د. عامر مشموشي - رهينة

  • شارك هذا الخبر
Saturday, November 16, 2019

في الساعات الأربع والعشرين ساعة الماضية تحدثت وسائل الإعلام عن التوصّل بين الرئيس سعد الحريري والثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر إلى تسوية تقضي بتكليف الوزير السابق محمد الصفدي تشكيل حكومة مختلطة من اختصاصيين وسياسيين تأخذ على عاتقها مسؤولية إخراج البلاد من الأزمة التي يتخبّط فيها، وأوردت الأنباء المتداولة معلومات مفادها ان الرئيس الحريري قَبِلَ بهذه التسوية وباركها، وان رئيس الجمهورية سيبادر إلى تحديد موعد الاستشارات النيابية الملزمة لاستكمال إجراءات التكليف خلال الساعات القليلة المقبلة. هذه المعلومات التي تمّ تداولها في وسائل الإعلام، نزلت كالصاعقة على الشارع المنتفض على السلطة منذ أربعة أسابيع لإجبارها على الإستجابة للحد الأدنى لأهدافه ألا وهي الإتيان بحكومة من أشخاص اختصاصيين يتمتعون بالخبرة والصدقية والنزاهة ونظافة الكف بما يُعيد الثقة المفقودة بين الشعب الثائر وبين هذه الطبقة التي أفقرته وأوصلته إلى حالة الثورة.

لم يصدر عن الرئيس الحريري أي توضيح في هذا الصدد، الأمر الذي رفع منسوب الثورة الشعبية في الشارع ووصل إلى حدود المواجهة مع الجيش والقوى الأمنية الأخرى المولجة بحفظ الأمن، وازداد من صحة المعلومات المتداولة، ورفع وتيرة الثورة الشعبية إلى ما لا تحمد عقباه خصوصاً وان الشخصية التي قيل انها كانت محور التسوية تنتمي إلى المنظومة نفسها التي يرفض الثائرون عودتها إلى الإمساك بالسلطة وإدارة دفة الحكم نحو شاطئ الأمان الذي يرضي طموحاتهم، لكن ومع تقدّم الساعات بدأت تتوضّح إلى الرأي العام اللبناني شيئاً فشيئاً، وتكشف عن حقيقة موقف الرئيس الحريري من العرض الذي طرحه عليه ممثلا الثنائي الشيعي الوزير علي حسن خليل والسيد حسين الخليل، ومفاده أن الحريري اكتفى بتلقّي العرض من موفدي الثنائي الشيعي ولم يبلّغهما رأيه فيه، تاركاً ذلك إلى الاستشارات النيابية التي ستجري لتسمية الرئيس الذي سيكلّف تشكيل الحكومة الجديدة، ما يعني بكلام آخر أنه لا يوافق على هذه التسوية لأنها لا تؤدّي إلى الحل المطلوب لإخراج النّاس من الشارع بقدر ما تزيد الوضع تعقيداً، لأن أقل ما يريده هؤلاء الناس هو حكومة لا يُشارك فيها أحد من المنظومة السياسية كونها المسؤولة الأولى عن ما آلت إليه الأوضاع من تردٍّ على كل المستويات الاقتصادية والاجتماعية وحتى الأمنية، والتي لم يعد ينفع معها أي «ترقيع» من هنا أو من هناك، كما تشي به التسوية المقترحة من الثنائي الشيعي الممثل بحركة أمل وحزب الله ومعهما بالطبع التيار الوطني الحر ومؤسّسه رئيس الجمهورية.

هذه هي حقيقة ما جرى، في ذلك الاجتماع الذي عُقد في بيت الوسط قبل ثماني وأربعين ساعة وكل ما قيل وسيقال عنه يدخل في باب التعمية عن الحقيقة أو جهر باب تصوير الأمور بأن الرئيس الحريري الذي قَبِلَ بالتسوية التي أوصلت الأوضاع إلى هذا المنعطف الخطر وهو نفسه قَبِلَ بتسوية جديدة سيترتّب عليها عواقب جدّ وخيمة على مجمل الأوضاع في البلاد. ويتعيّن على مخترعي هذه التسوية ومن سوّقوها في الشارع أن يتحمّلوا نتيجة ما يخططون له في الغرف السوداء ليحملوا أنفسهم ويستمروا في القبض على هذا البلد كرهينة لا أكثر ولا أقل.


اللواء