العميد المتقاعد طوني مخايل - الخطوة الاولى

  • شارك هذا الخبر
Friday, November 8, 2019

يُحظِر النظام العام في الجيش،تعاطي العسكريين السياسة،ويُمنع عليهم حتى ارتياد الاماكن التي يتواجد فيها اهل السياسة دون اذن مُسبق وتحت طائلة العقوبة.

حاولت القيادة منذ تأسيس هذا الجيش،وبقدر ما اسعفتها ظروفها وظروف البلاد تطبيق مقولة النأي بالنفس عن العمل السياسي اللبناني،ولكن بالرغم من ذلك، نالت المؤسسة العسكرية نصيبها من السهام،التي كانت تأتي معظمها من الطبقة السياسية،مما اثّر سلباً على الجيش،على معيشة العسكريين ومعنوياتهم،كما حصل في الآونة الأخيرة.

نتيجة لتدهور الاوضاع الاقتصادية والمالية في البلاد،ونتيجة لرفض المجتمع الدولي الاقتصادي والمالي منح لبنان المزيد من القروض، بدأت الحكومة مع مُواليها ومُعارضيها بالتفتيش عن مورد مالي للخزينة المثقوبة،ومن اجل ذلك بدأت حربها الإعلامية والنفسية،مُبشرة بالانهيار الاقتصادي،وبتدهور سعر صرف الليرة وبضرورة اعتماد سياسة تقشفية تُنقذ لبنان.

سياسة تقشفية،يعني موازنة تقشفية،وكان من الطبيعي ان تكون نفقات القطاع العام هدفاً لهذه السياسة،اما من غير الطبيعي ان يكون الجيش (الصامت الأكبر)الضحية الأكبر لهذه الموازنة.

لن اتحدث عن اللامساواة واللاعدل الذي لحِق بالمؤسسة العسكرية نتيجة ما يسمى بالسياسة التقشفية،فقد قيلَ الكثير دون أي نتيجة تُذكر.

عملت القيادة جاهدة للتخفيف من وطأة هذه السياسة،وتظاهر المتقاعدين من مختلف الرتب لنفس الهدف،وشَكَّلت هذه التظاهرات علامة فارقة في لبنان، كونها تحصل للمرة الاولى.
رَصَدت رادارات اهل السلطة هذه التحركات،وتَنبهت لمدى خطورتها وتميُزِها عن باقي الحراك المدني،لناحية التنظيم،اللاطائفية،رفاق السلاح في الخدمة الفعلية...

على اثر هذا الحراك، بدأت عملية التفاعل بين اهل السلطة ومتقاعدي الحراك، ونتج عن هذا التفاعل رغبة متبادلة، عند بعض المتقاعدين بالانخراط بالعمل السياسي (حق من حقوقهم المدنية)،وعند اهل السلطة لاستمالة العدد الأكبر من هؤلاء لجهتهم،ادى ذلك الى انقسام في الرأي وتشرذم المتقاعدين، وتوجه بعضهم للانتساب الى أحزاب السلطة ومعارضيها،مما أصاب الضعف حركة المتقاعدين،وربما مستقبلاً سيؤدي الى اندثارها ومعها المطالب والحقوق،وخاصة في هذه المرحلة الصعبة.

لذلك اقترح على قيادة الجيش التالي:
أولاً: العمل على نزع صفة الصامت الأكبر قدر الإمكان(مؤتمر صحفي في اليرزة، ناطق اعلامي باسم القيادة..) عند كل استحقاق تراه القيادة ذو أهمية،كي يكون الرد كلمة،صوت وصورة،وليس كلمة فقط.

ثانياً: الانخراط في العمل السياسي من بابه القانوني، بمعنى آخرتسمية عدد معين من الضباط المتقاعدين من مختلف الطوائف ومساعدتهم على الاستحصال على ترخيص لتأسيس حزب سياسي، ينضوي تحت رايته جميع المتقاعدين وعائلاتهم ومن يرغب من باقي اللبنانيين.

ثالثاً: قيام حملة إعلامية كبيرة تُروج لهذا الحزب،لمبادئه واهدافه:
-لا طائفي(مماثل لتركيبة الجيش).
- غير محدد بمنطقة جغرافية.
-تداول السلطة فيه.
-أهدافه وطنية،اجتماعية،معيشية.
-لا يقتصر فقط على المتقاعدين وعائلاتهم.

قد يكون هذا الحزب،لو كُتبت له الحياة، بداية الخلاص من الأحزاب الطائفية، او ربما يصبح مَرضاً مُعدياً لها،وتتبنى المبادئ والاهداف التي يُنادي بها، ويكون الخطوة الاولى في رحلة الالف ميل في تغيير التركيبة الداخلية للأحزاب التقليدية، تتبعها الخطوة التالية وهي احداث ثغرة في بنية هذا النظام السياسي الطائفي.