شادي هيلانة- بعد سقوط ورقة التين ..لبنان الملعب البديل عن اليمن !

  • شارك هذا الخبر
Saturday, October 17, 2020



كلمة السلام اقل كثيراً من الكلفة التي تستهلكها الحرب، وتقريب الحوار كمنهج حضاري مدني لا مجال للتنكر له، لكن للأسف هناك جهة فاعلة في ميليشيا الحوثي تحاول أن تعرقل الحوار، إما بمطالب عالية أو بإفتعال مشكلات وانتهاج سياسة التعنّت، فهي تابعة لإيران التي تشكّل أحد أسباب إعاقة التوصّل لتسوية سياسية في اليمن..


انتصرت لغة السلام أخيراً من خلال تنفيذ كامل لصفقة تبادل الأسرى بين الحكومة الشرعية وميليشيا الحوثي بإطلاق سراح مئات الأسرى في أكبر تبادل من نوعه منذ بدء الصراع عام 2015.

امّا في لبنان فتكثر عربة الشروط التحاصصية المفخخة والسعي لإعادة خلط الأوراق، وإعادة المشاورات إلى المربع الأول من دون العمل على تخطي العقدة التي أطاحت بالرئيس المكلف مصطفى أديب، في وقت يتطلع فيه اللبنانيون بلهفة لتشكيل حكومة تنتشل البلاد من مخاطر الانهيار المحدق، في ظل تصاعد دراماتيكي للأزمات على مختلف الصعد الصحية والاقتصادية والمالية والاجتماعية.

اعتقدنا أن مسار الترسيم الحدودي سيفتح الأبواب للترسيم الحكومي بتراجع الأحزاب عن مواقفهم المتصلّبة عبر مراجعة الذات، توصّلاً إلى تعديل رؤيتهم لمصلحة لبنان أولاً، لكن للأسف فإن تكليف رئيس حكومة جديد لم يكن ناضجاً بعد عند فريق بعبدا.

- الطابة اليمنية في الملعب اللبناني

فبعد سقوط ورقة التين من ايديهما في اليمن، لا يريد «حزب الله» وراعيه الإيراني الحرب في لبنان لأسباب كثيرة، وبالتالي فإن الوضع الراهن يعمل لصالحهما بشكل جيد على المدى القصير. ولا تزال طهران متعنتة في تثبيت وجودها على الساحة اللبنانية، حيث تعتبر لبنان أكثر أهميةً من البلدان الأخرى، لأن إيران تريد مواصلة استخدامه كجهاز عمليات مستقر للصراعات الإقليمية.
إذ تتمتّع جميع الاذرعة الشيعية الإيرانية المسلحة بوجود قوي في لبنان، وتقوم على نحو متزايد بإنشاء مكاتب سياسية ومؤسسات إعلامية داخل الضاحية الجنوبية في بيروت. كما أنها تتلقى تدريباً عسكريا
، غالباً على يد عناصر من «حزب الله».

ويبقى الحفاظ على استقرار لبنان مهماً في منطقة تعجّ بالحروب الطائفية. ولكن أي حالة من الهدوء تؤدي إلى تمكين إيران ولا تتمكن من مواجهة «حزب الله» لن تكون سوى مرحلة انتقالية. وبالمثل، لا يمكن للاستقرار أن يحمي السياسة أو الاقتصاد في لبنان إذا كان يمسّ بالحريات الديمقراطية ويعزز الفساد.
بل على العكس من ذلك، سيؤدي إلى زيادة حدّة التوتر بين الطوائف وسيلحق الضرر بالمؤسسات اللبنانية. لذلك، يتعين على المجتمع الدولي أن يكثف دعمه للاستقرار مع التركيز على إصلاح مؤسسات الدولة من أجل حماية قيم الحرية والتنوع التي يعتزّ بها لبنان. ولعل الأهم من ذلك أنه يجب أن تكون سياسة النأي بالنفس التي اصر عليها الحريري من قبل، مع حياد لبنان في النداء المدوي الذي اطلقه البطريرك الماروني بشارة الراعي، لانقاذ البلد ولم يلقي قبولاً ونوايا نظيفة من الطرف الآخر.
فإن عاد سعد الحريري على رأس الحكومة برعاية الحزب والضغوط الدولية، هل سيأخد قرارات مصحوبةً بتدابير أكثر حدّة ضد «حزب الله» وعملياته الإقليمية ؟ على الرغم من أن ذلك يبدو مستبعداً نظراً لخطواته الأخيرة.


البلد الصغير ذي التركيبة "الهشّة"، لا يمكن تشكيل الحكومة من دون توافق القوى الكبرى، إذ يقوم النظام السياسي على أساس تقاسم الحصص والمناصب بين الطوائف والأحزاب.

ولطالما كان تشكيل الحكومة مهمة صعبة في لبنان، إذ احتاج الحريري عام 2009 إلى خمسة أشهر لتشكيل حكومته، مقابل عشرة أشهر لرئيس الوزراء السابق تمام سلام بين عامي 2013 و2014.

ويثير التأخر في تشكيل الحكومة خشية مع تدهور الوضع الاقتصادي المتردي، بعد تأميم مراكز النهب الكبرى في البلاد، وهي معروفة «للكبير والمقمط بالسرير»، ومن شأن الإسراع في ولادة الحكومة أن يفتح الطريق أمام لبنان للحصول على منح وقروض بمليارات الدولارات تعهد بها المجتمع الدولي دعماً لاقتصاده المتهالك في مؤتمرات دولية، أبرزها "مؤتمر سيدر" الذي استضافته باريس في نيسان الماضي.
شادي هيلانة