرجل لا يعرف إلا الحق والحزم والثبات والرؤية الثاقبة والحس الوطني الرفيع، لقد خسرت الكويت برحيله رجلا قلما يجود الزمان بمثله، ولمَ لا وقد اجتمع على حبه الشعب الكويتي بجميع أطيافه وهو الذي لم يبخل يوما بجهد لخدمة وطنه العزيز.

لقد رحل عنا رجل التنمية والثقافة والديبلوماسية وخسر الوطن درة أخرى من درر عقده الفريد الذين حملوا على عاتقهم هموم وأحلام وطموحات الشعب الكويتي في الماضي والحاضر والمستقبل.

ولد الشيخ ناصر صباح الأحمد في ٢٧ نيسان ١٩٤٨ وظل طوال حياته عازفا عن العمل السياسي والمناصب متفرغا للمشاريع الاقتصادية التي تسهم في تنشيط الحركة الاقتصادية بالكويت والخليج وفتح أفق للاستثمار وفرص العمل، حيث ساهم في إنشاء العديد من الشركات القابضة والبنوك وظل كذلك في المجال الاقتصادي حتى تم تكليفه في كانون الول ١٩٩٩ بمنصب المستشار الخاص لولي العهد ورئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ سعد العبدالله، رحمه الله، وفي فبراير ٢٠٠٦ تم تكليفه بمنصب وزير شؤون الديوان الأميري، وفي كانون الأول ٢٠١٧ تم تكليفه بمنصب النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع حتى تم إعفاؤه من منصبه بمرسوم أميري في نهاية كانون الأول ٢٠١٩ وتعيينه في منصب نائب رئيس المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية.

وفي حياة الراحل العظيم محطات مهمة عظيمة لا يتسع المقال لذكرها، أبرزها تأسيسه لدار الآثار الإسلامية عام ١٩٨٣ بالتعاون مع حرمه الشيخة حصة صباح السالم والتي تحوي ما يربو على ٢٠ ألف قطعة أثرية متنوعة للحضارة الإسلامية من الصين الى الأندلس على مدار ١٣ قرنا هجريا، وهو ما يعكس عشقه وولعه بالآثار وما أنتجته الحضارة الإنسانية على مدار تاريخها، وهو عضو فخري في مجلس أمناء متحف المتروبوليتان، وشارك في افتتاح متحف الشارقة الإسلامي عام ٢٠٠٨، وافتتح الجناح الخاص بالآثار الكويتية، كما شارك في افتتاح متحف قطر الوطني عام ٢٠١٩، وقام الراحل العظيم بتأسيس جمعية الحفاظ على المال العام الكويتية عام ١٩٩٧ والتي ظل رئيسا لمجلس أمنائها حتى رحيله وهي إشارة مبكرة لحربه ضد الفساد وسرقة المال العام والتي كشف لنا أخطرها عندما تولى الحقيبة الوزارية لوزارة الدفاع.

ولكن المحطة الأبرز في حياة الفقيد العزيز هي توليه مسؤولية الإشراف والتنفيذ لرؤية ٢٠٣٥ لمستقبل الكويت الاقتصادي والتنموي في مرحلة ما بعد النفط، وهي التي تهدف بالشراكة مع العملاق الصيني إلى تنفيذ مشروع مدينة الحرير وتنمية المنطقة الشمالية والجزر الكويتية برأسمال استثماري يقدر بـ ٨٦ مليار دولار بهدف تحويل الكويت الى مركز جذب استثماري عالمي، وهو المشروع الذي سيخفض قيمة الإنفاق الحكومي بل ويسهم في تمويل الميزانية العامة للدولة كما سيسهم في حل المشاكل المرورية والبيئية والاجتماعية ويخلق فرص عمل لآلاف من الشباب الكويتي ويحقق أحلام وطموحات الشعب الكويتي وهي مهمة ثقيلة لا يتحملها إلا رجال من أهل الخبرة كالراحل العظيم الشيخ ناصر الصباح والذي واجه اعتراض المعترضين من بعض النواب والسياسيين لتنفيذ هذه الرؤية المستقبلية بحجة إهدار المال العام، لكنه كان شديد الحماس للتجربة التي ستنقل الكويت نقلة كبيرة في كافة المجالات، ولكن القدر لم يمهله ليرى مشروع حياته وثمرة خبراته.

والحقيقة أن محاولة الإلمام بنذر يسير عن سيرة الشيخ ناصر الصباح أمر شاق وعسير لما تركه الراحل من إرث عظيم في كافة المجالات وهو كالجندي المجهول كان لا يحب الظهور والحديث عن إنجازاته، ولكن أبناء الكويت يعلمون قدره وما قدمه لوطنه الحبيب، ولا نملك إلا أن ندعو الله العلي القدير أن يجازيه عنا خير الجزاء وأن يتغمده بواسع رحمته وفضله وأن يعوضنا خيرا في فقد قادتنا ورجالنا الذين فارقونا جسدا ولكن أرواحهم تحلق في سماء وطننا الحبيب.


الأنباء